لا أحد يستطيع الإنكار أن هناك عجزاً واضحاً في جميع وسائل الإعلام الكلاسيكي، التي ترفض أن تخلس جلدها القديم، وأن تقوم بمواكبة العصر الحالي، بما يحدث فيه من تسارع تقني ومن إعلام جديد. وعلى الجانب الآخر نجد وسائل إعلام تسرعت وهجرت مدرسة الإعلام القديم بأصولها الثقافية، التي لم تأت من فراغ، لتصبح تلك الوسائل مجرد جزء من عبثية «السوشيال ميديا»، التي لا تختلف كثيراً عمّا نشاهده من وجود وأنشطة مشاهير الميديا، بسخف مرير، واستسهال مفرط، وكذب متعمد، وتوطين للجهل والتجهيل في عقول من يتابعونها. وبين ذلك وذاك نجد الإعلام الجديد بأصول مخضرمة، حيث بُنيت أبراج الجديد فوق قواعد الأسس الإعلامية القديمة، فكانت جامعاً للأجيال القديمة، والأجيال الجديدة، بالتجدد والفكر، والمعرفة، وانطلاق رصين لإعلام المستقبل بروح الثقة والمعرفة، والاحترام لعقول من يتابعونها. وفي ذلك أصبحت وسائل الإعلام تتبارى في هذا النوع من الإعلام الجديد المخضرم، وتركض بخطوات متوازنة تضمن أن تعجب وتستقطب فئة الشباب مع أجيال المخضرمين وبلغة مختلطة متحركة قريبة للجميع. وهذا العالم المدهش، أصبح مطروقاً في عدة قنوات عربية وأجنبية، ولكن الملاحظ عربياً أن المذيعة السعودية سارة الدندراوي شيء مختلف في ذلك، فقد تمكنت ومنذ دخولها إلى هذا المجال ومن خلال برنامجها (# تفاعلكم)، أن تصنع قالباً مميزاً، له نكهة وعمق قد يكون من الصعب تكراره، مع كثرة من يحاولون في القنوات الأخرى، ومن يقلدون. سارة مثال مشرف للمرأة السعودية الجديدة، فهي مذيعة متمكنة درست الإعلام في جامعة بوسطن الأميركية، ثم استكملت دراستها في العاصمة البريطانية لتنال درجة الماجستير في نطاق الإعلام قبل أن تلتحق بكلية لندن للاقتصاد لتنال درجة الماجستير في ظاهرة القنوات الإخبارية. سارة شخصية خلوقة لماحة متحدثة باللغتين العربية والإنجليزية، ولها طريقة محترمة في تناول الموضوعات المهمة في عالم الواقع اليومي، وعالم «السوشيال ميديا»، وبطرق متوازنة لا إفراط فيها ولا تفريط، وبحيث تتطرق وتناقش وتعالج مختلف ما يكون في المحيط المحلي والعربي والعالمي من أحداث يومية، وبعقلية تعرف كيف تختار، وتتعمق، وتشد جميع أفراد الأسرة حولها لمتابعة برنامجها بشكل ثقافة مختصرة مفيدة مخضرمة جديدة تربط بين الخبر وبين ما نجده بين أيدينا على أجهزتنا الشخصية، بطريقة: لا يصح إلا الصحيح. قناة العربية كانت وما تزال مصنعاً للنجوم، وقد كانت موفقة باستقطاب وتمكين الإعلامية سارة، التي تثبت يوماً بعد يوم أنها فعلاً خير من يقوم بهذا الدور التثقيفي الخفيف العميق لفئة الشباب، ومن استطاعت تشويق أعين وعقول الكبار لمتابعتها رغبة في نشر الثقافة الحياتية والسياسية في المجتمعات العربية، ومواكبة الأحداث الرئيسة من حولهم، قديمها وجديدها ومما يصعب نيله في وقت قصير ومن مكان واحد.