في 213 قبل الميلاد هجم القائد الروماني ماركوس مارسيلوس بأسطوله على مدينة سيراقوسه عاصمة أعدائه اليونانيين، وقد ملأته الثقة أن يفتح المدينة في 5 أيام، إلا أنّ فتحها أخذ منه أكثر من سنة، والفضل لرجل واحد: أرخميدس. قصته مشهورة في كتب التاريخ، حينما كان يفكر في حل لمعضلة وهو يستحم وبرق له الحل فنهض مبتهجاً وركض في الشوارع يصيح "وجدتها!"، وهو اكتشاف مبدأ إزاحة السوائل، لكن على شهرة هذه القصة إلا أن أرخميدس كان أكبر شأناً من ذلك، ويرى الكثيرون أنه أعظم علماء العصور القديمة، فهو ليس مخترعاً عبقرياً فحسب بل حاذقاً في علوم أخرى أبرزها الرياضيات والفيزياء والهندسة والفلك، أما أعجب قصصه فهي تلك بالأعلى، وهي إنقاذه "المؤقت" لدولته. كان هو العقل المفكر وساعده قومه في التنفيذ، وأعطاه الرئيس سلطة عالية للدفاع عن الدولة كونه مستشاره الخاص، وقد ظل سنين يبني ما أسماه "محركات" ليدافع عن دولته ضد أعدائها، فلما أتى الرومان أمر بتشغيلها، فما هي؟ مجانق ضخمة، تقذف صخوراً أكبر مما اعتادت المجانق قذفه، وأخرى أصغر تقذف أسلحة حادة. اتسعت أعين الرومان بذهول وهم يرون صخوراً بحجم الحمير تنهال عليهم وتكسر هجمة جيشهم المهيب. بعدها حَصَد أرخميدس من العدو أعداداً غفيرة بسلاح آخر: الكلّابات. ذراع ميكانيكية ضخمة في طرفها كلاب قابض يمسك بالسفينة ويغرقها. وعندما ظنوا أنهم رأوا كل شيء إذا بهم يرتاعون لما رأوا سلاح أرخميدس الجديد: أشعة مدمرة. ببساطة كانت مرايا هائلة صوب بها أشعة الشمس على سفنهم فأشعل فيها النار الواحدة تلو الأخرى، وأدرك مارسيلوس بغيظ أنه لن يستولي على المدينة بالسرعة التي اعتقدها. ذاع صيت العالِم الذكي حتى إن الرومان بمجرد أن يروا حبلاً أو خشبة تطل من أسوار القصر ارتعبوا وظنوه سلاحاً جديداً لأرخميدس، وقد يكون مجرد سلّم! استمر مارسيلوس في الهجوم واحتل المدينة بعد سنة عنيفة شاقة، وقُتِل أرخميدس مع من قُتِل من أهلها، ويبدو أن الكثرة لا تغلب الشجاعة فحسب بل أيضاً العبقرية.