سيظل التاريخ شاهداً على عمق العلاقات القوية المنيعة الصلبة والعصية على أي محاولة للتخريب، بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية الشقيقة، ودائماً ما تحمل الزيارات المتبادلة لقيادات الدولتين رسائل للداخل والخارج إقليمياً وعالمياً من خلال الدعم والتعاون المتبادل بين البلدين وتنسيق المواقف السياسية فيما يخص الملفات والقضايا المطروحة. وأشار محمد حامد، الباحث المتخصص في العلاقات الدولية، في تصريحات ل»الرياض» إلى أن العلاقات بين البلدين أزلية، ويقدر الزعيمان القيمة التاريخية لكل طرف في المنطقة، مؤكداً أن مصر والمملكة هما جناحا الأمة العربية وقادرتان على تطوير العلاقات العربية الأوروبية وحماية الأمن القومي العربي من أي خروقات خاصة في ملف الإرهاب والهجرة غير الشرعية والملفات المتعلقة بحقوق الإنسان في ظل تعالي النغمة الدولية من بوابة حقوق الإنسان، في هذه الفترة التي تشهد أجواء إقليمية شديدة التخبط وفي حاجة إلى التكاتف ومساندة إقليمية. وقال الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات السياسية والدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن العلاقات السعودية المصرية لم تشهد تطوراً عميقاً وتفاهماً وانسجاماً كما هو حادث في الوقت الحالي، وأعتقد أن الرئيس المصري يعتبر أن الملك سلمان أحد الشركاء البارزين ويثق فيه تماماً، والعالم كله يثق في الملك سلمان ووجهة النظر الدولية ترى أن الملك سلمان هو حكيم الشرق بلا منازع، وبالتالي هذه قناعة لدى الرئيس المصري، ويدعم هذا ليس فقط الانسجام والتفاهم المتبادل بين القادتين، ولكن أيضاً الملفات المشتركة وعلى رأسها مواجهة الإرهاب وتدخل بعض الدول في الشأن العربي، وكذلك قضايا المنطقة وأزماتها في سورية واليمن وليبيا والعراق فضلاً عن قضية العرب «القضية الفلسطينية»، وأعتقد أن هذه تعطي مساحة كبيرة من التبادل السياسي الفاعل بين البلدين. وعن مستقبل العلاقات بين البلدين، يرى اللاوندي أن هناك تقارباً شديداً في وجهات النظر مرتبط بشكل أو بآخر بالملك سلمان، ومؤشرات المستقبل تقول إن العلاقة لن تتحول من الصداقة والشراكة كما هو حال الآن فهذا مستبعد تماماً لوجود درجة كبيرة من الفهم المتبادل والذي يعتبر من الثوابت الأساسية بين المملكة ومصر بالإضافة للاحترام المتبادل بين الشعبين، وهذه ركيزة التفاهم المستقبلي في المرحلة القادمة. ولفت اللاوندي إلى أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، يرأس وفد المملكة في القمة العربية الأوروبية الأولى التي ستحدث في هذا المجال بمدينة «شرم الشيخ» تلبية للدعوة الموجهة له من أخيه فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، والتي تأتي بمشاركة 50 دولة لتؤكد ثقة رؤساء وحكومات تلك الدول المشاركة في مصر، ومن المقرر أن يتم خلال زيارة الملك سلمان -حفظه الله- بحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، وبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك. ومن جانبه، أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، أن القمة العربية الأوروبية التي ستعقد في شرم الشيخ على مدار يومي 24 و25 فبراير تمثل نقلة نوعية في اتفاق الرؤى الدولية حول المواجهة المشتركة لتمدد جماعات وعناصر الإرهاب، وتكشف مدى التقارب العربي الأوروبي حول التحديات والتطلعات المشتركة في المجالات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، والإفادة من الروابط التاريخية والثقافية العميقة، فضلًا عن الجوار الجغرافي بين الدول العربية والأوروبية. وقال المرصد إن التهديدات المتنامية والتحديات المشتركة التي يخلقها الإرهاب الدولي والتطرف ويواجهها العالم العربي وأوروبا تجعل وقوف الطرفين متحدين ضد الإرهاب أمرًا ضروريًّا، وأكد أن جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي ملتزمان بإعلان حرب عالمية على الإرهاب من خلال عملهما المُشترك لدعم جهود التحالف العالمي ضد داعش، وتدشين حوار استراتيجي متبادل، وتشكيل مجموعات عمل لمكافحة الإرهاب ومحاربة الجريمة المنظمة. وشدد المرصد على أن مستوى التمثيل وحجم الوفود المشاركة في القمة من الدول العربية والأوروبية يوضح مدى النجاح الذي حققته الدولة المصرية في استعادتها مكانتها وريادتها المستحقة على الساحتين الإقليمية والدولية، حيث إن انعقاد القمة الدولية بشرم الشيخ في سيناء يبعث برسالة فعلية للعالم عن الجهود المصرية الثابتة الواثقة من قدرتها على بسط الأمن في كافة ربوعها. وتتناول القمة قضايا بالغة الأهمية في مقدمتها محاربة الإرهاب والهجرة بالإضافة إلى عملية السلام في الشرق الأوسط، والأوضاع في سورية واليمن وليبيا، والهدف المُشترك هو البحث عن حلول دائمة من أجل تحقيق السلام والاستقرار.