ساهمت الإصلاحات المالية التي قامت بها الحكومة في تسريع سداد مستحقات القطاع الخاص؛ حيث التزمت وزارة المالية بصرف المستحقات المالية خلال 60 يوماً من تاريخ تقديم الفاتورة وكانت في السابق تتأخر إلى مدد قد تتجاوز سنة كاملة مما يتسبب في تعثر بعض الشركات في سداد القروض البنكية وهو ما جعل البنوك ترفع من مخصصاتها التمويلية إلى أرقام كبيرة تجاوزت 1،7 % من إجمالي القروض المتعثرة وهذا الإجراء ضغط كثيراً على ربحية البنوك ولكن مع التزام وزارة المالية بسداد المستحقات في المدة المحددة أعطى البنوك فرصة لمراجعة مخصصاتها خلال العام 2017 للقروض المتعثرة والتي قامت الشركات بسدادها وخفضت من المخصصات أو احتفظت بالمخصصات السابقة كما هي دون زيادة وهذا الإجراء ساهم بشكل كبير في زيادة أرباح البنوك خلال العام المنصرم 2017 وعزز أيضاً من فرص زيادة التوزيعات النقدية للمساهمين بعدما سادت حالة من الاطمئنان على وضع الاقتصاد المحلي الذي تحسن كثيراً مع تطبيق مبادرات وبرامج التحول الوطني. حققت البنوك صافي أرباح تجاوز 44 مليار ريال بنسبة نمو سنوي تقدر بحوالي 9 % وبالاطلاع على الجدول المرفق نجد أن دخل العمليات خلال العام المنصرم ارتفع بنسبة 4 % بينما صافي الأرباح ارتفع بنسبة 9 % وهذا مؤشر بأن معظم أرباح البنوك جاءت بسبب خفض مخصصات انخفاض قيمة التمويل، وبهذا النمو العالي تعتبر أرباح العام المنصرم أعلى أرباح تحققت للبنوك السعودية تاريخياً وربما لا تستطيع المحافظة على هذه الأرقام سنة 2018 نظراً لتطبيق المعيار المحاسبي الدولي 9 والذي يطالب البنوك بزيادة المخصصات للقروض حتى الجيدة منها، بنك الاستثمار حقق أعلى نمو في الأرباح بنسبة 34 % ولكن يجب أن لا يكون ذلك مؤشرا على تحسن كبير في أداء البنك لأن الأرقام مقارنة مع 2016 الذي شهد تراجعا حادا في أرباح البنك تجاوزت 21 % ومع ذلك يحسب للبنك عودته السريعة لتنمية أرباحه، أما بنك الجزيرة فهو البنك الوحيد الذي لديه تراجع في الأرباح وذلك بسبب تضمين أرباح العام المقارن 2016 أرباحا رأسمالية تتمثل في بيع أرض مملوكة للبنك، أما مصرف الراجحي والبنك الأهلي فقد استحوذا على الحصة الأكبر في أرباح البنوك وحققوا أرباحا صافية قاربت 19 مليار ريال تشكل 34 % من أرباح القطاع. بالنسبة لمخصصات انخفاض قيمة التمويل نجد أن هنالك خمسة بنوك خفضت مخصصاتها خلال العام 2017، بينما حافظ بنك الرياض على مخصصاته السابقة دون زيادة تذكر وهنالك ستة بنوك رفعت مخصصاتها أبرزها مصرف الانماء؛ حيث رفع مخصص خسائر التمويل بنسبة 35 % بالرغم أن تمويل الأفراد لا يمثل في محفظته التمويلية أكثر من 18 % إلا أن نصف مخصص خسائر التمويل ذهب لتغطية تمويل الأفراد بنسبة تغطية تقدر بحوالي 2 % ولا أعلم ما هو سبب المبالغة في زيادة مخصص تمويل الأفراد إلا إذا كان المصرف يمول أفرادا دون تحويل راتب أو العاملين في القطاع الخاص وهذا بالتأكيد من الأدوات التمويلية عالية المخاطر ونسب التعثر فيها عالية التي تحتاج فعلاً إلى زيادة المخصصات لمواجهة التعثر المحتمل، في المقابل نجد أن مصرف الراجحي وهو المتخصص في تمويل الأفراد لم يجنب مخصصات لتمويل الأفراد إلا نسبة أقل من 0.4 % من إجمالي محفظة تمويل الأفراد. الودائع خلال العام 2017 بلغت 1.66 تريليون ريال متراجعة عن العام السابق بحوالي 11 مليار ريال أغلب التأثير جاء من البنك الأهلي الذي تراجعت ودائعه بحوالي 7 مليارات ريال، مصرف الإنماء وبنك البلاد هما الأفضل في نمو الودائع ولكن نصفها تقريباً ودائع مكلفة؛ حيث ساهمت برامج ودائع الادخار المتوافقة مع الضوابط الشرعية إلى استقطاب العديد من العملاء ولكنها سوف تؤثر على أرباحهما إذا ما استمر رفع سعر الفائدة خلال هذا العام ويظل مصرف الراجحي هو أفضل البنوك لتميزه وقدرته على المحافظة على حصته السوقية من الودائع بل إن العام 2017 شهد تطوراً مهماً وهو انخفاض الودائع المكلفة بحوالي 7 مليارات وفي المقابل نمت الودائع غير المكلفة بذات الرقم لتنخفض معها نسبة الودائع المكلفة إلى 6 % فقط وهو ما يجعل مصرف الراجحي في وضع تنافسي جيد إذا تم رفع أسعار الفائدة خلال العام الحالي، يليه البنك الأهلي حيث تشكل الودائع المكلفة لديه حوالي 18 % أما بنك الاستثمار والبنك الأول فإن الودائع المكلفة لديهما تتجاوز 60 % وهو ما يجعلهما تحت الضغط والقدرة على منح التمويل بأسعار تنافسية إذا تم رفع الفائدة خلال هذا العام. محفظة التمويل شهدت تراجعا خلال العام 2017 بنسبة 1 % معظم البنوك تراجع لديها الإقراض ماعدا مصرف الراجحي ومصرف الإنماء وبنك البلاد وسجلت هذه البنوك نمواً جيداً، الأفضل كان مصرف الإنماء بحوالي 10 % أي بزيادة 8 مليارات ريال والنمو جاء من قطاع الشركات بينما تراجع قطاع الأفراد قليلاً وحقق مصرف الراجحي نموا متوازنا في تمويل قطاع الأفراد والشركات حيث نمت محفظة الأفراد 3 %، ونمت محفظة الشركات 6 %، أما البنك الأهلي صاحب أكبر محفظة تمويلية فقد تراجعت محفظته بحوالي 2 % وتراجعت محفظة تمويل الشركات بنسبة 6 % ومحفظة المصرفية الدولية هي الأخرى تراجعت بنسبة 8 % بينما نمت محفظة تمويل الأفراد بحوالي 6 % وربما يعود هذا النمو في تمويل الأفراد إلى بطاقة الأهلي الائتمانية (مرابحة). حسين بن حمد الرقيب Your browser does not support the video tag.