أحيانًا نحتاج في البداية إلى طرح البدهيات؛ أول بدهية أفتتح بها مقالتي أن المرأة مواطنة وليست مجرد زوجة مواطن. والمواطَنة لغويًا على صيغة مفاعلة، هناك حراك بين الوطن والمواطِنة، والمساواة بين الرجل والمرأة متحققة قانونيًا، ففي النظام السعودي كله لم يكن هناك ما يمنع المرأة من الاستثمار مثلًا، كما لا يوجد فيه تمييز للرجل عن المرأة، سوى أنه كانت هناك بعض التعويمات النظامية العادية، لكن كصيغة قانونية ونظامية لا يوجد ما يميّز المرأة عن الرجل على المستويين القانوني والنظامي، باستثناء ما كان معمولًا به من تعميم داخلي في الجوازات يشترط موافقة ولي الأمر في حال الرغبة في السفر إلى الخارج. وقد قلت سابقًا ومرارًا وتكرارًا، وراهنت أن هذا العهد السلماني هو عهد الامتيازات والاستحقاقات التاريخية للمرأة السعودية. حينما قال عرَّاب مملكة الحاضر والمستقبل سمو ولي العهد كلمته الشهيرة: "أنا أدعم السعودية ونصف السعودية من النساء لذا أنا أدعم النساء" كُنَّا نظن أننا قد نحتاج إلى وقت أطول لنشاهد كل هذا التمكين للمرأة السعودية، الذي تحقق على أرض الواقع فعلًا في زمن قياسي، خاصة أن أكثر العوائق التي تحول بين المرأة واستقلالية حركتها الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والعملية هي عوائق ثقافية، أساسها المجتمع وليس النظام أو الشرع، وإذا كان ليس ثمة ما يعيق حركة المرأة وتذليل سبل تمكينها ومشاركتها التنموية مع مواطنها وشقيقها الرجل ندًا بند، فمن جهة الشرع جاء قرار إعادة الاعتبار للنظام بجعله داعمًا لتمكين المرأة في مسائل الولاية، وبوصفه الحل القاطع للخلل الثقافي من أجل زحزحة العوائق الاجتماعية المفتعلة أو المستغلة من قبل البعض لتعطيل تمكين كل امرأة وتمتعها بكامل حقها، الذي يقرّه لها الشرع، ويحفظه النظام، ويمنحها الفرص العظيمة التي تحظى بها في ظل قيادة حكيمة، تدرك أن المرأة صنوان مواطنها الرجل في دفع عجلة التنمية الوطنية وتحقيق رؤيته المتوثّبة. ولعلي من القلة القلائل من بين أكثر من 33 مليون مواطن ومن أخواتي السعوديات المحظوظات ممن تشرّف مرتين باستقبال والدنا خادم الحرمين الشريفين ملك الحزم والعزم الملك سلمان - أطال الله في عمره - والسلام عليه، والإنصات إلى كلامه، وما أثبت لنا ذلك الحديث الأبوي، وما عكسه لنا ذلك الاستقبال المتماثل تمامًا مع أشقائنا من الرجال، أنّنا في هذا العهد من الزمن السلماني سيكشف الاستثنائي!