كشفت دراسة حديثة أن أغلبية الشباب العربي الذي يُمثّل أكثر من 70 % من سكان العالم العربي يثقون في المعلومات التي يتلقونها من مواقع التواصل الاجتماعي. وقبل الحديث عن تداعيات وتأثيرات ذلك على وعي وسلوك شبابنا العربي، أجدني بحاجة ماسة للكتابة بشيء من المباشرة والاختصار عن طبيعة وحقيقة المصادر المعلوماتية التي تُستقى منها الأخبار والأفكار والثقافات والقناعات والعلوم والآداب والفنون وغيرها من المجالات والتخصصات. في البدء، كانت القراءة هي المصدر الأهم والأعمق للحصول على المعلومة، حيث كانت الصحف والمجلات والكتب والموسوعات، إضافة إلى المصادر التقليدية الأخرى كالتلفزيونات والإذاعات والوثائقيات، هي المصادر المهمة للمعرفة والمعلومة. تلك هي المنابع/ المصادر الأساسية التي كانت توفر البيانات والمعلومات، وقد استمرت لقرون طويلة، ولكنها الآن لم تعد كذلك، فمنذ ثلاثة عقود تقريباً، بدأت مرحلة جديدة حطمت وغيرت كل القواعد والأطر التقليدية، ليبدأ عصر جديد هو أشبه بشبكة عالمية للمعلومات البشرية، يُصيغها ويتداولها كل البشر. الآن، عصر الإنترنت هو من يُسيطر على كل مفاصل/ تفاصيل الحياة، الصغيرة والكبيرة. لقد انحسر وتراجع دور الوسائل والمصادر المعلوماتية التقليدية، وأصبحت «المواقع/ الشبكات الإلكترونية» هي الأكثر استخداماً وانتشاراً وتأثيراً، وبمجرد ضغطة زر تتدفق المعلومات والبيانات، تماماً كما لو كانت منسابة من فانوس علاء الدين مصدر الحكايات والمعجزات. مع بداية الألفية الثالثة، سيطر الإعلام الجديد بكل وسائله ووسائطه على واقع وطبيعة الحياة، وأصبح هو من يقود فكر ومزاج الأفراد والمجموعات. الإعلام الجديد، خاصة شبكاته الاجتماعية كتويتر والفيسبوك وإنستغرام، هو الأكثر جذباً وتأثيراً في قناعة وسلوك الشاب العربي من المحيط إلى الخليج، وهنا تكمن الخطورة وتتعاظم المشكلة، ففضاء مفتوح كهذا على كل الصعد والمستويات، وبلا ضوابط وقوانين، ويملك قدرة فائقة على تدفق الأخبار والأفكار والمعلومات، يُعتبر هو التحدي الأكبر لكل المجتمعات والشعوب والأمم. مواقع التواصل الاجتماعي، سلاح ذو حدين، كطبيعة كل الأشياء، فكما هي وسيلة رائعة لنقل وتبادل المنافع والخبرات والأفكار والثقافات والقصص، هي أيضاً تُمارس الطائفية والعنصرية والعصبية وتُروج الإشاعات والأكاذيب السموم. ويبقى السؤال الذي يبحث عن إجابة: لماذا يثق الشباب العربي في مواقع التواصل الاجتماعي؟