أيام قليلة، وتعود الحياة مجدداً لأكثر من 36 ألف مدرسة لمختلف مراحل التعليم العام تنتشر على امتداد الوطن، لتحتضن أكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة، بعد أن استقبلت قبل عدة أيام أكثر من 600 ألف معلم ومعلمة. هذه «العودة المباركة»، وبهذه الأرقام الضخمة، تُرافقها الآمال والطموحات، تماماً كما تواجهها الصعوبات والتحديات، تؤكد بما لا يدعو للشك، قيمة وأهمية وتأثير التعليم الذي يُعدّ أحد أهم مداميك التطور البشري. والكتابة عن التعليم، تحتاج للكثير من المقالات والدراسات والقناعات، ولكنني سأركز في هذه المساحة المتاحة وبشكل مباشر على «مثلث التعليم» والذي تُمثّل أضلاعه الثلاثة «طوق النجاة» لتعليمنا الوطني: الأول: وهو «شخصية المعلم»، إذ لا يكفي أن يحصل على الشهادات والمؤهلات الرفيعة، رغم أهميتها طبعاً، ولكنه بحاجة ضرورية ومستمرة للتدريب والتأهيل والصقل، إضافة إلى التعرف عن قرب على آخر التجارب والخبرات الحديثة لطرق التدريس ومناهج التعليم وممارسة التعليم الرقمي الحديث الذي يُعدّ النسخة الأحدث لوسائل التعليم الحديث، كل ذلك وأكثر من أجل أن يُمارس دوره القيادي والتربوي والتعليمي. الثاني: وهو «عصرية المناهج»، لتتناسب مع طبيعة هذا التقدم المعرفي والتسارع التقني، فلا يجب أن تتجمد المناهج الدراسية لسنوات طويلة، بل على العكس تماماً، فهي بحاجة ماسة للتحديث المستمر والتطوير الذكي، لتكون ملائمة ومتناغمة مع كل ما يستجد من أفكار وآراء ومعلومات وعلوم وفنون وآداب وابتكارات واختراعات. الثالث: وهو «تميز الطالب» الذي يُعد محور العملية التعليمية بأكملها، بل والمستهدف الأول في كل خطط واستراتيجيات التنمية الوطنية. لكي نحصل على جيل قوي وواعٍ يصنع مستقبل وطن لا بد من إعداد الطالب بشكل ذكي يتناسب مع إمكاناته ويتحدى قدراته، ليكون مبدعاً ومميزاً. تلك هي الأضلاع الثلاثة لمثلث التعليم الوطني التي تُمثّل الركائز الأساسية للنجاح والتميز والإبداع في مسيرة التنمية الوطنية.