الجامعة العربية، "الرجل المريض" في القاهرة،أو الكائن المصاب ب"سلة" من أمراض معاصرة وتاريخية. وأكثرها ترويعاً الإزدواجية بين الادعاء العارم للبطولات، وبين العجز المريع عن فعل أي شيء..لا نريد أن تكون الصورة بهذه السوداوية، لكنها الحقيقة التي تواجه أمة، الآن، أبلغ ما تعادي الحقائق، كأنما خلقت من خيال وللخيال..والواقع البائس يؤكد أن هذه الأمة من تراب.. وأن العرب عاجزون عن صنع حقيقتهم، رغم أنها حقيقة بين أيديهم وأحياناً غير مكلفة..إذا ما تنابزنا بالألقاب، فإن السوداويين العرب، يعشقون أن يشككوا بالجامعة كلياً، وبعضهم يرى أن منظمة انبلجت عام 1945 من مخيخ أنطوني أيدن وزير خارجية بريطانيا آنذاك (ورئيس الوزراء لاحقاً)، لن تكون أكثر من حارسة للعجز، ومنتدى لإضاعة الوقت، لأمة أثمن ما أضاعته هو الوقت. وإذا ما واجهنا الحقيقة، رغم الأماني المتفائلة، فإن العرب قد أهرقوا كثيراً من الوقت والمال في المؤتمرات بأنواعها، في ما يمكن القول أنه "مقهى الجامعة". ربما ذلك توصيف جارح لنا كعرب وأكثر إيلاماً للمعنيين مباشرة بالأمر في مكاتب الجامعة، وعلى رأسهم الدبلوماسي المحنك الأمين العام عمرو موسى الذي يبذل كل المحاولات كي يعيد الوعي للرجل المريض، بما ذلك ما يبدو عمليات "مساج" للترهلات التي تهدر بعضاً من الميزانية. وقام موسى بخطوات تأسيسية لإعادة الوعي ولكي تكون المنظمة جديرة بتمثيل أمة تتغنى بأمجاد تاريخية تمتد من الشمس للشمس بينما تكبلها هزائم متنوعة. كانت فكرة "المفوضات"، مشروعا إستراتيجيا طويل الأمد، لا يتحمله المواطنون العرب العجلون، وحتماً لا يستطيع أن ينتظره الذين يتوقعون أن تزورهم صواريخ الطائرات الإسرائيلية هذا المساء في فلسطين يعسكر على أبوابهم جنود تنبض قلوبهم بالكره ومشروع الإلغاء.. ولن يضع عراقيون أيدهم على خدودهم انتظارا بينما تنتابهم فوضى مغبرة عارمة وجنود حمر مريبون يجوبون شوارع مدن الحضارات وعاصمة الخلافة، وتفجيرات تنبثق حممها من تحت الأرض، ومجلس حكم طائفي شكله بول بريمر الحاكم الأمريكي للعراق، ب "المسطرة"، كما حدود الخارطة العربية، بالهامات من سميه بول وولفويتز، أحد أهم أصدقاء إسرائيل في واشنطن ومنظر كل هذه المأساة في العراق، ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع الأمريكي العجوز المتعجرف المولع، دائماً، بتحطيم العلاقات الدولية حتى مع أعز الحلفاء. المواطنون العرب لا يستطيعون الانتظار، والحرائق تشتعل في أنحاء الخارطة ل"العالم العربي".. هذا العالم الذي لم يعرف بعد كيف ينسج نظامه الخاص، حينما تهرع الأمم إلى بناء مواقفها كرقم في المعادلة الدولية.. العرب وحدهم، المنبوذون المطرودون من جنة العالم.. ، أيام نظام الاستقطاب، كانوا أوراق لعب لمهارات الحرب الباردة، وفي "نظام رامسفيلد" الواحد، أصبحوا حقل تجارب لكل أنواع الكره ثقافياً وسياسياً وعسكرياً.. هم ليسوا سوى مثال ليتيم لا يحب أن يتجاهل قدرته على المواجهة بينما يستكين لذرف دموع ساخنة سخية.. عمرو موسى الذي رفض أن يكون "ساعي بريد"، يبدو أنه بحث عن "دواء حلو" لمريض عيوف.. ولكن يبدو أن قدمي الأمين العام قد كلت، ولم يجد دواء حلواً، فقرر أن يجرع المريض، وهو مشدود الوثاق، أكثر الأدوية مرارة.. أن تكون أو لا تكون.. يا أيها العربي.. لا نعلم إلى أى مدى نبقى مشدودين إلى وثاقنا.. ولكن لا مفر.. لأننا موثقون الآن بأكثر الأغلال إيلاماً: الهزيمة.. موسى الطبيب الذي يحاول مداواة جراحنا الموغلة المفتوحة، التي، دون أي شك، قد رسمها أكثر من "زعيم ملهم" (والمصيبة أنه لا يوجد لدينا سوى زعماء ملهمين)، وتركونا نتجادل، ما إذا كان الذي قد حل بنا هو "نكبة" أو "نكسة".. والمؤكد أن ما يحل بنا هو أكبر من كلتيهما، إذا ما اجتمعتا، معاً.. ومع ذلك فإن الأمين العام للجامعة العربية، أي أمين عام، يتسلح بتطعيم حيوي ينشأ طبيعياً، من معايشته اليومية للإحباط والآلام الطويلة ضد الهجوم العربي عليه.. ولهذا السبب تعود ألا يكون استفزازياً، ولكنه يرد الهجمات والركلات بمثلها.. دفاع طبيعي عن النفس.. واستعداد مسبق لنتائج المغامرة التي يجيء إليها، أحياناً، "بزفة" شعبية