سنة 2016 كانت مليئة بالتحديات، انخفاض حاد في حجم السيولة، تراجع أسعار النفط الى أدنى المستويات، تأخر الحكومة في صرف مستحقات القطاع الخاص، تراجع حاد في الاقتصاد المحلي، إصدار سندات دين محلية أضعفت السيولة لدى المصارف ومخصصات عالية للقروض المتعثرة، تراجع في حجم الودائع، نمو ضعيف في محافظ الإقراض المصرفي ومع ذلك استطاعت المصارف السعودية من المحافظة على جدارتها الائتمانية وبكل اقتدار. نمو محفظة التمويل بسبب الأزمة الاقتصادية وتراجع النشاط التجاري وضعف الإنفاق الحكومي على المشروعات الجديدة تحفظت البنوك في منح التمويل للشركات بالإضافة إلى ضعف الطلب أيضاً على التمويل ولم يحقق نموا إلا في حدود 2% مقارنة مع 10% العام السابق ولذا غيرت بعض البنوك قناعاتها التسويقية وتوجهت إلى تمويل الأفراد الذي يعتبر أقل مخاطرة من تمويل الشركات ولكنه يحتاج إلى جهود تسويقية أكثر ويحتاج أيضاً إلى منافذ بيع منتشرة وقد نجحت بعض البنوك في زيادة حصتها التسويقية مثل مصرف الإنماء الذي نمت محفظته بحوالي 23% ومصرف الراجحي احتفظ بحصته السوقية في تمويل الأفراد وحقق نموا في محفظة التمويل 7% وهي أقل نمو من العام السابق ولكنها تعتبر جيدة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة بينما تراجعت محافظ التمويل لدى 7 مصارف. القروض المتعثرة على الرغم من التحديات التي واجهتها البنوك خلال عام 2016 من تعثر بعض المقترضين بسبب تأخر استلام مستحقاتهم إلا أن القروض المتعثرة لم تتجاوز نسبة 1.3% من إجمالي التمويل وهي تزيد بعُشر في المئة عن العام السابق وهذا إنجاز يحسب للمصارف وسياساتها الائتمانية المتحفظة التي حمتها من تسجيل نسب عالية في التعثر ماعدا البنك الأول الذي أخفق بتسجيله قروضا متعثرة بحوالي 800 مليون ريال بنسبة 2.3% من إجمالي محفظة التمويل وقد يكون التعثر لدى عميل واحد أو عميلين لأنه لم يظهر إلا في الربع الأخير. مخصص خسائر الائتمان زادت المصارف مخصص خسائر الائتمان بحوالي 4 مليار ريال تحسباً لأي تعثر قد يحدث مع هذه الظروف الاقتصادية بنسبة تغطية حوالي 170% وهي أعلى من النسب المطلوبة نظاماً وهو ما يعطي المصارف قوة ومتانة في مواجهة التحديات وقد خفض كل من مصرف الراجحي والبنك الأهلي مخصصاتهما في الربع الرابع مما ساهم في زيادة الأرباح ومع ذلك يعتبر مصرف الراجحي أعلى المصارف في المخصصات بحوالي 6.6 مليار وبنسبة تغطية حوالي 231% وسوف ينعكس على أرباحه إذا تحسنت الظروف الاقتصادية. الديون المشطوبة تقتضي أنظمة مؤسسة النقد السعودي بأن تقوم المصارف بشطب الديون التي مضى على التأخر في سدادها 360 يوما وعند تحصيلها من المتعثرين يتم إضافتها إلى أرباح المصرف وقامت المصارف بشطب ديون خلال العام 2016 بحوالي 7.4 مليار ريال أعلى من العام السابق بحوالي 5% وتعتبر نسبة مقبولة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة وقام البنك الأهلي بشطب 2 مليار ريال وبنسبة 39% أعلى من العام السابق وفي المقابل شطب مصرف الراجحي 1.7 مليار ريال وبنسبة -6% أقل من العام السابق. نسبة كفاية رأس المال تقتضي معايير "بازل 3" بأن يكون معدل كفاية رأس المال الأساسي والمساند 13% ولكن المصارف السعودية لديها معدلات كفاية رأس المال أعلى بكثير من متطلبات "بازل 3" حيث حققت المصارف 19.5% نهاية عام 2016 وكانت النسبة في عام 2015 حوالي 18.1 % وهذا الإنجاز يحسب لمؤسسة النقد السعودي "ساما" التي دفعت المصارف إلى الالتزام بأعلى المعايير العالمية وهذا يجعلها ملاذا آمنا وبيئة جاذبة للودائع والاستثمارات. *محلل مالي حسين بن حمد الرقيب*