الحراك الاستراتيجي الضخم الذي تقوده شركة أرامكو السعودية بقوة لدمج أعمال المصب للتكرير والكيميائيات بلغ ذروته بعد أن حققت الشركة استراتيجية الدمج لكافة مشروعاتها الدولية والتي تجمع مصافيها النفطية مع مصانعها البتروكيميائية في مجمعات متكاملة عملاقة تخضع حالياً لإعمال إنشائية توسعية ضخمة، لتلتفت بسياسة الدمج الناجحة لمصافيها المحلية وتنفيذها في أربعة مشروعات مدمجة للتكرير والكيميائيات، في وقت يلوح في أفاق حراك أرامكو نيات لاستحواذها الكامل لمصفاة «ساسرف» بالجبيل البالغة طاقتها التكريرية 305 آلاف برميل يومياً ما يزيد عن 111 مليون برميل سنوياً دون انقطاع من النفط العربي الخفيف التي تملكها بمناصفة شركة «رويال داتش شل» بحجم استثمارات راس مالية مشتركة بقيمة تقدر بحوالي 10 مليارات ريال. وتخطط أرامكو شراء كامل حصة الشريك لتنفرد بملكية المصفاة لتفتح آفاق أوسع لإنفاذ استراتيجيتها في دمج التكرير مع الكيميائيات لتحقق أعلى قيمة وتجانس للمشتقات النفطية والمنتجات العطرية والكيميائية ضمن سلسلة لقيم متشابكة متشعبة مولدة لمنتجات متخصصة مبتكرة حيث تساهم هذه المشروعات في خفض التكاليف في التشغيل وإمدادات الخام والتوسعات المستقبلية. كما سيرفع استحواذ أرامكو المخطط على كامل حصة «شل» في مصفاة «ساسرف» إجمالي حجم استثمارات أرامكو في مشروعات التكرير والبتروكيميائيات في مدينة الجبيل الصناعية وحدها بحوالي 173 مليار ريال تشمل صدارة بتكلفة 75 مليار ريال، وساتورب» بتكلفة 88 مليار ريال مليار و»ساسرف» بحوالي 10 مليارات ريال. في وقت تفرض «ساسرف» منافستها القوية بمكانتها من أفضل 10 مصافي في العالم لتكرير مشتقات النفط عالية الجودة من خام الزيت العربي الخفيف والغاز الطبيعي والذي تورده أرامكو للمصفاة لإنتاج مشتقات نفطية تشمل غاز البترول المسال والكبريت الذي تصدرهما لأرامكو، والبنزين العطري تصدره إلى شركة «صدف» التابعة لشركة «سابك»، وجزء من الكيروسين المعالج تصدره إلى شركة فارابي للبتروكيميائيات عن طريق الأنابيب. في حين تصدر منتجات «ساسرف» الأخرى وتشمل النافثا والكيروسين والديزل منخفض الكبريت وزيت الوقود عن طريق السفن، حيث تضخ هذه المنتجات من خلال سبعة أنابيب مخصصة لهذا الغرض إلى منطقة الخزانات، ليتم تخزينها في خزانات منفصلة، لإجراء عمليات المزج النهائي قبل تصديرها إلى الأسواق العالمية عبر مرسيين خاصين للمصفاة في ميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل، حيث نتج عن هذه المشاركة القوية تحقيق أكبر تكامل للتكرير والكيميائيات. وفي حال إتمام صفقة «ساسرف» ترفع أرامكو بذلك إجمالي طاقة مصافيها المملوكة لها 100 % المحلية والدولية من 1,6 مليون برميل يومياً عبر مصافي رأس تنورة بطاقة 528 ألف برميل، وينبع بطاقة 251 ألف برميل، والرياض بطاقة 139 ألف برميل و»موتيفا» بتكساس بطاقة 654 ألف برميل، إلى أكثر من مليونين برميل يومياً. فضلاً عن رفع مبيعات أرامكو النفطية وطاقة التسليم إلى المصافي المحلية المملوكة بالكامل للشركة من 707 آلاف برميل في اليوم وبنسبة 7 %، إلى أكثر من ملون برميل في اليوم وبنسبة 10 %. وتأتي هذه الثورة التوسعية المنتعشة لمصافي أرامكو في وقت تصارع المصافي الأوروبية حالياً مخاطر قوية متشعبة في ظل تواصل الإضرابات التي أطلقتها نقابات في عدة مصافي رئيسة في أوروبا اضطرت لخفض معدلات إنتاجها وإعلان حكومات دول حالة تأهب وطني بعد أن تسبب الإضراب الذي شنه عمال النقل في موقعين في هولندا وآخر في البرتغال في حدوث مشكلات على مستوى البلدين في إمدادات الوقود. في وقت ما فتئت مصافي أخرى من إنهاء أعمال الصيانة والاستعداد لتشغيل وحداتها لتصطدم بالإضرابات التي قيدت التشغيل المجدول متكبدة الكثير من الخسائر. تكامل سلسلة اللقيم يدعو لدمج التكرير بالبتروكيميائيات لتكاليف أوفر وتوسع أكبر