مشهودة، كما حدث مع السيد عمرو موسى الذي جاء إلى الجامعة وهو يعلم أن من أولى مهامه أن يصبر على الأثقال من نوع التركات الكبرى التي لا مفر من أن يحملها على ظهره ويدق الأبواب العالية لعواصم الأرض.. ويحث العرب على تأسيس "بيرسترويكا عربية". فيما يلي حوار مع الرجل "الأمل" المحنك العذب الذي يتجلى بضحكة تخفي وراءها كثيراً من الألم.. لكنه يبدي شجاعة في مواصلة الأمل والإيمان بقدرة العربي على النهوض، كما طائر الفينق، من تحت كل هذا الرماد.. النص: اليوم: معالي الأمين، نظراً للأوضاع الراهنة، فإن قراءنا بالتأكيد يتشوقون إلى إجابات عن أسئلة تشغل بال الجميع الجميع.. موسى: نتحدث اليوم في "اليوم".. اليوم: ونتحدث اليوم في "اليوم".. عن الغد.. موسى: طبعاً عن الغد.. طبعاً.. ضيق ذات اليد اليوم: هل يمكننا أن نتحدث عن أحوال الجامعة؟ موسى: أحوال الجامعة، في استعداد لطرح التعديلات الهيكلية المطلوبة.. والكل معبأ الآن لصياغتها ودراستها وإعدادها تمهيداً لعرضها على الحكومات واللجان المتخصصة، وكل ذلك إعداد لعرضها على القمة القادمة.. وهذه الإقتراحات قائمة على المبادرات والأفكار العربية التي طرحت في مختلف النواحي: التجديد والتحديث وربما الاستبدال في إطار الأنظمة واللوائح المعمول بها في الجامعة العربية.. في نفس الوقت الجامعة تواجه مشاكل مالية نظراً لعدم قيام بعض الدول بدفع التزاماتها المالية التي تم الاتفاق عليها على أعلى مستوى في الجامعة العربية. ولا زلنا ننتظر أن يتم الوفاء بهذه الالتزام وهي مبالغ بسيطة مقارنة بما ينفق في أمور أخرى. الجامعة العربية التزام على كل عربي، وأبقاؤها وتمكينها من النشاط موضوع مهم لا يتناسق مع فكرة عدم دفع الحصص المالية، بينما يتم الدفع إلى كل المنظمات الأخرى الدولية أو القارية.. برلمان عربي اليوم: ما ملامح التطوير الذي تنتظره جميع الشعوب العربية؟ موسى: أظن أطلعتم على المبادرات العربية التي نشرتها الصحف، وبعضها لم تنشره الصحف. وأود أن انتهز هذه الفرصة، دون أن أدخل في تفصيل المقترحات، أن أشير إلى إمكانية قائمة للدعوة إلى تشكيل برلمان عربي، وهذا البرلمان يجمع أعضاء البرلمانات ومجالس النواب والشورى في البلدان العربية. يمكن أن يجتمع عدد منهم لتشكيل نواة للبرلمان العربي. سوف نتحدث حول البرلمان العربي أساساً، إلى جانب مقترحات أو التعديلات المطلوب إدخالها إلى أعمال الجامعة العربية. شركاء لا سعاة اليوم: معالي الأمين.. نود أن تسمح لنا بأن نكون صريحين، باعتبارنا ننقل وجهة نظر المواطن العربي.. لدى بعض المواطنين صورة أن الجامعة العربية ليست سوى ساعي بريد، يوزع طلبات الدول الأعضاء ويتلقى الإجابات. موسى: لا.. هذا تبسيط كبير جداً.. ويبدو أنه ناتج من عدم الإطلاع على مجريات الأمور. ويتعين ألا تنسى أن الجامعة العربية، كمنظمة، هي أولاً انعكاس للدول العربية والعالم العربي.. لا نستطيع القول أن الجامعة العربية فشلت والدول العربية نجحت، أو العكس.. هذا إنعكاس لذاك.. وعلى الأقل في السنوات الأخيرة، توجد نجاحات واضحة.. مثلاً موضوع إعادة المفتشين الدوليين إلى العراق "قبل الغزو الأمريكي"، هذا عمل قامت به الجامعة العربية في الأساس، ويرجع إلى قرارات مجلس الأمن الأخيرة التي أشارت إلى دور الجامعة العربية في إعادة المفتشين الدوليين إلى العراق لإبعاد شبح الحرب قدر المكان. وبعد الحرب كان واضحاً أن تطورات جديدة ستحدث هناك.. وبعد أن بحثت الجامعة العربية الإمكانيات المختلفة، أقرت تمثيلاً مؤقتاً انتقالياً لمجلس الحكم العراقي في الجامعة.. هذا ليس عمل ساعي بريد، هذا قرار سياسي كبير جداً اتخذته الجامعة، مثلما، قبلاً ، أخذت على عاتقها إعادة المفتشين الدوليين إلى العراق.. وليس ذلك فحسب، وإنما هذان مثالان، وهما ليس إنشاء. بل أن قرارات مجلس الأمن توثق ما أوصت به الجامعة العربية أو ما قامت به.. إذاً.. الجامعة العربية حينما تملك حرية العمل، في إطار القرارات القائمة أو مواقف محددة، يمكنها العمل.. لكن في وسط الخلافات العربية أو تراجع عربي أو تردد عربي، لن نستطيع العمل.. الجامعة في قوتها تعكس حرية حركة يسمح بها