المؤتمر الذي ينظمه البرلمان العربي اليوم للقيادات العربية رفيعة المستوى، في مقر الجامعة العربية في القاهرة، وبحضور شخصيات عربية على مستوى رؤساء جمهورية ورؤساء وزراء ووزراء خارجية سابقين وعددٍ من كبار المفكرين والمثقفين والإعلاميين العرب، يكتسب أهمية بالغة؛ كونه سيخرج -بحول الله- بوثيقة مهمة باسم "الوثيقة العربية لتعزيز التضامن ومواجهة التحديات"، سيرفعها البرلمان العربي للقمة العربية المقبلة، التي ستُعقد في الجمهورية التونسية في مارس 2019م. فهذه المبادرة للبرلمان العربي تأتي في ظل ظروفٍ بالغة الدقة، وتحديات كبيرة، ومصاعب جسيمة تعصف بالأمة العربية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية بوصفها القضية المحورية والأولى للعالم العربي، فلا تزال قوة الاحتلال (إسرائيل) تمارس عدوانها الغاشم، وقمعها الشعب الفلسطيني، واحتلالها الأراضي العربية في سورية ولبنان، وسن التشريعات العنصرية، وتحدي الحقين القانوني والتاريخي الأصيلين للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، ورفضها الامتثال لقرارات الشرعية الدولية، وعدم قبول مبادرة السلام العربية. كما يأتي انعقاد المؤتمر في وقتٍ يتعرض الأمن القومي العربي لتحديات متعاظمة تحيق بالأمة العربية؛ حيث تشهد بعض الدول العربية حروبا ونزاعات داخلية، وبعضها أزمات اقتصادية خانقة، وأخرى تدخلات في شؤونها الداخلية لزعزعة أمنها واستقرارها، كما تجرأت دول الجوار الإقليمي على مد نفوذها، من خلال توظيف الطائفية المقيتة، وتكوين ورعاية ودعم الميليشيات والجماعات المسلحة داخل الدول العربية؛ لإضعاف سلطتها وتفتيت وحدة مجتمعاتها، أو من خلال إرسال قوات عسكرية داخل الدول العربية بذريعة محاربة الجماعات الإرهابية وحفظ أمنها القومي. ويُعد التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن أحد نماذج التضامن العربي الناجحة، حيث شكلت المملكة العربية السعودية تحالفاً عربياً للحفاظ على مؤسسات الدولة الشرعية في اليمن، بعد أن قامت جماعة الحوثي بالانقلاب على مخرجات الحوار الوطني، واستولت على مؤسسات الدولة وأسلحتها بالقوة، وأعلنت إيران أن اليمن أصبح تحت نفوذها، وبدأت جماعة الحوثي تهدد دول جوار اليمن. لقد أفشل التحالف العربي المشروع الإيراني في اليمن، الذي كان هدفه تنصيب حكومة موالية لإيران تستخدمها لتنفذ مشروعاتها العدوانية والتخريبية؛ لزعزعة الأمن والاستقرار في دول الخليج العربي، والتحكم في طرق الملاحة والتجارة الدولية في مضيق هرمز في الخليج العربي وباب المندب في البحر الأحمر. ويؤكد البرلمان العربي أن التضامن العربي أصبح ضرورة، خصوصاً بعد تصاعد وتيرة التدخلات السلبية في الشؤون الداخلية للدول العربية، وما صاحبها من حملات إعلامية مغرضة، تستهدف زعزعة أمن الدول العربية، أو النيل من مكانة وسُمعة القيادات العربية، التي يجب التصدي لها بكل حزم؛ لتقوية سلطة الدول الوطنية، والتصدي لمحاولات إضعافها أو تفتيتها. إن البرلمان العربي يأمل أن تكون الوثيقة العربية لتعزيز التضامن العربي ومواجهة التحديات التي ستصدر اليوم عن المؤتمر بدايةً لمرحلة جديدة من التضامن والتعاون ولم الشمل وتوحيد الصف وتوثيق الصلات بين الدول والشعوب العربية، ودعم وتعزيز الروابط والعلاقات على كل المستويات الرسمية والشعبية، بما يُعزز قدرة الدول والمجتمعات العربية على مواجهة التحديات الراهنة ومعالجة أسبابها، وبما يحفظ أمنها واستقراررها ووحدتها، ويُحقق نهضتها وتقدمها. * رئيس البرلمان العربي