في السنوات الأخيرة، يتعرض الكثير من المحسوبين على الإعلام الرياضي لموجات حادة من النقد من قبل الجماهير التي باتت تمتلك منصات تقدم رصداً لما يقوله ويكتبه معظم الإعلاميين الرياضيين، ومكمن هذا النقد هو تغير الآراء والتقلب حسب الظروف والأمزجة والأندية التي يدعمها معظم من يتم تقديمهم كنقاد رياضيين. وحتى لا أدخل في منطقة التعميم، فإنه من المهم التأكيد على أن عدداً محدوداً من النقاد والإعلاميين لا يزالون قادرين على التمسك بمبادئهم المهنية وتقديم آراء رصينة جديرة بالاحترام، غير أن الحديث هنا عن مجموعة ممن لا يجدون ما يمنعهم من تغيير الآراء بين حلقة تلفزيونية وأخرى. هذه التقلبات في الطرح تحمل معها العديد من الأسئلة عما يستدعي ظهور بعض المحسوبين على النقد الرياضي بهذه الصورة المخجلة، وأولى هذه التساؤلات يكمن في معرفة هؤلاء بأنهم محل نقد حاد وربما التندر على ما يطرحونه من آراء متناقضة وكيف أن هذا التغير يفقدهم المصداقية والثقة لدى المتلقي. أيضاً لا بد من التساؤل عن مبررات هذا التغير المستمر في الآراء والذي يمكن أن يكشفه أبسط مشجع يستطيع دمج لقطات الفيديو التي تكشف عن التناقض الصارخ، فهل هو تناقض مبني على تغير الألوان، أم الأمزجة أم أن العلاقات الشخصية مع المعنيين بهذه القضايا، أم أنه البحث عن الإثارة بأي ثمن من أجل كسب المتابعين على منصات التواصل الاجتماعي وإن كان على حساب المهنية والمصداقية والموضوعية في الطرح. ثمة قاعدة تقول: «إنه لا حياد في الإعلام»، أي أنه ليس مطلوباً من كل منتمٍ للإعلام أن يكون محايداً فالميول أمر طبيعي، لكن المطلوب هو أن يكون الطرح والرأي موضوعياً وقابلاً للنقاش، ولا أعلم إن كان هؤلاء الذين يُصنفون نقادا يدركون كل هذه الأمور والمبادئ عند ظهورهم على الشاشات أمام الآلاف وربما الملايين من المتابعين. هل يتابع هؤلاء المحسوبون على الإعلام والنقد ما يُقال عنهم وردود أفعال المتلقي على ما يطرحونه من آراء بعضها لا يقبله عقل وبعضها لا يمكن فهمه فضلاً عن احترامه، وهل يعلم هؤلاء أنهم يفقدون بهذه التقلبات الغريبة والآراء غير الموزونة ثقة واهتمام واحترام المتابعين بمجرد تبدل الآراء والمبادئ معاً بتبدل لون ذلك الفريق الذي هاجموه يوماً ليدافعوا عنه في اليوم الذي تلاه؟ نحن أمام واقع إعلامي مخجل في كثير من جوانبه، فمستوى الطرح ينحدر بشكل غريب والمسؤولون عن البرامج الرياضية هم المسؤولون أمام كل الجماهير، صحيح أن الإثارة مطلب مهم، لكن من غير المعقول أن يكون ذلك على حساب المهنية والموضوعية والمصداقية، وهنا لا بد من مطالبة مسؤولي القنوات باختيار الضيوف الذين يمكنهم إضافة قيمة لساعات البث، بدلا من استضافة بعض المحسوبين على إعلامنا الرياضي الذين لا يجيدون سوى رفع الصوت وطرح آراء غريبة وغير منطقية، إذ أصبح من غير المنطق أن نطالب هؤلاء بتعديل سلوكهم النقدي أو حتى تطوير أنفسهم لأن فاقد الشيء لا يعطيه.