عمرو موسى ولد في 3 أكتوبر 1936م لأسرة سياسية، وكان والده محمود أبو زيد موسى نائباً في مجلس الأمة المصري، التحق بالسلك الدبلوماسي العام 1958م، وأصبح اسماً لامعاً في الدبلوماسية المصرية والعربية وأحد أبرز رجالاتها، له علاقات قوية مع الزعماء العرب والدوليين، وتحمل ذاكرته جانباً مهماً من حقائق التاريخ وخفايا الدبلوماسية وصراعات السياسة. في يوم الأحد 31 مارس وتزامناً مع انعقاد القمة العربية في تونس استقبلنا داخل مكتبه بحي جاردن سيتي الراقي المطل على نيل القاهرة وأمضينا معه ساعات تحدثنا خلالها عن العديد من الملفات التي تشغل الرأي العام العالمي. وتولى عمرو موسى إدارة الهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية في العام 1977م، ومندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة في العام 1990م، ووزير خارجية مصر العام 1991م، وأمين عام الجامعة العربية منذ العام 2001م وحتى 2011م .. «الرياض» حاورت أمين عام الجامعة العربية السابق.. فإلى نص الحوار: الوقفة السعودية - المصرية تواجه الهجمة التركية والإيرانية والإسرائيلية والخارجية * بداية.. كيف رأيت الملفات التي طرحت على أجندة القمة العربية في تونس؟ * هذه القمة تعقد في ظروف سياسية ذات حساسية كبيرة، وتطرح تحديات حقيقية وغير تقليدية. معظم القمم العربية الماضية كانت ظروفها توصف بالدقيقة والخطيرة، كان هذا صحيحاً، ولكن هذه المرة تعقد قمة تونس في ظروف تغير عالمي يتعلق بالنظام الدولي الحاكم، وأدوار الدول العظمى، والمقامرة بالأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وحصار الوطن العربي أو العالم العربي بين أطماع إسرائيل الجاري تحقيقها، والدور الإيراني الجاري اعتماده، والدور التركي الجاري تمكينه والدور العربي الجاري تهميشه. أقول هذا رغم ظواهر الأمور كلها. هذا يعني أن هناك تهديداً ضخماً ليس فقط للأمن القومي العربي وإنما للكيان العربي ذاته. قمة تونس عقِدت في ظروف تغير عالمي والعمل العربي يحتاج للجدية هذا كله يطرح بوضوح أهمية إدخال عنصر الجدية في العمل العربي. الجدية اللازمة للارتفاع إلى مستوى الأحداث. مثلاً حين نتعامل مع السياسة الإيرانية الخاطئة بل العدوانية إزاء العرب فليس يعني هذا أن سياسة إسرائيل العدوانية قد انتهت ومن ثم يتم استبدال إيران بإسرائيل في جدول الأعداء أو الخصوم، وكأن هناك منصباً أو موقعاً واحداً لخصم العرب تشغله دولة واحدة، فنزيح إسرائيل ونحل محلها إيران، بينما الاثنتان يمكن أن تكونا خصمين يهددان مصالح عربية مختلفة في نفس الوقت. الخلاف الكبير مع إيران، والنزاع الكبير مع إسرائيل، والشكوك الكثيرة إزاء تركيا كلها تسهم في رسم أبعاد التاريخ الحديث لمنطقة الشرق الأوسط، وهو ما تنعقد القمة في ظله. وكذلك أمر العلاقات مع الولاياتالمتحدة الأميركية، هي دولة عظمى وعظيمة والعلاقات معها مهمة وضرورية، وأرى وجوب تمتينها أكثر وأكثر في مختلف مجالاتها وعلى رأسها القوة الناعمة الهائلة وغير المسبوقة التي تمثلها. ولكن العلاقات حين تكون متينة فإنها تستدعي الصراحة أيضاً، وكما تستفيد أميركا يستفيد العرب ويكون هناك تبادل للمصالح في مختلف نواحي العلاقات ولصالح الجميع بما في ذلك القضايا ذات الأولوية والتي لا يصح أن تدار بدرجة انحياز تجعل من المستحيل إعمال العدالة والإنصاف ومن ثم تمنع التوصل إلى نتائج إيجابية مثل الأمن والسلام. هذا ينطبق على التطورات الأخيرة المتعلقة بالقدس والجولان واللاجئين الفلسطينيين والمستوطنات وغيرها. والقمة طبعاً متوقع منها أن تشكل موقفاً عربياً محترماً إزاء كل ذلك. الوساطة مع قطر لها مبادئ وشروط ونتمنى النجاح لتدخل أمير الكويت * كيف رأيت ردود الفعل تجاه الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على الجولان؟ * ممثلة الولاياتالمتحدة في مجلس الأمن السابقة نيكي هيلي وكانت هي السفيرة في توقيت القرار الخاص بالقدس، قالت حينها: "قالوا لنا إن السماء ستنطبق على الأرض.. ولم يحدث شيء"، وهذا في رأيي سذاجة سياسية، مع أن الدبلوماسية الأميركية ليست معروفة بالسذاجة، إن الكوب الآن يُملأ بالغضب والإحباط، جاء موضوع القدس ثم الجولان ثم صفقة القرن التي ستأتي ولا نعلم ما بها وهناك تشاؤم كبير بشأنها وكذلك الوضع في سورية، والآن يتشكل بالرأي العام للمنطقة ومعظمه من الشباب الذي لا يرضى الإهانات التي توجه إلى العرب، وواضح أن رد الفعل ليس بالضرورة تظاهرات أو تحطيم محال أو شتائم، إنما توقع "انفجار". عندما يمتلئ الكوب يفيض ما فيه والجميع شاهد ما حدث في يناير، والآن الكوب يُملأ من جديد بسلبيات وراء سلبيات وراء سلبيات، هناك رد فعل سياسي سلبي كبير يتشكل الآن. * هل تقصد انتفاضة عربية؟ * لا أعرف كيف سينتهي الوضع، لأن الوضع في العالم العربي في القرن الحادي والعشرين غيره في القرن العشرين، وفي العقد الثاني والعقد الثالث ليس بشروط العقد الأول أو أوائل العقد الثاني، ما هو قادم لا يجب أن نحكم عليه من منطلق ما يحدث اليوم، ولكن ربنا يستر. * طالبت القمة العربية بأن تتخذ موقفاً واضحاً إزاء قرار ترمب بشأن الجولان.. من وجهة نظرك ما الموقف الذي يمكن أن يُتخذ في هذه الحالة؟ * أرى أنه كان على الدول العربية أن تذهب لمجلس الأمن وتُبلغ الجامعة العربية المجتمع الدولي كله باسم العرب برفض هذا القرار، وتطلب تأكيد أن الجولان أرض سورية محتلة، وهذا يكفي في المرحلة الحالية. وقد قمنا بذلك في أحداث بيروت العام 2006م، والمسألة ليست معاداة أو تحدياً، أنا لا أدعو لهذا وإنما أدعو للدبلوماسية النشطة مع الدول الكبرى وخاصة الولاياتالمتحدة وداخل مجلس الأمن، لا يصح أن نظهر بمظهر "الناس الغلابة" غير القادرين على اتخاذ أي شيء، أو قادرين على الكلام القوي فقط. * كيف تقيم أداء جامعة الدول العربية في الوقت الراهن؟ * لا تفصل أداء الجامعة العربية عن أداء مجموعة الدول العربية، إنما أن نلوم الجامعة ولا نلوم الدول فهذا غير سليم. لا يمكن للجامعة العربية أن تؤدي في ظروف مثل هذه الأداء المطلوب، وإنما تفعل ما تستطيع، وعندما كنت أميناً للجامعة وواجهتنا ظروف مثل هذه وتغلبنا عليها كان لي تصريح قلت إن "الجامعة تغزل برجل حمار" ولا يصح أن تظل الجامعة على هذه الحال. إن أداء الجامعة هو انعكاس للأداء العربي العام، وأرى بكل صراحة أنه يجب الحفاظ على الجامعة. إنها عنوان العرب ومنتداهم الوحيد الباقي في الوقت الحالي. * كيف تقرأ واقع المنطقة ما قبل وبعد ربيع الثورات العربية؟ * ما حدث كان مخططاً وكان متوقعاً، كانت هناك سياسة اسمها "الفوضى الخلاقة" وهي نظرية سياسة لها مؤلفات ومقالات وكتب وممارسات واضحة جداً، وهناك من درب شبابنا كيف يثور وكيف يحدث الفوضى، إنما في نفس الوقت فإن الصراحة تقتضي أن أقول إن سوء إدارة الحكم في المنطقة وفي أنحاء كثيرة من العالم العربي أدى إلى ما حدث، لو كان المواطن العربي "مُسترِيحاً" ما كانت نظرية الفوضى الخلاقة تنجح أبداً، إنما نجحت لأن المواطن كان غاضباً. * هل ترى أن المنطقة على أعتاب "سايكس بيكو جديدة"؟ * ليس "سايكس بيكو" بالمعنى المحدد له، ولكن الإجابة العامة هي نعم نحن على أعتاب نظام جديد يؤكد النظرية الغربية التي تقوم على أن النظام العربي الذي قام في ظروف انتهاء الحرب العالمية الثانية (1945م) قد فشل، وأن الدول العربية غير قادرة على إدارة الأمور بالمنطقة ومن ثم يجب اعتماد أدوار لدول المنطقة غير العربية أي إيران وإسرائيل وتركيا (وبهذا الترتيب على ما أعتقد) الدنيا تتغير.. نحن في القرن الحادي والعشرين والكثيرون لا يفهمون معنى ذلك؛ وهذا شيء مختلف تماماً، به من العلوم والإلكترون والتكنولوجي والاقتصاد والسياسة والأمن... شيء مهول، اليوم تقرأ عن عسكرة الفضاء واقعاً وليس في رواية، منذ أسبوعين ضربت الهند "ستلايتاً" يطير بسرعة 70 ألف كم/ الساعة وعلى علو أميال في الفضاء، ما بالك بأميركا والصينوروسيا، عسكرة الفضاء تعني السيطرة على الاتصالات في العالم، وضبطها والتحكم فيها وتدميرها إذا لزم الأمر. ومن ثم حرمان دول من كل ما يتعلق بالاتصالات والإعلام والتعليم وكل شيء. ولا ننسى ونحن في هذا الصدد درجة التقدم العلمي الذي حققته كل من إسرائيل وإيران قرب هذا المجال. هذا بالإضافة إلى ما يشكله دخول الصين بزخمها الضخم وعودة روسيا إلى تأكيد دورها من خلق ظروف جيوسياسية مختلفة تمام الاختلاف عن ظروف السيطرة الأميركية كقوة وحيدة على رأس العالم. وهذا يؤكد أن التحديات القادمة سوف تكون مختلفة، وأننا أمام قرن مختلف علينا أن نتعامل معه بشكل مختلف، وعلى العالم العربي إصلاح حاله، كما يحدث في مصر والمغرب مثلاً من إصلاحات اقتصادية، ولكن هذه الإصلاحات الاقتصادية لن تؤتي أُكُلها حقيقة إلا إذا كان إصلاحاً شاملاً داخل كل دولة وإصلاحاً عربياً شاملاً، بمعنى أنه لابد أن نتحدث عن التجارة العربية والتعاون الاقتصادي العربي والاستثمار والتعليم وغيرها. إن دولة عربية وحدها لن تتمكن في عصر التكتلات الاقتصادية أن تنجح بمفردها. * لا يوجد حتى الآن صيغة مكتملة لما يسمى ب"صفقة القرن"، لكن هل يمكن اعتبار الولاياتالمتحدة وسيطاً ذا صدقية بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟ * أعتقد أن التساؤل عن دور الوساطة الأميركية أصبح غير ذي موضوع، وعلى كل فالمؤسسة الفلسطينية رفضت وساطة الولاياتالمتحدة، بعدما حدث في موضوع القدس وموضوع الاستيطان وموضوع التأييد المطلق لإسرائيل في الاستيلاء على الأراضي المحتلة، فهل يمكن أن تكون هناك وساطة في هذا الإطار، الحقيقة هناك تشاؤم كبير فيما يتعلق بماذا ستكون عليه ما يسمى ب"صفقة القرن"، إلا إذا كانت هناك مفاجأة سعيدة تؤكد حق الفلسطينيين في دولة فلسطين وتدعو للتفاوض على مكان عاصمتها في القدس وعلى موضوع اللاجئين وعلى موضوع نسبة الأراضي التي يتم تبادلها. إنما إذا جاءت على أساس "لا دولة فلسطينية" وأن الأمر كله اقتصادي فلا أعتقد أن الرأي العام العربي ولا الرأي العام الدولي سيقبلها ومن ثم نجاحها يصبح صعباً. * مرت منذ أيام ذكرى أربعين عاماً على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.. وكان لك تصريح في العام 2012 بخصوص إعادة النظر في بعض جوانب اتفاقية السلام مع إسرائيل.. ما هذه الجوانب؟ * كان خاصاً بالملاحق الأمنية، وقد تم تعديلها في السنوات الماضية على أرض الواقع. كانت مصر حينها تتأهب لمعارك مع الإرهاب في سيناء، اليوم لا نتحدث عن تعديل ولكن نتحدث عن سلام شامل في المنطقة مما يقتضي تنازلات من الكل بما فيها إسرائيل، أما إذا كان المطلوب تنازلات من الكل إلا إسرائيل فكما يقولون "No - Go". * هل ترى تطوراً إيجابياً في الأخذ بوساطة الكويت في حل أزمة قطر مع الرباعي العربي؟ * أعتقد من الضروري ترك الفرصة متاحة لأمير الكويت للتدخل، وهو رجل حكيم ولديه خبرة دبلوماسية عميقة. وكما عرض وساطته فنتمنى له النجاح، والوساطة لها مبادئ وشروط أرجو أن ينجح فيها. * كيف ترى التهديدات الإيرانية للمنطقة العربية؟ * إيران أخطأت أخطاء كثيرة في سياستها الإقليمية، وأعتقد أن استخدام المذهبية في السياسة شيء كله سلبيات ولا يمكن أن يؤدي لأي شيء إيجابي، وبالتالي هذه الأخطاء أدت إلى هذا التوتر الكبير في العلاقة العربية - الإيرانية، وبمثل ما نعتقد أنه يجب على الجانب العربي أن يدرس ما يمكن أن يفعله مع إيران، يجب على الجانب الإيراني أن يدرس كيف يمكن تحسين العلاقة مع العرب، بما في ذلك تغيير جوانب مهمة من سياسته الإقليمية. * ننتقل إلى تنظيم الإخوان المسلمين.. ماذا لو استمر الإخوان في حكم مصر؟ * لم يكن استمرارهم ممكناً؛ لأنهم فشلوا في ذلك العام الوحيد، ومن يفهم مصر ويعلم الظروف التي كانت فيها يدرك أن ما حدث في العام 2011م فتح الباب لمواجهة تراكم أخطاء الحكم، 70 عاماً من الأخطاء بداية من السنوات الأخيرة للملك فاروق مروراً بعصور نجيب وعبد الناصر والسادات ومبارك، كنا نريد بعد انتفاضة 2011م أن نبدأ بإصلاح الحال، لأن هذه الأخطاء المتراكمة أدت إلى إنجاح سياسة الفوضى الخلاقة، كان لابد من البدء الفوري والكفء في الإصلاح. أول نظام منتخب جاء بعد أحداث يناير 2011م هو حكم الإخوان وكان منتظراً منهم أن يتعاملوا مع التحديات التي تواجهها مصر وليس أن يحكموها على أساس أن جماعة ما لها مصالح معينة يتم تمكينها، كان منتظراً إصلاح الاقتصاد والإدارة في مصر وهذا لم يحدث، لأنهم لم يقرؤوا الموقف جيداً ولم يكونوا مستعدين للحكم ولم يفهموا معنى حكم مصر، كان اللواء عمر سليمان - رحمه الله - له مقولة: "هؤلاء لا يقدرون على حكم مصر"، حكم مصر شيء مهول، دولة فيها 100 مليون مواطن، وسواحلها ممتدة لآلاف الأميال وصحاريها وتاريخها ومستقبلها وظروفها ومشكلاتها، ومن هنا أشكل كل اقتناعاتي وأفكاري وما أتابعه من سياسات على هذا الأمر، أن مصر تحتاج إلى إصلاح مستدام تقوم به الحكومة، وقلت إنني عارضت الإخوان ليس لأنهم إخوان إنما لأن حكمهم كان سيئاً ولم يقدموا الحكم الكفء والمواجهة السليمة للمصاعب التي كنا نواجهها. * تقود المملكة العربية السعودية التحالف العربي فضلاً عن دورها الفاعل في جميع قضايا المنطقة.. كيف ترى هذا الدور؟ * المملكة دولة كبرى في المنطقة بالحسابات الإقليمية ولها مصالح مشروعة، وإذا كانت إيران تريد أن تحاصرها من الشمال والجنوب فواضح جداً استراتيجياً أن المملكة سترفض ذلك وقد رفضت ذلك. التحدي الوجودي الذي واجهته المملكة أدى إلى هذه التفاعلات المتتالية، وأرى أن الشراكة المصرية - السعودية مهمة جداً، ولا يمكن ضبط الأمور في المنطقة إلا بوقوف المملكة ومصر في مواجهة الهجمة التركية والإيرانية والإسرائيلية والخارجية، ولا يمكن للعرب أن يتصرفوا في هذا الوضع الخطير جداً إلا بوقوف مصر والمملكة سوياً وعلى أساس مبادئ ومصالح عربية واضحة، وإذا لم يتم ذلك - وأنا أرى أنه يتم بالفعل - فإن المسألة ستكون خطيرة جداً علينا جميعاً. * خلال عملك الدبلوماسي.. كيف كان التعامل الدبلوماسي بين المملكة ومصر على مدار هذه السنوات؟ * علاقاتي شخصياً مع المملكة في خلال مسيرتي الدبلوماسية والسياسة منذ بداياتي وأنا أتعامل بود كبير ويتم التعامل معي بود كبير من جانب الدبلوماسيين السعوديين، وأذكر عندما كنت ملحقاً في سويسرا في العام 1964م عندما غنت أم كلثوم "أنت عمري" لعبد الوهاب، أقام الدبلوماسي السعودي محمد علي الشواف الذي أصبح سفيراً كبيراً بعد ذلك، عشاء لكل العرب للاستماع إلى الأغنية الجديدة، وكان الحضور من جميع الدول العربية مشرقاً ومغرباً وجنوباً وأقيم حفل عربي ضخم ومنذ هذا الوقت وهذا التفاعل قائم وفي ذهني أن هناك شيئاً يجمعنا، وبدأ العمل المشترك في موضوع فلسطين وإسرائيل وعدم الانحياز وأمور كثيرة جداً تقاربت فيها شخصياً مع الوفود السعودية وكانت الصداقة دائماً تنمو، وعندما أصبحت مديراً للهيئات الدولية بوزارة الخارجية المصرية كنت دائماً أتعامل مع الوفد السعودي باهتمام، وكانت أيضاً لنا علاقات طريفة جداً، وكان الدبلوماسي السعودي إسماعيل الشورى - رحمه الله - يستطيع "إيقاف المراكب السايرة" في أي لحظة يريدها، وكنت أذهب له وأقول له: "وحياة والدك لا توقف هذا الموضوع يا إسماعيل" فكان يسأل الأمير سعود الفيصل - رحمه الله - فيقول له: "مشي الأمور مع عمرو"، وكان الوفد السعودي فاعلاً جداً، ومرت الأيام وأصبحت وزيراً لخارجية مصر، وتعاملي كان مع الأمير سعود على أفضل ما يكون، لا تتصور التأييد والدعم في الخط السياسي والتوافق في الآراء والدعم الذي قدمه لي الأمير سعود كوزير للخارجية ثم كأمين عام للجامعة العربية وهو كوزير خارجية، فإذا كنت أنا نجحت كأمين عام جامعة الدول العربية فكان للأمير سعود فيه دور داعم. وأتذكر أنه عندما أثار معي قضية "تيران وصنافير" قلت له: "ليس وقته" فتفهم ذلك ونقله للملك عبدالله - رحمه الله - وبدوره تفهم ذلك أيضاً. أحب بالمناسبة أن أحيي خادم الحرمين الشريفين جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز، فعندما زار مصر في العام 2017م وخلال العشاء الذي أقامته السفارة السعودية بالقاهرة أبلغوه أن هناك العديد من الشخصيات المصرية فقال إنه سيرى شخصيتين، جيهان السادات حرم الرئيس المصري الراحل أنور السادات وعمرو موسى. * كيف تنظر للتطورات الأخيرة التي تحدث في المملكة العربية السعودية؟ * هناك تغير واضح لا يستطيع الإنسان إلا أن يتابعه باهتمام بالغ فيما يتعلق بتحرير المجتمع السعودي من قيود شديدة المحافظة، وأفهم أن هذا التطور يقوده الأمير محمد بن سلمان، وأرجو له النجاح فيه. * أعطنا نبذة عن الجزء الثاني من مذكراتك الشخصية التي ستصدر قريباً؟ * أعمل عليه ووصلت إلى 60 % من الكتاب عن الأعوام العشرة في بيت العرب، ويضم أحداثاً كثيرة لم تنشر من قبل، وأرجو أن أنتهي منه قبل نهاية العام 2019م. عمرو موسى يتحدث للزميل حسين البدوي هناك من درّب شبابنا كيف يثور وكيف يحدث الفوضى