في حين ما زلنا نناقش في مجتمعنا العربي فكرة موت الورق كوسيلة للصحافة، العالم يقفز من حولنا قفزات ضوئية في صناعة المحتوى الذي أجد أن الحديث عنه أهم من الحديث عن الوسيلة!، فالرهان الذي يرفض صناع الإعلام الاعتراف به هو (المحتوى)، المذيعة التافهة بالونة السيلكون لن تأسر عقول جمهورك، المذيع المتملق ذو الجهل المزدوج لم يجذب ذلك الشاب العبقري الذي قرر أن يعتزل السوشيال ميديا ويلعب أونلاين في الاستراحة! نعم ديناصورية فكر البعض جعلت الكثير منهم يتوهمون أن التعامل مع الجمهور (البلاتيني) شباب وشابات الألفية قضية عميقة ومختلفة جدا، فالكثير منهم لا يمتلكون أي حسابات على التواصل الاجتماعي، بهذه المناسبة أدعو جمهور القيمز ومعشر القيمرز لمتابعة الصفحة الجديدة المتخصصة بالألعاب، نعم ف«عكاظ» الآن قررت أن تخاطب جيل البلايستيشن بتقارير تخصصية انتظروها. أعود الآن لطرح سريع للمراهنين على السوشيال ميديا، وأقول «رهانكم خاسر»، الرهان على السناب شات وتويتر بالتحديد شبه انتحار، فهذه التطبيقات تواجه انتقادات واسعة الانتشار في الأوساط العالمية، فما بين أحادية اتجاه السناب شات وسطحيته إلى دراما تويتر وجمهوره المتشنج، إن مغادرة التطبيقات في كل فترة تجعلك تستوعب أنها ستموت وقريبا، فلا يمكنك مقارنة عدد مستخدمي تويتر الذي لا يتجاوز 300 مليون بعدد القيمرز الذي يتجاوز المليار حول العالم، لهذا لا تراهن كثيرا بعملك وتجازف وتضع كل ثقلك في هذه المنصة التي أظهرت ضعفها في التعاطي مع المعرفات الوهمية، ناهيك عن الإيقافات المتكررة لبعض الحسابات التي لا تفهم لماذا تم إيقافها. السوشيال ميديا ستموت وستظهر وسائط مختلفة، ستنتقل الأخبار من شاشات التلفاز لمعاصمنا في ساعات أو نظارات أو حتى في علبة المكياج!، لكن من يصنع الخبر؟ وكيف تصنع الخبر؟ ومن هو المستهدف بالخبر؟ فما زالت العديد من المنصات الإعلامية تغازل مسامع المسؤول، وأخرى تطبطب على أمجاد الماضي، لهذا لن يهتم شاب في العشرينات من عمره بالانصهار في هذه المنظومة فهي لا تشبهه في شيء، ولا تغذي حواسه. الحقيقة، أن لا أحد يريد الحقيقة! الوهم في كثير من الأحيان يجعلنا نشعر بالاتزان أمام طوفان المخاوف، لكن الشجعان وحدهم يكسرون هذا السقف الزجاجي ليرتفعوا برؤيتهم، لا تتعاطى مع الأمور كمسلمات، لا تضع ثقتك في كل ما تسمع أو تشاهد، الخداع والتنميط سيكونان دائما لك بالمرصاد، عليك بالرفقة الناقدة، الرفقة التي لا تخشى أن تحدثهم بمخاوفك ومخاطرك، الصداقات السوشيلية بغيضة ولن تعطيك الاتزان الكافي لتجتاز ثقل الحياة، الذي نريده الآن كمجتمع أن نلتفت لصناعة محتوى ومنصات تليق بهذه الأجيال العبقرية التي لا ينطلي عليها «كل شي تمام» ولن تسمع منها «أبشر طال عمرك». * كاتبة سعودية [email protected]