أكدت العديد من السيدات في المجال الخيري والقطاع غير الربحي، بأن غياب سمو الأميرة البندري بنت عبدالرحمن بن الفيصل آل سعود، سيترك أثراً بالغاً في المجال الخيري، الذي خلفت من خلاله «بصمة» مميزة لا يمكن أن تغيب برحيلها، فهي الرائدة الأولى للقطاع الخيري والإنساني في المملكة، والممثلة لمؤسسة خالد الخيرية، والتي شغلت منصب الرئيس التنفيذي فيها. سعت الأميرة الراحلة لتطوير الفكر الخيري بشكل وضعه على مسارات جديدة مختلفة عن الفكر السائد الخيري الذي يعتمد على الرعوية، متبنية الفكر التنموي في القطاع الخيري الاجتماعي، وداعمة لكل فكر يقوم على العمل المؤسسي الفاعل في مثل هذا القطاع غير الربحي، مؤمنة طوال مسيرة حياتها بأن العمل غير الربحي لابد أن يقوم على تطوير العقول وليس إمداد المال، وبأن الأسر المحتاجة وفكرة الدعم الخيري يجب أن يبنى على الفكر التدريبي الذي يبني الإنسان ويحرره من فكرة «الحاجة والاحتياج»، مثمنين تلك المبادرات التي قامت بها، والتي من خلالها استطاعت أن تسهم في تطوير وتحديث الكثير من الجمعيات الخيرية والمؤسسات غير الربحية. تطوير العمل الإداري والتنموي وأكدت مديرة جمعية ود نعيمة الزامل، بأن سمو الأميرة البندري بنت عبدالرحمن الفيصل -رحمها الله-، استطاعت أن تدعم القطاع الخيري بشكل كبير، حينما تبنت الجائزة التي تبنتها مؤسسة الملك خالد، والتي كانت داعمة وحاضنة لمثل هذه الجائزة، ولذلك تميزت شخصية سمو الأميرة الراحلة بشخصية مميزة، لها بعد في الرؤية فيما يتعلق بتطوير العمل الخيري، ولذلك فكان من الطبيعي أن نستفيد من تلك التجربة الكبيرة والمختلفة في هذا القطاع، فمثل هذه الجائزة السنوية التي كانت تحتضنها وتقدمها للجمعيات المميزات كانت حافزاً كبيراً لمختلف الجمعيات بحيث تستفيد منها في تطوير نفسها بشكل يدفعها لخدمة الأسر المحتاجة بطرق أفضل من الطرق التقليدية، ولذلك عرفت باهتمامها بتطوير العمل الإداري والمؤسسي في القطاع الخيري، وهذه السياسة كانت من أبرز ما كانت تركز عليه في مؤسسة الملك خالد، وهو تحويل الدعم المباشر، إلى جانب مؤسسي يتوجه بالمعرفة في تعميم المعرفة والتنافس عليها حتى أسهمت في تشكيل مفهوم جديد في القطاع الخيري. وأشارت الزامل إلى اهتمام سمو الأميرة البندري -رحمها الله- بتطوير العمل التنموي، فحينما كانت تبحث عن المؤسسات غير الربحية تحرص على أن تطورهم، من منطلق تغيير المحور التقليدي الذي تسير عليه الجمعيات الخيرية، بشكل يدفع هذه الجمعيات إلى أن تقديم تطوير مجتمعي من خلال التوجيه التنموي للأفراد في المجتمع، وهذا هو كان هاجسها الذي تعمل عليه، ويتضح ذلك من خلال ما تقدمه مؤسسة الملك خالد، والتي حرصت بحكم موقعها في الجمعية أن تقدم الدعم للخدمات الاجتماعية وتطويرها مع تقديم أفكار تنموية تعمل على تصحيح مسار مختلف الجمعيات، وهذا يحسب لسمو الأميرة التي أسهمت بانتشار التطوير في القطاع غير الربحي. وأشارت مديرة جمعية ود إلى أن الجائزة السنوية التي كانت تقدم من قبل المؤسسة تمنح للجمعيات التي تعتمد على التطوير المؤسسي في الجمعية بشكل موثق وله مرجعية واضحة بعيداً عن العشوائية، وهذا ما كانت تتبناه الأميرة الراحلة، فمن المهم أن يكون اتجاه الجمعية اتجاهاً مؤسسياً خيرياً وبأن لا تعتمد الجمعيات على التبرعات بقدر ما تعتمد على نفسها في تطوير استثماراتها. ولاء للعمل الخيري الاجتماعي وترى مديرة جمعية البر الخيرية بالدمام بدرية العثمان، بأن سمو الأميرة البندري الفيصل -رحمها الله- كانت تسعى لتطوير العمل الخيري بكل ما تملك من جهد وفكر لإيصال الرسالة الخيرية لمن حولها حتى يكونوا سفراء لفكرها، ولذلك تركت بصمة ستؤثر على من تركتهم بعدها في هذا القطاع غير الربحي، فكانت تملك نهجاً خيرياً تطويرياً مميزاً ولافتاً فمن الصعب أن لا يتجاوز أي شخص كان قريب من طريقتها في التطوير أن يتجاوز تلك الدراية وذلك التميز في الرؤية الخيرية. وأوضحت العثمان بأن سمو الأميرة الراحلة كان لها تأثير كبير في تغيير النظرة للعمل الخيري فحرصت على تحويل كل أسرة محتاجة من الإنتاجية إلى الرعوية حتى دخلت الجمعيات الخيرية في مجال التدريب والتثقيف فلم تعد المساعدات رعوية نقدية ولكن تحويل الرعوية إلى الإنتاجية، وهذا هو النهج الذي انتهجته في الجمعيات ولذلك فالكثير من الأسر طويت ملفاتهم وتحولوا إلى مشروعات صغيرة تدعم دخلهم، ولذلك اعتمدت الجمعية لدينا على التركيز على التدريب لمثل هذه الأسر فقدمنا دورات في الصيانة بشكل دعم دخول أبناء الأسر المحتاجة في مجال الصيانة للجوالات وأجهزة الحاسب الآلي، مبينة بأن سمو الأميرة البندري تركت بصمة كبيرة فلديها ولاء للعمل الخيري الاجتماعي أثر على كل من اقترب منها فالتطوير للخطط الخيرية كان همها الكبير. بصمة في القطاع غير الربحي وترى الكاتبة الصحفية د. عبلة المرشد، بأن الموت يغيب أرواحاً كانت بيننا، ولا نملك أمام قضاء الله وقدره إلا أن ندعو لها بالرحمة والغفران والثبات، وأن يعوضها الله جنات الفردوس الأعلى، ويجبر أهلها وذويها، وجميع من لمس شيئاً من جهود الفقيدة رائدة العمل الخيري والتطوعي، ولكن في الحقيقة الموت الحقيقي للإنسان يكون عندما يكون حياً يرزق وبإمكانه عمل الخير أو المساهمة في خدمة المجتمع ولا يفعل شيئاً من ذلك ويكون مشغولاً فقط بذاته وحاجاته ومن حوله من خاصته، هؤلاء عند موتهم لا ينعيهم سوى من حولهم وبموتهم ينتهي فعلياً وجودهم في الحياة، إلا أن حجم العمل الخيري وعمق الإخلاص الذي تميزت به الأميرة البندري كان بصمة في القطاع غير الربحي، وفي خدمة المجتمع، مما سيترك أثراً كبيراً في مسيرة المجال الخيري.