بين الاختراق والأيديولوجيا شعرة. هذا ما يمكن أن تلمسه في كل مرة نرى مواقفَ لا يمكن تفسيرها بشكل منطقي فتجبرك على اللجوء إلى نظرية المؤامرة. نلاحظ في هذه الأيام على بعض القنوات الأجنبية شيئاً من الانحياز في موقفها تجاه بعض قضايانا، في البداية علينا تحليل الموقف تحليلاً علمياً حتى نتبين: هل المسألة فيها انحياز أم أننا نضخم الأمور أو نتوهم؟ قد تتعلق المسألة بما يعرف بقانون مورفي، عندما يسير الأمر وفقاً لما تريده لا توليه اهتمامك، لا تتذكره، ولكن سوف تتذكر الحالات التي لا تتفق معك، فمثلاً لا ننتبه للموضوعات التي تبثها هذه القنوات التي تتفق معنا وتعبر عن وجهات نظرنا لكن ننتبه للحالات التي لا تتفق معنا ونضخمها. في كل مرة تبحث في جيوبك عن المفتاح لا تجده إلا في آخر جيب تبحث فيه، لو أجريت إحصائية ومتابعة دقيقة ستجد أن الحقيقة خلاف ذلك، هذا ما يسمى قانون مورفي. بعيداً عن هذا ثمة شيء مهم علينا التنبه له؛ فالعرب العاملون في القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية تنتظمهم كما تنتظمنا توجهات شخصية ووطنية وعنصرية وأيديولوجية.. إلخ. إذا كان فلسطينياً سوف يميل إلى القضية الفلسطينية، وإذا كان مسيحياً فسوف يتعاطف مع دينه، وإذا كان كارهاً للعرب فسوف تؤثر هذه الكراهية على توجهاته، وهكذا. لا ننسى أيضاً أن التجمع الفئوي أو المناطقي يصنع فرقاً، فمثلاً نلاحظ أن معظم العاملين في القنوات الفرنسية الناطقة بالعربية من المغرب وتونس أو الجزائر. إذا أردت أن تعرف توجهات هذه القنوات الإيديولوجية أو السياسية عليك أن تبحث في توجهات المثقفين والإعلام المغاربي من القضية المثارة. لكن عندما نترك المنطق العلمي ونقول إن القناة الفلانية مخترقة فنحن نتحدث عن نظرية المؤامرة، لكي نفهم هذا التوجه في التحليل علينا أن نضع الأمر في سياقه. إما أن الأمر شأن مخابراتي يمكن اقتحامه وتغييره، أو مع الأسف ما زلنا نعيش وهم التآمر علينا الذي عشنا عليه كل الأزمان ولم نحصد سوى اليأس. مع الأسف نعيش حالة اغتراب عن واقع العالم، نتحدث عن بطالة ونتحدث عن عاطلين من حملة الشهادات المتخصصة والمتميزة، لماذا لا يسعى هؤلاء للالتحاق بالمنظمات الدولية والقنوات الفضائية الدولية؟ غياب السعوديين شبه الكامل عن الإسهام والعمل في هذه المنظمات الدولية (العربية والأجنبية) والقنوات العربية قد يفسر ما نراه من انحياز بعض القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية ضد قضايانا السعودية، في كل مكان نغيب عنه علينا أن نتذكر المثل الذي يقول: من غاب عن عنزه جابت تيس.