العالم العربي. وفي فشلها تعكس تردد وفشل وتراجع العالم العربي. المشكلة القديمة اليوم: كيف هي سلوكيات الاجتماعات العربية، تبدو لا تزال لا تمس الحقائق والصعوبات؟.. موسى: أعتقد الآن، في السنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين، فإن التغير العالمي جعل كل المنظمات الدولية والإقليمية تتعامل مع الأمور بطريقة مختلفة. وإذا ما استمررنا نتعامل بنفس الطريقة القديمة والمجاملات والإحجام عن التحدث بصراحة، فإن ذلك أمر خطير.. مثلاً: لو كان الأمر مجرد مجاملات لما أمضينا ست ساعات نتداول في ما هو المفيد أو المضر بكيفية تمثيل العراق. ولا بد من الإشارة إلى أن الجامعة العربية هي التي أطلقت من بيروت المبادرة العربية عام 2001. وهي المبادرة التي تقدم بها الأمير عبدالله.. إذاً.. أين ساعي البريد الذي يتحدثون عنه..؟.. هذه مناقشات وقرارات في مسائل أساسية في الحياة العربية.. وقد وضع الموقف العربي من القضية الفلسطينية في صياغة واضحة تمت مناقشتها في بيروت وإصدارها، وهذا قرار كبير جداً، فهو تحديد نهائي للموقف العربي من عملية السلام. كل ذلك ليس إنشاء.. وإنما مدرج في قرارت مجلس الأمن، أما الترحيب بالمبادرة العربية، أو شكر للجامعة العربية على إجراء قامت به، أو الاستناد إلى قرارات الجامعة العربية. وحينما قبلت الجامعة مجلس الحكم العراقي باعتباره ممثلاً للعراق، تبع ذلك قبوله في الأمم المتحدة، ومنظمة المؤتمر الإسلامي. ولو أن الجامعة رفضت مجلس الحكم العراقي، لما تسنى له حضور اجتماعات الأمم المتحدة ولا القمة الإسلامية مؤخراً في ماليزيا. فذلك هو دور الجامعة العربية.. وهي ليست ساعي بريد ولن تكون ولم تكن.. وتوجد حملة خطيرة جداً تخدم أهدافا غير عربية، لتحطيم كل ما هو عربي، وإلغاء الجامعة العربية لصالح لا شيء. ولا بد من حماية التنظيم العربي مهما كان الأمر، فهو مرتبط بأي دولة عربية.. مرتبط بمصلحة عربية مشتركة.. صحيح أن دولاً كثيرة أو دولاً محددة، لا تود النظام العربي، ولا تريد أن يجتمع العرب.. وتستفرد بهم واحداً واحداً.. إنما موقف الدول العربية العاقلة والواعية هو أنه لا يصح الخروج من الجامعة ولا التفريط بها.. لأن الجامعة العربية كيان عربي عام، لا نتحدث عن دولة واحدة، بل عن مجتمع عربي، عن تكامل عربي، عن "عالم عربي" يعج بالأنشطة، ويتسم بتقارب في اللغة والدين والثقافة والذوق، وتقارب في كل شيء.. لصالح من نلغي كل ذلك..؟ (!!).. ولأي شيء؟.. ولماذا؟.. وما هو الصالح؟.. دعنا من إلغاء الجامعة العربية.. لماذا "حصار" الجامعة العربية..؟.. كل ذلك سوف يكون مطروحاً، وبجدية، وبأدلة.. إلى أين المفر؟.. اليوم: ولكن إذا ما قسنا الأمور بالنتائج؟.. فإن الجامعة العربية ليست الملجأ للمواطن العربي، وآلامه؟. موسى: نعم.. طبعاً.. أنا معه في هذا.. إنما ما هو الملجأ الآخر..؟.. هل هو الأمم المتحدة.. مجلس الأمن الذي يشهر الفيتو كلما يعرض موضوع عربي.. قل لي يلجأ لمن؟.. أنا معه أن الجامعة العربية ضعيفة وليست الملجأ.. ليس لأنها ضعيفة وإنما لأنها تعكس ضعفاً عربياً عاماً.. وأعيد سؤالي: يلجأ العربي لمن؟.. ربما بعضهم يقول: يلجأ إلى أمريكا.. صحيح أمريكا دولة قوية، ويجب أن يكون لنا معها علاقات قوية وطيبة. ولكن نحن مجتمع عربي، يتعين، على الأقل، أن نناقش ونتدبر أمورنا. والمطالبون بتهميش الجامعة لديهم "أجندة معينة".. إلى أين يلجأ المواطن العربي.. لا خيار.. اليوم: إلى إصلاح الجامعة.. موسى: لذلك نحن بصدد إنشاء برلمان عربي، ومحكمة عدل عربية، ولدينا الكثير مما يتعين القيام به وفعله.. وإنما مربط الفرس هو الإرادة السياسية.. نحن نسعى لإصلاح الجامعة، إنما مهما كان الأمر فهو يقتضي وجود إرادة سياسية عربية حقيقية ونية صافية. مبادرة سمو الأمير عبدالله اليوم: أنت عايشت الجامعة، منذ أن كنت وزيراً للخارجية المصرية، وأنت أمين الجامعة الآن، فهل المبادرات المطروحة تتناسب وطموح المسئول العربي، وثم المواطن العربي.. وهل فيها شيء من الصلاحيات اللازمة والملزمة للدول العربية؟. موسى: أنا أستند في التعديلات، التي سوف أقترحها، إلى مبادرات الدول، ففي المبادرة