ذات يوم خرجت من دورة تدريبية وفي وقت الانتظار أظهرت من حقيبتي قلماً ومذكرة فهي تلازمني دوماً، أمسكت بقلمي كعادتي اليومية لأجمع حروفي على تلك السطور، هتفت زميلة لي قائلة بتعجب! لما لا تستخدمي الجهاز اللوحي فهو أحدث وأفضل؟! فخطر في ذهني هل ذهبت هيبة القلم في هذا الزمن؟ وكانت علاقة الإنسان بالقلم علاقة عميقة ولكن شيئاً فشيئاً توترت، ظهرت الآلات الحديثة وتغيرت سبل الكتابة وتنوعت، وأصبح استخدام التكنولوجيا بطريقة مخيفة وتكاد تتعطل أغلب أمور حياتنا اليومية من دون استخدامها، بل قيل إن هناك دراسة حول الاستغناء عن الكتب في مجال التعليم والبديل الجهاز اللوحي في أداء الواجبات المدرسية. قرأت عن ملخص مؤتمر في جامعة بافيا الإيطالية لإعادة الكتابة بالقلم وكانت نتائجه أن الاعتماد على القلم في الكتابة يساعد على تحفيز الدماغ بشكل أكبر والكيبورد لا يحرك العامل البصري والحركي معاً، وهو كالعقوبة للذاكرة، أما القلم يؤدي إلى تكامل الحواس، وبطء القلم يؤدي إلى انتقاء المفردة والتفكير، والكلمة الأشهر في ذات المؤتمر أن "الكمبيوتر مستقبلاً سيجعلنا بلا أدمغة"، وأيضاً في مجال آخر عن ذات الموضوع ذكر الدكتور مارك سيفر - وهو خبير في علم الجرافيك وخبير في الكتابة اليدوية - قائلاً: إن الكتابة اليدوية هي نوع من العلاج وتجعل الإنسان أكثر راحة وسلاماً. وكشفت دراسات حديثة أن طلاب العلم في المدارس ممن يستخدمون الكتابة التقليدية باليد أفضل في كتابة وصياغة الجمل ممن يعتمدون على الجهاز اللوحي. قيل قديماً الأقلام مطايا الأذهان.. وهو أول المخلوقات التي أقسم بها العليم في كتابه وبه نهضت حضارات وأمم، ودوّن به التاريخ القديم وجميع العلوم والمعارف على مر العصور. ويكفي أن نقرأ بيت الشعر هذا ليذكرنا دائماً بمكانة القلم: كفى قلم الكتاب مجداً ورفعة مدى الدهر أن الله أقسم بالقلم.