ارتفعت حدة الصراع داخل ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران، الدائر بين الجناح العقائدي المتحكّم في قرار الميليشيا ويتمثل في السلالة التي ينتمي إليها عبدالملك الحوثي من جهة، وبين الجناح القبلي المتمثل ببعض شيوخ ووجهاء قبائل حاشد وبكيل الذين التحقوا بالميليشيا وساعدوها على اقتحام محافظة عمران واجتياح العاصمة اليمنية صنعاء والحديدة وتعز وبقية المحافظات، رغبة منهم للحصول على امتيازات ومصالح مالية وسياسية. ونقلت قيادة ميليشيات الحوثي الصراع من أساليب التهميش وسياسة إقصاء شيوخ ورجال القبائل الموالين لها من مراكز التأثير ودوائر السلطة في المؤسسات والقطاعات الحكومية التي تسيطر عليها في العاصمة اليمنية صنعاء، إلى مرحلة تصفيتهم ضمن سياسة سحق القبيلة اليمنية ككيان اجتماعي يمني أصيل وتدمير بنائها التنظيمي، سعياً منها لإحلال أنموذجها الخميني. حصاد الخيانات وتسارعت التصفيات في محافظة عمران، كمكافأة نهاية خدمة للمشائخ والوجاهات القبلية التي لعبت دوراً بارزاً في تعبيد الطريق أمام الميليشيات لاجتياح العاصمة اليمنية صنعاء وتنفيذ جريمة الانقلاب على مؤسسات السلطة الشرعية في سبتمبر، وساعدت الحوثيين قبل أشهر من ذلك على إسقاط محافظة عمران واقتحام اللواء 310 الذي كان يشكل جدار الحماية الأخير لصنعاء. وأقدمت الميليشيات السبت الماضي، على تصفية الشيخ القبلي مجاهد قشيرة وثمانية من أفراد أسرته، كما قامت بتفجير منزله وعدد من منازل أبناء قبيلته في مدينة ريدة. داعشية حوثية يُعد الشيخ قشيرة من أبرز القيادات القبلية التي شاركت في اجتياح عمران وإسقاط صنعاء، وشارك في معارك الأشهر الماضية بمحافظة الحديدة وساهم في القتال ضد قبائل حجور بحافظة حجة، وأصيب عدة مرات وهو يقاتل إلى جانب الانقلابيين قبل أن يقرروا انتهاء صلاحية استخدامه، ومن ثم تصفيته مؤخراً داخل منزله وبين أطفاله، بأساليب وحشية على الطريقة الداعشية، حيث كسروا أضلاعه وهشموا رأسه وانتزعوا أحشاءه وتعرضت جثته للتمثيل ببشاعة، ومن ثم قاموا بسحله والاحتفال فوق جثته على إيقاع ترديد الصرخة الخُمينية. مسلسل تصفيات وتأتي جريمة تصفية الشيخ قشيرة، بعد أيام فقط من تصفية الشيخ القبلي سلطان الوروري الموالي للحوثيين، والتمثيل بجثته ورميها على قارعة الطريق في منطقة قفلة عذر التابعة لمحافظة عمران. وقبله بأسابيع أقدم المشرف الحوثي أبو ناجي على تصفية الشيخ القبلي أحمد سالم السكني، الموالي للحوثيين، في منطقة صرف بصنعاء. ويعد من أبرز مشائخ قبائل بكيل، وقيادي في حزب المؤتمر الشعبي الذي كان يرأسه علي عبدالله صالح قبل أن يتعرض هو الآخر للتصفية والتمثيل بجثته وإخفائها. نهج إيراني وتعليقاً على مسلسل التصفيات، قال محمد المسوري، محامي الرئيس السابق والقيادي في حزب المؤتمر: «يعتقد الحوثي أن جرائم القتل والسحل والتنكيل والتعذيب التي يرتكبها لإرهاب الناس ورجال القبائل ستخيفهم، بل العكس، كلما زادت جرائمه، كلما زادت العزيمة على التخلص والثأر من كل هذه الجرائم». وأردف، الشعب اليمني يتألم ويصبر لبعض الوقت، وعندما تحين الفرصة يخرج منه مارد لا يبقي ولا يذر، والتاريخ شاهد. وحذر المسوري من تزايد مسلسل التصفيات بشكل كبير لشيوخ ووجهاء القبائل اليمنية، وأشار إلى أن الميليشيا تتخلص من المشائخ والقيادات القبلية بمجرد الاكتفاء منهم، مؤكداً أن الدور قادم على البقية، داعياً القبائل اليمنية للتحرك والتكاتف لإنقاذ أنفسهم وأبنائهم من مصير التصفية على يد الميليشيات الحوثية. ويقول ناشطون يمنيون إن الوحشية الحوثية تؤكد لمن لا يزال يدعمها ويقف إلى جانبها، أن المقاومة والانتفاضة في وجه الميليشيا هي الخيار الأقل كلفة لهم، فضلاً عن أنها وسيلة الدفاع عن الكرامة وحماية الهوية اليمنية والطريق الأقرب إلى التخلص من أسوء ميليشيات طائفية إرهابية مرت على اليمن واعتبروا أن التصفيات الحوثية التي تمت مؤخراً لحلفائها القبليين تكشف مستقبلاً مخيفاً لمن لا يزال يساندها.