السعودية، فصل كامل عن موضوع الالتزام، لا بد من الالتزام. بل تصل المملكة العربية السعودية، في ضيقها من عدم الالتزام إلى ان توصي بأنه من لا يريد أن يلتزم فليتركنا.. ولتكن الجامعة العربية خمس أو ست أو عشر دول ملتزمة.. من لا يريد الالتزام فليغادر.. فمن غير المعقول أن تكون العضوية مجرد تعويق وتعطيل.. ذلك هو لب مبادرة المملكة العربية السعودية.. ولكي لا نجلد أنفسنا.. فإن عدم الالتزام بالقرارات ليس خاصاً بالجامعة العربية، إنما أيضاً في الأمم المتحدة، وفي المنظمة الأفريقية أيضاً.. تتخذ القرارات بلغة قوية، ثم تصدم بأرض الواقع.. يجب ألا نعذب أنفسنا بأننا وحدنا لا ننفذ القرارات.. ولكن ذلك لا ينفي أنه يتعين علينا أن ننفذ القرارات التي نتخذها.. الشفافية اليوم: الشفافية مطلوبة، وخاصة في الظروف الراهنة. هل تعتقدون أن الجامعة العربية، ترقى إلى هذا المستوى بالنسبة للمواطن العربي؟. موسى: لا.. ليس بعد.. إنما ضمن التعديلات المطروحة، التأكيد على دور المجتمع المدني العربي، للمنظمات العربية غير الحكومية، وجمعيات رجال الأعمال، والنقابات. ذلك هو الذي سيحقق الشفافية، وإطلاع الرأي العام، بمختلف تنظيماته، على عمل الجامعة أو المشاركة فيه. الأناس الطيبون اليوم: معالي الأمين.. هناك من يقول أن الجامعة العربية، هي عمرو موسى فهل العامل الوحيد الذي يتنفس بالتصريحات ونحوها؟.. موسى: لا.. هل يمكن أن تتصور أن فرداً يستطيع أن يعمل وحده، لا مسئول ولا وزير ولا رئيس دولة، ولا رئيس تحرير.. لا يمكن.. هذا اتهام ظالم.. في الجامعة يوجد أناس يعملون.. ليس كلهم، أي نعم.. وكنا نحتاج إلى آخرين.. إلى نوع أفضل.. ولكن توجد في الجامعة عناصر طيبة، إذا أعطت الفرصة تعمل وتعطي أفضل مما لديها.. التفكير بالمجموع اليوم: أقمتم اتصالات مع المثقفين.. ولكن يبدو الحوار لم يستمر.. موسى: حدث ثلاث مرات.. المرة الأولى في أكتوبر أو نوفمبر 2001 وكان بصدد بحث مسألة صراع الحضارات والتهجم علينا.. والمرة الثانية في عام 2002، لمناقشة إصلاح الجامعة.. ومؤخراً، المرة الثالثة، منذ شهرين، وكان الهدف مناقشة بعض الاقتراحات المحددة لإصلاح الجامعة.. وليس كل هذه الاجتماعات تحتاج إلى تغطية إعلامية. اليوم: هل ستستمر؟ موسى: لن تتوقف لأنني لا أستطيع التفكير وحدي، لا بد أن أعتمد على الفكر العربي، والمفكرون العرب قديرون. وإحباط.. أيضاً اليوم: حينما جئتم إلى الجامعة كان المجتمع العربي يضع عليكم آمالاً كبيرة.. وفي البداية بدأتم مشروعاً يتجاوب مع هذه الآمال.. مثل تعيين مفوضين للإعلام وحوار الحضارات، والعمل الاجتماعي، وقد صاحب مجيئكم زخم من النشاط، ولكن فجأة أنطفأت الشعلة.. بصراحة ما المعوقات.. هل يوجد بلد عربي مثلاً يقف عائقاً.. ربما تكون الإجابة ديبلوماسية، بذريعة الأوضاع في فلسطينوالعراق..؟ موسى: أنا من المحبطين بالنسبة لما يحدث في فلسطين، والطريق مغلق أمام أي تسوية، وأيضاً لما حدث في العراق ولبعض المواقف، أنا من المحبطين، مثلي غيري كثيرين. وقد أخذت الأحداث في المنطقة الصدارة في تفكير الكثيرين وأنا منهم. ولكن ذلك لم يمنعني من موضوع إصلاح الجامعة، وذلك ما نعمل عليه.. لا يمكن أن أصدر كل يوم بيانا أقول فيه أنني سوف أمضي ثلاث ساعات في إصلاح الجامعة، وساعة في الموضوع العراقي، أو الموضوع الفلسطيني.. إلى أخره.. وإنما هذا العمل الذي أؤديه، وهو واضح. وأرجو أن يكون واضحاً لديكم أن الجامعة العربية الآن لها رنين معين، وحركة ملحوظة، في مختلف المجالات.. وأود أن أسأل.. هل ترى هذه الحركة.. أم لا تراها..؟ أهلاً.. قرنق اليوم: أنا أمثل المجتمع العربي.. المجتمع العربي يعاني من إحباط وهزائم تاريخية، ويعاني من حصار حضاري وعسكري واقتصادي؟. موسى: بهذه المناسبة، اود أن أذكرك، بما تقوم به الجامعة في السودان، جون قرنق، لأول مرة في حياته، يأتي للجامعة العربية.. اليوم: جاء إلى الجامعة لأنها قدمت تنازلات. موسى: ليس في أيدينا شيء نتنازل عنه.. ولسنا الذين نتفاوض معه.. جاء لكي يشرح موقفه، للجامعة ولي.. وقال ما كان ينوي عمله، وما كان يعتزم التعاون بشأنه، وطلب تدخل الجامعة.. لماذا جاء.. لأنه يرى أن للجامعة العربية دوراً.. وأيضاً موضوع تقرير التنمية الإنسانية، والتقرير الخاص بالنواقص في المجتمع العربي.. لماذا جاءوا من الأمم المتحدة إلى الجامعة، بينما كان يمكن أن ينشروه في الصحف، أو يتفاهموا فيه ثنائياً.. أرجو أن تطلعوا على كل هذا.. أطلعوا من حكومة السودان، على دور الجامعة في السودان، ومن قرنق أيضاً. ومن الصوماليين عن دور الجامعة والعمل الذي نقوم به في كينيا مع الصوماليين. والوجود المستقر المستمر في هذه المسألة هو وجود ممثل الأمين العام للجامعة السفير القصيبي من عمان.. هل اطلعتم على منتدى "ديترويت".. هل كان "ديترويت" قد جاء من السماء.. أم جاء من الجامعة العربية ومبادرتها..؟.. هل أطلعتم على خطاب الأمير سعود الفيصل في "ديترويت".؟.. كان في غاية الأهمية.. ويجب أن تقرأوه إن لم تكونوا قد قرأتموه.. ... أنا "انقّلك" من السودان إلى أمريكا (مع المغتربين) إلى النواقص في المجتمع، إلى الطرح السياسي في فلسطينوالعراق.. الجامعة العربية، رغم كل نواقصها، فعلت كل ذلك في السنتين الأخيرتين. ألا ترون ذلك.. أو من المفترض تجاهله.. مغص وعزلة..!! اليوم: نحن نراه.. ولكن.. موسى: يوجد آخرون لا يرونه.. ولا يريدون رؤيته.. لأنه يسبب لهم تعباً..!!. اليوم: ربما لا يرونه نظراً للأوضاع البائسة.. لا يزال زعيم عربي أسيرا.. لم يطلق سراحه بعد.. وجامعة عربية معزولة عن أهم القضايا في وجدان الإنسان العربي.. موسى: صحيح.. ولكن ليست الجامعة العربية وحدها المعزولة.. هناك عجز عام.. الجامعة لا تتحمل المسئولية وحدها.. أين الأدوار المختلفة..؟.. هل أنا المسئول عن إطلاق سراح عرفات.. ؟.. أتمنى .. لكنت أطلقت سراحه فوراً.. والأوضاع تتطلب موقفاً عربياً شديداً وعنيفاً في مواجهة السياسية الإسرائيلية.. والتسامح معها والسكوت عنها خطأ إستراتيجي كبير جداً سوف يدفع ثمنه.. لا يمكن تحميل الجامعة كل شيء.. إن هناك من يبحث عن أي شيء، كشماعة، لمهاجمة العربية.. لماذا تسألني أنا..؟.. لماذا لا تسأل الكل..؟ اليوم: أنت ممثل الكل؟ موسى: أنا ممثل الكل.. نعم.. وأشعر بالمسئولية، ولكن لا أستطيع العمل لوحدي.. لا بد من مواقف سياسية تعاقب إسرائيل وتقف أمامها.. القطب الواحد اليوم: في القمتين العربيتين الأخيرتين، كانت جميع كلمات الزعماء واضحة، وقوية جداً، وناقدة للوضع العربي، إلا أنه في البيان الختامي وفي الأفعال.. لم يترجم من الكلمات.. فهل سبب ذلك الضعف، أم الدبلوماسية العربية، خاصة فيما يتعلق بالولايات المتحدة الأمريكية.؟. موسى: هناك ضعف عربي عام لا شك في ذلك. كما ان هناك ضعفا واضطرابا عالميا عاما بسبب أن دولة واحدة تحاول التحكم في المصير الدولي وبطريقة غير حكيمة، وأدى ذلك إلى الكثير من الاضطراب في العلاقات الأمريكية الأوروبية، والعلاقات الأمريكية العربية، والأمريكية الآسيوية.. مع الأسف العالم العربي، في حالة ضعف عام، لأسباب معروفة عندك وعندي، وقد أدى إلى هذه النتيجة في موضوع إسرائيل وموضوع العراق وغيرها.. أين الديمقراطية؟..!! اليوم: حسب تقييمكم إلى ماذا ستؤول الأوضاع في العراق.. إلى ديمقراطية مبهرة، وجنة الأرض، كما يقول الأمريكيون، أو حرب أهلية، أو عودة لديكتاتورية أشر وأمر..؟ موسى: نتمنى أن تكون جنة.. ولكن لا توجد جنة تبدأ بحرب وقتل وسفك الدماء.. أما الديمقراطية.. فأين هي؟.. لا نرى شيئاً.. الحرب انتهت منذ ستة أشهر ولا نرى أية ديمقراطية.. هذا الكلام لم يكن مدروساً.. وأخذ بسطحية بالغة، لم يستمعوا الأمريكيون إلى نصائح الآخرين، وكنا منهم، بأن غزو العراق ليس نزهة ولن تتلقوا الزهور.. فاقدموا على الغزو أما لانهم غير مدركين للنتائج، أو استمعوا إلى نصائح غير مخلصة. وبالنظر إلى ما نراه يحدث في العراق، فلن تكون هناك لا جنة، ولا ديمقراطية.. والعراق بهذه الفوضى، مرشح، مع الأسف، لاضطرابات متزايدة. ولا تبدو نهاية للاضطرابات إلا أن تتبع سياسة سليمة تبدأ من نقطة الانطلاق السليمة. حينما يقولون الأمريكيون إن المشكلة مشكلة أمنية، فإن نقطة الانطلاق خطأ.. المشكلة الأمنية هي نتيجة وليست سبباً فيما يحدث.. ومع الأسف يقعون في نفس الخطأ الخبيث