تنفق الدول والمنظمات كثيرا من المال والجهد في سبيل تحسين صورتها الذهنية، وتعزيز هويتها للتأثير في الرأي العام برسالتها ودورها، من خلال الفهم السلوكي والمعرفي والعاطفي للجمهور المراد إقناعه، وتعد السمعة مقياسا للنجاح؛ حيث يقول نيكولاس جورجيس الشريك التنفيذي في معهد السمعة "تعد السمعة أهم مقياس النجاح للشركات والمدن والدول، ووفقاً لإحصاءات أجريت عام 2011، فإن 70 في المئة تقريباً من سمعة الدول تعتمد على الحكومة والشعب في آن". على الرغم من أن مفهوم السمعة غير ملموس، إلا أن الأبحاث تشير إلى أهمية السمعة في زيادة قيمة المنشأة وتكوين الميزة التنافسية. وبحسب معهد السمعة العالمي، فإن السمعة تعزز من قيمة الشركة، فالأرباح الفصلية والسنوية أحد الطرق لتقييم الشركة، لكن عندما يتعلق الأمر بإجمالي القيمة السوقية، تصبح الأصول غير الملموسة مثل السمعة أكثر أهمية، إذ تشكل القيمة غير الملموسة نحو 81 في المئة من القيمة السوقية، كما تخفف السمعة من المخاطر التي تتعرض لها الشركات وقت الأزمات؛ لذا فإن 63 في المئة من الجمهور يعطي الشركات ذات السمعة الممتازة أهمية وقت الأزمات. هناك خمسة عوامل تؤثر في السمعة للقطاعات الحكومية والتجارية، مثل: جودة الخدمات والمنتجات، التي تقدمها تلك المؤسسات، كما تؤثر قيادة وإدارة القطاعات ورؤيتها ورسالتها في السمعة، ونصيحة لأولئك الإداريين في الجهات الحكومية، الذين يعملون لتحسين السمعة ومعالجة القصور الإداري بالنشر الإعلامي الممل، فالاتصال ليس دواء سحريا للمشكلات والأخطاء الإدارية. مع الأسف، يعتقد بعض المسؤولين أن الظهور في الإعلام من أسس نجاح المؤسسة وتحسين سمعتها، وهو مفهوم خاطئ، فالتعرض المستمر لوسائل الإعلام قد يسيء لسمعة المؤسسة، خاصة إذا كان المنتج أو الخدمة والمحتوى ضعيفا. ومن العوامل التي تؤثر في السمعة أداء المؤسسة ونجاحها، فالأرقام والربحية مؤشرات على نجاح السمعة، كما تسهم بيئة العمل المحفزة القادرة على إسعاد الموظفين واحترامهم وتوفير المصادر لهم في سمعة المؤسسات، وجعلها مثالا يحتذى في الاهتمام بالموظف. ويؤثر تعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة في سمعة الشركة، ومدى خدمتها للمجتمع، وتقديم برامج المسؤولية المجتمعية تقديرا وعرفانا للمجتمع. تولي المؤسسات أهمية لإدارة السمعة، بتطوير هويتها، والحفاظ عليها، والمواءمة بين رسالتها وقيمها وهويتها البصرية، والاهتمام بالسمعة الرقمية؛ لمعرفة ما يظهر من معلومات عن المنشأة أو العلامة التجارية وخدمة العملاء، وتحسين الظهور في محركات البحث، وكما يقال السمعة موجودة في كل مكان على صفحات الإنترنت، والمدونات، والموقع الإلكتروني، ووسائل الإعلام الاجتماعي، ومحادثات العملاء عبر الإنترنت. بناء السمعة عمل دؤوب يتخذ إجراءات شتى للتأثير في الرأي العام على المدى البعيد، ولا بد من الأخذ في الحسبان أن الجهود الاتصالية المنظمة لا تكفي، إنما هناك أمور أهم ترتبط برؤية القيادة ورسالتها، وجودة المنتجات والخدمات، وتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة التي تسهم مباشرة في سمعة المؤسسة.