أثبتت البنوك السعودية على مر السنوات السابقة قدرتها على تحمل الضغوط الناتجة عن تراجع الاقتصاد وأظهرت جدارة ائتمانية عالية تضاهي أعلى المعدلات للبنوك الكبرى في العالم، وتمكنها بسهولة تحمل مختلف سيناريوهات الصدمة الاقتصادية، حتى مع تراجع أسعار النفط إلى مستويات أقل من 30 دولاراً للبرميل، ويعود الفضل إلى صرامة مؤسسة النقد العربي السعودي التي جعلت من السلامة المالية من أهم المتطلبات التي تراقبها بشكل دوري وتوجه إلى إصلاح أي خلل قد يخل بمؤشراتها وأيضاً تقوم باختبارات الضغط على الاقتصاد الكلي من أعلى إلى أسفل للقطاع المصرفي السعودي على أساس ربع سنوي للحصول على تقييم عن مرونة القطاع المصرفي السعودي في استيعاب صدمات الاقتصاد الكلي. مع تحول كافة الشركات المدرجة في السوق السعودي إلى استخدام معايير المحاسبة الدولية اعتمدت البنوك السعودية منذ مطلع يناير 2018، المعيار المحاسبي «9» بدلاً من المعيار المحاسبي الدولي السابق «39»، والذي يؤثر بشكل أكبر على حقوق المساهمين والملاءة المالية للبنك، نتيجة الزيادة في مخصصات انخفاض قيمة الائتمان حيث يعتمد المعيار المحاسبي «39» على تجنيب مخصصات حين تعثر العميل فعلياً، أما المعيار المحاسبي 9 فيتم الاعتراف بالمخصصات بناء على توقع تعثر العميل مستقبلاً حتى لو لم يكن متعثراً وبلا شك فإن هذا المعيار يعطي البنوك قدرة عالية على تحمل أي تعثر قد يحدث في عمليات التمويل، وفي المقابل أثر فعلياً على حقوق المساهمين خلال العام السابق 2018 مع تطبيق هذا المعيار حيث تم تجنيب مخصصات إضافية وتم تحويلها مع بداية العام 2018 من الأرباح المبقاة الى مخصص خسائر الائتمان. القروض المتعثرة ارتفعت في العام 2018 إلى حوالي 25 مليار ريال مرتفعة بنسبة 22 % عن العام 2017 وهي تمثل بالمجمل حوالي 1.8 % من اجمالي محفظة التمويل وعلى الرغم من ارتفاعها من نسبة 1.5 % في العام 2017 الا أنها تعتبر جيدة في ظل التباطؤ الاقتصادي خلال السنوات الماضية ومن المتوقع أن تتحسن النسبة بدء من العام الحالي 2019 مع عودة الإنفاق الحكومي للارتفاع وخصوصاً الإنفاق الرأسمالي، أعلى بنك في نسبة القروض المتعثرة مقابل محفظة التمويل هما البنك الأول بنسبة 4.29 % يليه بنك ساب بنسبة 3.02 % ومن المتوقع اندماجهما هذا العام وقد تساهم عملية الاندماج في خفض القروض المتعثرة، وسجل مصرف الراجحي أقل نسبة تعثر عند 0.98 % وقد يرجع السبب إلى تركيزه على تمويل الأفراد الأقل تعثراً بسبب تحويل المرتب الشهري والبنك يستوفي أقساط التمويل بعكس الشركات التي قد تمر بظروف خارجة عن الإرادة تتسبب في التعثر. مخصصات خسائر الائتمان ارتفعت خلال العام 2018 بنسبة تجاوزت 29 % مع نمو القروض المتعثرة وكذلك تطبيق المعيار المحاسبي رقم 9 وارتفعت نسبة تغطيتها للقروض المتعثرة إلى 171 %، أكثر البنوك تجنيباً للمخصصات هو مصرف الراجحي الذي تغطي مخصصاته حوالي 342 % من إجمالي القروض المتعثرة وهذا من شأنه إعطاء المصرف قدرة عالية على تحمل كافة المتغيرات في حركة انخفاض قيمة التمويل، مخصصات البنك الأهلي بلغت تغطيتها للقروض المتعثرة 142 % وهي أقل من متوسط القطاع ولوحظ أن البنك استفاد من خفض المخصص خلال العامين الماضيين من أجل تعظيم الأرباح، البنك السعودي الفرنسي أقل البنوك تغطية للقروض المتعثرة بنسبة 112 %. شطبت البنوك خلال العام 2018 حوالي 12 مليار ريال وحسب نظام مؤسسة النقد فإن البنوك ملزمة بشطب أي ديون متعثرة مضى على تأريخ التعثر 360 يوماً وتستمر البنوك في متابعة الديون المشطوبة وإن تحصل منها أي مبالغ تتم إضافتها إلى الأرباح، مصرف الراجحي أكثر البنوك شطباً للديون بحوالي 3.4 مليارات ريال ولكن المبلغ تراجع بنسبة 10 % عن العام السابق وهو مؤشر إيجابي على فاعلية إدارة معالجة الديون في عمليات تحصيل القروض المتعثرة، البنك الأهلي شطب حوالي 2.5 مليار ريال مرتفعاً عن العام الماضي بحوالي 47 %، اما أفضل البنوك في خفض الديون المعدومة هو بنك ساب بتراجع -82 %. معدلات كفاية رأس المال تراجعت خلال العام 2018 لسببين أولهما هو تطبيق المعيار المحاسبي رقم 9 بداية من العام والذي تسبب في تحويل مبالغ إضافية إلى مخصص خسائر الائتمان وقد تم خصمها من حقوق المساهمين وتحديداً من الأرباح المبقاة، أما السبب الآخر هي مطالبات الزكاة حيث لجأت بعض البنوك إلى وضع المخصص في الاحتياطات الأخرى ضمن حقوق المساهمين وعندما تمت التسوية مع الهيئة العامة للزكاة قامت مع نهاية العام بتحويل المخصص من حقوق المساهمين إلى المطلوبات الأخرى وهذا أثر بشكل أكبر على مصرف الراجحي الذي تراجع لديه معدل كفاية رأس المال الأساسي والمساند بنسبة 13 % يليه بنك الرياض بنسبة 8 % وبنك البلاد بنسبة 7 % أما أكثر البنوك التي استطاعت رفع معدل كفاية رأس المال هو بنك الجزيرة الذي ارتفع بنسبة 31 % ويعود السبب الى رفع رأس المال خلال العام 3 مليارات ريال ورأس المال المساند بحوالي 2 مليار ريال، وحسب معايير لجنة بازل 3 فإن معدل كفاية رأس المال يجب أن لا يقل عن 8 % ورأس المال الأساسي والمساند لا يقل عن 10.50 % وحرصت مؤسسة النقد السعودي على أن تجعل من البنوك السعودية أفضل البنوك في العالم من حيث الجدارة الائتمانية ومعدلات كفاية رأس المال لذا نجد أن متوسط البنوك السعودية في معدلات كفاية رأس المال ضعف معدلات بازل 3 وأعلى بكثير من أكبر البنوك في العالم.