الذي أدخله رئيس وزراء إسرائيل شارون في أذهان الأمريكيين وغيرهم.. بأن المشكلة بينه وبين الفلسطينيين أمنية وحينما يستقر الأمن كل شيء سوف يسير كما يرام.. وذلك خداع ونصب.. والمشكلة في العراق، ليست مشكلة أمنية، المشكلة هي احتلال وعدم قبول ومقاومة، وللخروج من هذه الأزمة، لا بد من موقف إستراتيجي نستطيع الاتفاق عليه. ومجلس الأمن كل حين يصدر قراراً للسير ربع خطوة إلى الأمام، لا يسمن ولا يغني. ولكن حينما نطلب قراراً إستراتيجياً بجدول زمني، لرحيل القوات الأجنبية وعودة السيادة إلى العراق، فإننا نطرح الأمل أمام العراقيين.. وكل ما يطرح الآن، كلام فارغ.. من يصدق هذا الكلام الآن..؟. يوجد احتلال لا بد من جدول زمني لإنهائه.. وحينما أنهيت الدولة العراقية، لا بد من جدول زمني لعودة الدولة العراقية والحكومة العراقية في فترة زمنية معقولة، بخطوات واضحة.. يوجد الكثير من الكلام حول الدستور، والانتخابات وانسحاب القوات الأجنبية.. كل ذلك مجرد كلام في الصحف وفي الهواء ولا يوجد هدف نهائي.. وإذا كنت تسأل عن تقييمي.. تقييمي متشائم جداً إزاء الوضع في العراق.. والحل هو حل توافقي في إطار مجلس الأمن، وتحت علم الأمم المتحدة، وليس دولة واحدة هي مطلقة اليد، وتخطط الأوضاع.. ويجب أن تكون الجامعة العربية ممثلة في تحديد المصير للعراقٍ لأنها تتحدث باسم العرب وبمصالح العرب إلى جانب العراقيين. احتلال لا فراغ اليوم: يوجد الآن فراغ في العراق.. موسى: لا يوجد شيء اسمه فراغ، يوجد احتلال ولا بد من إنهائه، لا نقول يرحل غداً ويترك فراغاً.. حينما نتفق على خط زمني معين، مثلاً خلال شهور، لن يحدث فراغ، لأن حكومة عراقية سوف تعمل وبرلمان عراقي، وفاعليات عراقية.. والفراغ حجة قديمة "بتاعة زمان".. فراغ الشرق الأوسط لكي يملأه لا أعلم من..!! لا يوجد فراغ في العراق.. العراق الأقدم من القديم اليوم: حتى التقسيم السياسي في تشكيل مجلس الحكم، تقسيم طائفي واضح.. موسى: هذا خطأ.. وأنا ضد التقسيمات الطائفية هذه.. لأن المواطنين في العراق هم عراقيون بصرف النظر عن أديانهم ومذاهبهم.. لقد التقيت بزعماء أكراد يؤكدون انهم أكراد عراقيون.. عراقيون.. وليسوا أكراداً أن لهم هوية مختلفة.. ويجب عدم التفريق بين الأديان والمذاهب والأعراق.. وإذا ما أصبحت الطائفية هي المعيار.. فإننا أمام عراق قديم.. بل أقدم القديم.. وإذا كانوا الأمريكيونٍ يلجأون إلى مثل هذه التقسيمات الطائفية.. فأين الديمقراطية.؟.. وأين الحرية؟. وأين الليبرالية؟.. وأين هو الجو الجديد؟.. حينما نخصص نسبة لمجموعة، ونسبة لمجموعة أخرى.. هذا هو نفس السلوك القديم.. لا جديد.. لا جديد تحت الشمس.. الأمر الواقع اليوم: بالمناسبة، كل المسئولين العرب يصرحون بأن مجلس الحكم، ليس سلطة شرعية في العراق، ومع ذلك يستقبل أعضاؤه وتجرى معهم محادثات.. موسى: هو سلطة انتقالية؟.. اليوم: هل شرعي أم غير شرعي؟.. موسى: لماذا ندخل أنفسنا في هذه المتاهة.. شرعي أو غير شرعي.. هو أمر واقع نتعامل معه. دعاء..!! اليوم: فيما يتعلق بوضع سوريا.. إذا ما تعرضت لعدوان إسرائيلي جديد، هل تتوقع أن يتخذ موقف عربي قوي.. موسى: آمل في ذلك.. آمل في ذلك.. وأدعو إلى ذلك.. وأصلي من أجل ذلك.. اليوم: هل توجد بوادر لموقف عربي بهذا الشيء..؟ موسى: نعم يوجد.. أنا استمعت من الرئيس مبارك إلى موقف قوى في هذا الشأن.. اليوم: هل سيتم الإعلان عن هذا الموقف لتفادي عدوان إسرائيلي على سوريا؟. موسى: المواقف معلنة ومعروفة، وفي نفس الوقت الضعف العربي معروف.. ويجب علينا أن نتخذ موقفاً يقوي من الطرح العربي والدور العربي. لذلك أتوقع أنه في حالة أي هجوم على سوريا.. سيكون قد فاض الكيل.. فاض الكيل.. وآمل بموقف عربي قوي. الأقربون اليوم: أليس من الغرابة أن يأتي الموقف الأقوى المساند لسوريا من إيران.. بينما الدول العربية هي الأولى أن تتبنى موقفاً حازماً.. موسى: مجلس الجامعة أعلن مجلس الموقف العربي.. ثم ما الغرابة في أن إيران تؤيد سوريا. وإيران دولة مسلمة شقيقة. نحن نصطف لتأييد سوريا.. ولا نتنافس.. اليوم: الأقربون أولى بالمعروف. موسى: طبعاً.. ما فيش كلام.. أنا معك