عند النظر إلى ما قدمه العلماء المسلمون من مؤلفات ونظريات في العلوم، نجد أنهم اعتمدوا بشكل واضح على المنهج العلمي التجريبي، ويظهر ذلك في نظرياتهم وآرائهم في العلوم الرياضية والفيزيائية والفلكية والكيميائية والطبية والصيدلانية وغيرها من العلوم. وقد أنصف بعض المستشرقين ريادة العلماء المسلمين في كثير من حقول العلم والمعرفة، كما أن العلماء المسلمين اعترفوا بمكانة من سبقوهم من العلماء، وخاصة العلماء اليونانيين، ومن هؤلاء العلماء أرخميدس وإقليدس وأرسطو وديموقريطس وغيرهم. ومع ذلك فقد عدل العلماء المسلمون من أمثال ابن الهيثم وجابر بن حيان وابن النفيس والخوارزمي وابن سينا كثيراً من أفكار ونظريات العلماء السابقين، ونتيجة لما قاموا به من بحث ودراسة عميقة يمكن تقسيم العلوم التي ورثوها إلى مجموعات ثلاث هي: مجموعة العلوم الرياضية؛ وتشمل الهندسة والجبر والحساب وعلم المثلثات. مجموعة العلوم الطبيعية؛ وتشمل الفيزياء والكيمياء والفلك وعلوم الأرض وعلوم الحياة والعلوم الطبية. ومجموعة العلوم الإنسانية؛ وتشمل التاريخ والسياسة والاقتصاد والاجتماع. وبالطبع فقد استفاد العلماء المسلمون من منهج العالم اليوناني أرسطو، لكنهم اعتمدوا بشكل واضح على منهجهم التجريبي، ويبدو أن للعقيدة الإسلامية أثراً واضحاً في تفكيرهم العلمي، حيث إنهم بلوروا حرية البحث العلمي من خلال تعاليم الدين الإسلامي الحنيف، الذي يحث على الدراسة والتفكير المنطقي والتجربة بدلاً من الخرافات والأساطير التي كانت سائدة في بعض مؤلفات من سبقهم من العلماء. لقد قام العلماء المسلمون باكتشاف الدورة الدموية الصغرى، وحددوا بدقة الثقل النوعي لعدد من المعادن والعناصر والأحجار الكريمة، كما أوجدوا قانون ثبات الكتلة، وكذلك قاموا بإثبات قانون انكسار الضوء، وظاهرة قوس قزح في علم البصريات. ويعود الفضل إلى العلماء المسلمين في تطوير الطرق الأساسية لحل المسائل الجبرية والهندسية والمثلثية في علم الرياضيات، وتحسين طرق التقطير والتبلور في علم الكيمياء. أما اختراعاتهم فقد شملت صناعة الورق وملح البارود والأسطرلاب الذي يعد من أهم اختراعاتهم. لقد كان أساس تقدم المسلمين قديماً هو الاعتماد على الوحدانية المطلقة في العقيدة، لأن وحدة العقيدة تؤدي إلى توحيد الجهود العلمية والفكرية، كما أنها تفتح الآفاق لمزيد من الحرية في دراسة أسرار الكون وظواهر الطبيعة، لتعميق إيمانهم بوحدانية الخالق العظيم.