بينت التجربة العملية ودراسات أجريت على قطاعات الأعمال والحكومية في أكثر من بلد أن نسبة حدوث المخاطر التشغيلية والمالية والقانونية ومخاطر عدم الالتزام والسمعة والجرائم المالية ترتفع بشكل كبير كلما انخفضت فعالية تطبيق إجراءات الرقابة الداخلية كما تشكل تلك المخاطر تهديداً استراتيجياً وجودياً للمنشأة عندما تكون الرقابة الداخلية شكلية ولا تحظى بالاهتمام اللازم من قبل مجلس الإدارة والإدارة العليا عند وضع وتطبيق الاستراتيجية. تختلف إجراءات الرقابة الداخلية من منشأة إلى أخرى بحسب طبيعة النشاط وحجم ونوع وموقع وبلد المنشأة وطبيعة القوانين المنظمة لها إلا أنه يوجد أربعة مبادئ أساسية تمثل قاعدة هرم الرقابة الداخلية في أي منشأة وأساس إطارها العام التي يجب أن تتوفر لكي نقول إنه يوجد رقابة داخلية وهي كما يلي: المبدأ الأول: فصل المهام (Segregation of Duty) وهو واحد من أهم الخطوات الفعالة في الرقابة الداخلية التي تعتمد على تنفيذ الأعمال بأسلوب توزيع المهام بين أكثر من قسم أو إدارة داخل المنشأة بحيث تتكامل الأدوار لرفع جودة العمل وتلافي الأخطاء والتجاوزات التي قد تحدث بسبب طبيعي أو متعمد ومثال ذلك بيع المنتجات من قبل إدارة المبيعات بينما يكون تنفيذ عمليات البيع وتحديث السجلات عن طريق إدارة العمليات. المبدأ الثاني: الرقابة المزدوجة (Dual Custody) يعتمد هذا المبدأ على وجود رقابة مزدوجة بين شخصين أو إدارتين أو أكثر أثناء تنفيذ العمليات أو حفظ العهد بصلاحيات مختلفة. ويمكن أن يطبق في جميع العمليات لما له من أثر في رفع جودة المخرجات إلا أن أهميته تزيد في العمليات المرتبطة بالجوانب المالية أو المقتنيات الثمينة والمهمة. ومثاله أن يقوم موظف بتنفيذ عملية تحويل مالي ويقوم آخر بالتدقيق والموافقة على التحويل ويقوم ثالث بمراجعة العملية والتأكد من أرشفتها بالشكل الصحيح. المبدأ الثالث: تحديد الصلاحيات والمسؤوليات (Determination of Authority & Responsibility) ويعني هذا المبدأ قيام إدارة المنشأة بوضع وتوثيق وتوضيح صلاحيات كل موظف بما يتوافق مع مرتبته الوظيفية وخبراته العملية من خلال إجراءات وسياسات مكتوبة ومعتمدة بما يساهم بتسيير الأعمال اليومية بشكل سلس وفعال لا يحتمل سوء الفهم أو الغموض في الصلاحيات والمسؤوليات لمنع خلق فرص لحدوث الأخطاء والتجاوزات ومثال ذلك إيجاد قائمة داخلية توثق حدود الصلاحية للموافقة على مبالغ التمويل للعملاء أو الأسعار الخاصة والخصومات للزبائن. الرقابة المستمرة والفعالة: (On Going Effective Monitoring) ويعني أن تؤدي العملية الرقابية الهدف الاستراتيجي منها للمحافظة على مستوى منخفض من المخاطر من خلال تنفيذ برنامج الرقابة المستمرة القائم على تقييم المخاطر (Risk Based Approach) من قبل متخصصين مستقلين باستخدام إجراءات وأنظمة محدثة وفعالة والاستفادة من أي أخطاء تكتشف بتحليلها والتأكد من معالجة أسبابها ((Root Cause Analyses الرقابة الداخلية في أي منشأة مسألة استراتيجية قد تخطئ وتهملها إدارات المنشآت ولكن عواقب ذلك الاستراتيجية كبيرة وتؤثر على استدامة النمو ورفع التكلفة بشكل مباشر وغير مباشر وهو ما يجب على أي إدارة معرفته وأخذه بعين الاعتبار قبل رسم أي خطة استراتيجية أو تغيير إداري.