في هذا.. ال99.99% الإسرائيلية اليوم: حينما صرح وزير خارجية سوريا فاروق الشرع، بأن سوريا سوف تضرب مستوطنات الجولان إذا ما تعرضت لعدوان إسرائيلي.. الغريب أن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية كولن باول قد علق على ذلك بموقف مساند أو داعم للغطرسة الإسرائيلية.. موسى: هذه هي المشكلة.. أمريكا أصبحت "على عينك يا تاجر" في دعم إسرائيل 99.99%.. "سمعتم بهذه النسب، قبلاً، طبعاً"!!.. (ضاحكاً).. اليوم: أكيد.. موسى: وتوجد 100%.. أيضاً.. اليوم: حدث ذلك.. صدام حسين هندس استفتاء أيد التجديد له 100% العام الماضي. حصانة إسرائيلية موسى: الدعم الأمريكي لإسرائيل أصبح يضفي حصانة على إسرائيل. مثلما توجد حصانة برلمانية أصبحت توجد حصانة قانونية لصالح إسرائيل.. مجلس الأمن لا يجرؤ على إدانة إسرائيل أو يوقفها عند حدها.. ولدى إسرائيل حرية كبيرة، في أن تبني جداراً، تعيث في الشرق الأوسط فساداً.. وهذه السياسة الأمريكية هي التي ستؤدي إلى كل السلبيات في الشرق الأوسط. مع الأسف الشديد، الأمريكيون يتبعون سياسية تستفز المواطن العربي كل صباح، حينما يرى ما تفعله إسرائيل أو ما يحدث في الوطن العربي. يمارس الأمريكيون تحيزاً مطلقاً مع إسرائيل، والعجيب أنهم يستغربون حينما يجدون جفاء من المواطنين العرب.. سياسية غريبة لا تترك مجالاً لبسمة على محيا عربي صديق لأمريكا.. انفجار..!! اليوم: ولكن السياسة الأمريكية ليست جديدة، هي سياسة قديمة ومعروفة منذ نصف قرن؟.. موسى: نعم.. سياسة قديمة.. كانت تترك لنا 10% نلعب فيها.. ولكن الآن لم تترك لنا ولا متراً.. ولذلك فإن الأمور لن تستمر هكذا.. العرب لن يتحملوا أكثر من هذا.. لا بد أن تحدث انفجارات.. ليس بالضرورة أن يكون انفجاراً إرهابياً.. إنما انفجار سياسي.. من غير الممكن أن تستمر الأوضاع بهذه الصورة.. الأمريكيون يدفعون المنطقة دفعاً لمعاداة أمريكا.. اليوم: ألا يشرح الزعماء هذه المسألة للمسئولين الأمريكيين؟.. موسى: كل ذلك يشرح.. وكل مرة نسمع "نعم لكم حق.. وسنرى".. ولا فائدة.. كيف يفهم.. هذا..!! اليوم: تصريحات المسئولين الأمريكيين تدل على أنهم مغيبون عن الحقيقة.. ربما لا يقول لهم المسئولون العرب الحقيقة كما ينبغي.. موسى: هم يعرفون كل شيء... والأمريكيون أذكى من أنهم لا يعرفون.. كثير من المسئولين العرب يتحدثون بصراحة شديدة جداً بهذا الشأن.. ولكنهم أصبحوا غير مهتمين.. بل أصبح العداء للعرب مسألة دينية هناك.. الجنرال ال "ح..." بويكين الذي قال ان المسلمين يعبدون صنماً.. وهو مساعد لوزير الدفاع الأمريكي ومسئول استخبارات والمفروض يتعامل مع دول عربية.. وموقفه ينطلق من مسألة دينية.. مثل هذا الجنرال لا يعرف أن الله واحد في كل الأديان.. هذه نوعية..!!. هل نطلب من مثل هذا أن يفهم؟.. لن يفهم.. ومثله كثيرون.. حينما نتحدث إلى أمثاله سوف نتحدث إلى أنفسنا.. الإرهاب اليوم: الحرب على الإرهاب، بعد 11 سبتمبر، أصبحت مطاطة وعار الإرهاب يمكن يوصم به أي إنسان.. موسى: نعم هي جملة مطاطة.. وضع تحت كلمة الإرهاب أي شيء.. كل شيء. التقرير اليوم: معالي الأمين.. كيف تتعاملون مع تقرير الأمم المتحدة حول التنمية في العالم العربي.. هل تعتبرونه ورقة عمل مثلاً؟. موسى: طبعاً.. حتى ولو اختلفنا في التقرير بهذه النقطة أو تلك، وتوجد اختلافات.. إنما التوجه الرئيسي للتقرير يحوي معلومات خطيرة، الذين كتبوا التقرير عرب.. ويحوي معلومات مهمة عن اللغة والثقافة والتعليم.. ويجب أن نأخذ الأمر بجدية.. ونتخلى عن مسألة شتم كل من يتهمنا بنقص الثقافة. علامات استفهام؟ اليوم: باعتباركم مواطن مصري.. كيف ترى تصريحات السفير الأمريكي في مصر ضد الصحافة المصرية؟ موسى: لا أريد أن أتعدى موقعي كأمين عام للجامعة العربية، ولكن الحقيقة أن تصريحات السفير تطرح علامات استفهام كثيرة، ولم أكن سعيداً بها على سبيل التأكيد. اليوم: هل يمكن القول إها بداية لحقبة انتداب للسفراء الأمريكيين في الوطن العربي؟. موسى: (ضاحكاً).. ما هذا السؤال..؟.. أعتقد أن رد الفعل الذي واجهته تصريحات السفير يجعلهم (الأمريكيين) يعيدون النظر في هذا الموضوع. المسألة الليبية.!! اليوم: دولة عربية طرحت أكثر من مرة مسألة انسحابها من الجامعة، ولكن بدبلوماسيتكم وتأثيركم.. أقنعتموها بالبقاء.. كيف يمكن معالجة هذا الموضوع المتكرر؟ موسى: هي دولة واحدة، وأرجو ألا تنسحب.. لا يوجد انسحاب من العروبة.. أما مواطن أو دولة عربية، أو تهاجر.. أما أن يكون العذر هو الجامعة، أو العرب.. نحن كلنا عرب.. يجب أن نحافظ على وجود ليبيا بالذات في الجامعة.. ويجب على الصحف أن تطالب بذلك.. وتحملها مسئولية الانسحاب.. وهذا الانسحاب لا معنى له.. إذا انسحبت ليبيا من الجامعة، هل يمكن من الغد أن تتحدث الأسرة الليبية "سواحلي.."؟!!. سوف تتحدث (عربي) أيضاً.. والأسرة هي المهمة، وهي نواة الشعب الليبي. صراع.. وقصة أخرى اليوم: بعد 11 سبتمبر، أصبحنا وقوداً للنظام العالمي الجديد.. والسياسات الغربية ربما تتعدى أن المحافظين الجدد يهيمنون على السياسة الأمريكية.. يوجد الآن صراع حضارات حقيقي.. وقد تفاءلنا بتعيين مفوض لحوار الحضارات في الجامعة العربية.. ما الذي يتعين علينا فعله لمواجهة المحافظين الجدد وأدوات الصراع؟ موسى: نحن نريد سياسية إعلامية عربية شاملة في هذا الموضوع. وقد أقررناها. ولكن مع الأسف لم يدفع أحد.. وبقي المجهود الإعلامي من كل دولة لوحدها.. حينما يوجد إعلام عربي يتمتع بزخم قوي ومدعوم مادياً، هو الذي يدافع عن أية دولة عربية تتعرض لهجوم إعلامي.. حينما كنا في "ديترويت" وأطلق باول تصريحات لم تكن عادلة بحق العرب.. رد عليه في اليوم التالي الأمير سعود الفيصل باسم العرب، وكان للرد فاعليته لأن المكان كان منتدى عربياً ويحضره أمريكيون وإعلاميون. وهذا هو العمل المشترك المطلوب.. الدفاع الفردي غير مجد، وليس كالدفاع العام.. الدفاع العام يحتاج الى تمويل. تتحدث عن التمويل.. هذه قصة أخرى عريضة طويلة!! وهنا الضعف العربي. نحتاج إلى بركات!! اليوم: معالي الأمين.. هل تتوقع أن يأتي رمضان المقبل ولدينا جامعة جديدة.. وعمر جديد هو أنتم أيضاً.؟ موسى: شف.. أنتم بجانب الحرم المكي تذهبون تدعون لنا!! اليوم: نحن على مسافة 1300 كم من الحرم المكي.. والقاهرة أقرب؟. موسى: تستطيعون أن تصلوا بالطائرة قبلي.. أو حسناً.. أذهبوا إلى المدينة وادعو لنا في المسجد النبوي. اليوم: هل هذا يعني أنكم تفقدون الثقة في قدرة الخطط الراهنة على النجاح. موسى: لا نحتاج إلى المباركة أيضاً. المسألة اليهودية اليوم: كما تعلمون أن تصريحات محاضير محمد رئيس وزراء ماليزيا (سابقاً) حول تأثير اليهود في توجيه السياسة العالمية، أثارت ضجة في الغرب.. وكان رد الفعل غاضباً بالذات في الولايات المتحدة.. فكيف ترون هذه الضجة؟. موسى: أولا محاضير رجل محترم، وخطابه شامل جامع، لم يأخذوا منه إلا جزءاً واحداً.. في نفس الوقت يهين جنرال أمريكي (بويكين) ليس المسلمين فقط وإنما رب المسلمين سبحانه ولم تتعرض آلة الإعلام الأمريكية للجنرال بسوء مقارنة بما قالته عن محاضير.. وهذا إزدواجية معايير.. فإن عدم اتخاذ أي إجراء بحق الجنرال يجعل الموقف من محاضير مغرضاً.. ثم إن محاضير لم يكن ضد اليهود ولا نحن ضد اليهود. ولماذا نكون ضد اليهود، إنما السياسة الإسرائيلية في فلسطين تجعلنا لا نطمئن لا إلى سياسات إسرائيل أو سياسات مؤيدة لها. السياسة الأمريكية تفرخ الإرهاب اليوم: المواقف الأمريكية، والغربية المساندة لإسرائيل تشجع على تفاقم العنف وتوجد ثقافة عنف. موسى: وهذه جاءت منك.. وليس مني. مثلك.. يا أخي اليوم: الأمين العام.. ما رسالتكم إلى المواطن العربي؟ موسى: والله يا أخي.. لا أعلم ماذا أقول.. رسالة إلى المواطن العربي ماذا أقول فيها.. هل أقول له أصبر.. أو أعزيه فيما يجري في العالم العربي.. على كل أقول له إنني مثلك بالضبط.. في تمام إحباطك وغضبك وزعلك وتأثرك.. وأنا أفعل ما أستطيع. من الداخل!! اليوم: أنت قريب من القلب.. وحزن كثيرون لذهابك إلى الجامعة لأنك في الخارجية المصرية تتاح لك فرصة أفضل لخدمة العرب. موسى: الجامعة العربية تجربة مفيدة.. ترى العالم العربي من الداخل.. فتصاب بالاحباط..!! الأمين العام مع عرفات الأمين العام مع مسئول الشئون الخارجية في الاتحاد الاوروبي