وجّه عددٌ من المختصين بعلوم الإدارة انتقادات حادة، لعدم تفعيل إدارة المراجعة الداخلية في المنشآت الحكومية بشكلٍ عام والقطاع الأهلي بشكلٍ خاص، وأبدوا امتعاضهم من الاستمرار في تعطيل إنشاء إدارات المراجعة الداخلية بمخالفة قرار مجلس الوزراء بتاريخ (20 / 8 / 1425ه)، القاضي بتأسيس وحدات داخلية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة، يرتبط رئيسها بالمسؤول الأول في الجهاز مهام هذه الوحدات توفير مقومات الرقابة الذاتية والحماية الوقائية للمال العام، وترشيد استخداماته والإسهام في رفع كفاية الأداء في الأجهزة الحكومية. وشدّد رئيس الجمعية السعودية العلمية لجودة الأداء وإدارة المخاطر في المنشآت الصحية عبدالمحسن الحماد العشري، على الدور المهم الذي تلعبه إدارة المراجعة الداخلية في الجهات الحكومية المختلفة في تحقيق الضبط والرقابة على المال العام، مشيراً إلى أن الأداء الفعّال والمستقل لإدارات المراجعة الداخلية يسهم في رفع قدرات العاملين في العمل المالي والمحاسبي، ويعزّز إلمامهم بالقوانين واللوائح التنظيمية الذي يضمن سلامة وجودة الاجراءات وتوظيف الموارد وحسن استغلالها، وصولاً لتحقيق مبدأ الشفافية والاحترافية للعاملين بتلك الأجهزة. وأضاف العشري أن إدارة المراجعة الداخلية تقوم برصد الأخطاء والثغرات التي تعرض المنشأة لمخاطر قانونية أو ضعف في الأداء و بالتالي عدم تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمنشأة، منوّها إلى أن المراجعة الداخلية تقوم بجهود كبيرة جداً، أقرب إلى حماية النزاهة ومكافحة الفساد، فهي تقوم بأدوار ديوان المراقبة العامة وهيئة الرقابة والتحقيق ومكافحة الفساد في آن واحد، مطالباً الجهات الحكومية بالتحرُّك لإنشاء إدارات المراجعة الداخلية بأقرب فرصة. من جانبه قال رئيس الجمعية العلمية للإدارة الصحة الدكتور خالد بن سعيد: إن عدم تفعيل إدارة المراجعة الداخلية في المنشآت الحكومية يرجع لأسبابٍ عدة منها ضعف المعرفة بنظم المراجعة الداخلية وعدم توافر الكوادر العاملة المؤهلة علمياً وعملياً القادرة على القيام بالتطبيقات الإدارية المتخصّصة وقلة المعاهد والتدريبية في تطبيق مفاهيم الجودة وعدم استقلال وحدة المراجعة الداخلية، بحيث تكون بمنأى عن أي ظروف تهدّد قدرتها على تنفيذ مسؤولياتها بشكل موضوعي وإشكاليات منح صلاحية الوصول الكامل وغير المقيد إلى جميع الوثائق والمستندات والأصول والأفراد وكل ما له صلة بأعمال المنشأة، إضافة إلى عدم توفير الكوادر المؤهلة علمياً ومهنياً ولديها الخبرات الملاءمة وعدم المرونة والتعاون بالشكل المطلوب بين المراجعين الداخليين والوحدات التي يراجعونها، وتأصيل الدور المنظور للمراجعة الداخلية باعتبارها شريكاً استراتيجياً في تحقيق أهداف المنشأة وليس تصيد مواطن القصور والأخطاء مشيراً إلى أن مفاهيم الجودة والمراجعة الداخلية تعزّز الأداء الإيجابي لأي منشأة وتحد من الأخطاء في آن واحد. إلى ذلك قال يوسف بن محمد المبارك رئيس اللجنة التنفيذية للجمعية السعودية للمراجعين الداخليين: إن إدارات المراجعة الداخلية تبرز كنشاط مستقل وموضوعي تقوم به المنشأة للمساعدة على تحقيق أهدافها من خلال اتباع أسلوب منهجي ومنظم لتقويم وتحسين فاعلية الأنظمة واللوائح والإجراءات المعمول بها في المنشأة وإدارة المخاطر والرقابة خصوصاً عندما تتعرّض المنشأة لعددٍ من المتغيرات والمستجدات والمخاطر من داخل المنشأة وخارجها (ويقصد بالمنشأة هنا الشركات والأجهزة الحكومية سواءً كانت وزارات أو مؤسسات عامة) وهذه الأحداث قد تحد من أداء المنشأة وتؤثر سلباً في تحقيق أهدافها. وأضاف المبارك أن معظم الجهات الحكومية تشكو من عدم توافر الكفاءات المؤهلة للعمل في وحدات المراجعة الداخلية، وللتغلب على هذا الأمر يمكن للجهات الحكومية تدريب منسوبي المراجعة الداخلية علي القيام بأعمال المراجعة الداخلية، وأشار إلى أنه من الآليات التي يمكن أن تحقق ذلك تبني إسلوب الإسناد الجزئي لأعمال المراجعة الداخلية والذي يتم بموجبه الاستعانة بعدد من الجهات المتخصّصة للمساعدة في تنفيذ أعمال المراجعة الداخلية وتدريب العاملين في المراجعة، ومنها أيضا إلحاق منسوبي المراجعة الداخلية ببرامج تدريبية متخصصة. وعبّر المبارك عن شعوره بالسرور والحزن، في ذات الوقت، قائلاً إن المملكة أخذت خطوات رائدة فيما يتعلق بالجانب التنظيمي حيث صدر قرار مجلس الوزراء منذ ثماني سنوات تقريباً (20 / 8 / 1425ه) قضى بتأسيس وحدات للرقابة الداخلية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة، يرتبط رئيسها بالمسؤول الأول في الجهاز، وحدد القرار مهام هذه الوحدات بتوفير مقومات الرقابة الذاتية والحماية الوقائية للمال العام، وترشيد استخداماته والإسهام في رفع كفاية الأداء في الأجهزة الحكومية، كما صدر قرار من مجلس الوزراء منذ خمس سنوات (6/ 4 / 1428ه)تم بموجبه الموافقة على اللائحة الموحدة لوحدات المراجعة الداخلية في الأجهزة الحوكمية والمؤسسات العامة حيث حدد هذه اللائحة المهام التفصيلية لوحدة المراجعة الداخلية وأكدت استقلال منسوبيها ومنحتهم الصلاحيات اللازمة لممارسة أعمالها، من جانب آخر فإن الواقع العملي يظهر أن عدداً كبيراً من الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة لم تؤسِّس وحدات المراجعة الداخلية. وقدّم المبارك عدداً من المقترحات للنهوض بالمراجعة الداخلية في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة منها تكوين لجان مراجعة في الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة ويتم تسمية أعضاء لجنة المراجعة ورئيس المراجعة الداخلية بقرارٍ من مجلس الوزراء وإنشاء وحدة مستقلة في ديوان المراقبة العامة تتولى مراقبة تنفيذ اللائحة لوحدات المراجعة الداخلية كذلك تبني برنامج تدريبي يهدف إلى إيجاد كوادر مؤهلة في المراجعة الداخلية يتم إعداده بالتعاون بين كل من ديوان المراقبة العامة ووزارة التخطيط وصندوق تنمية الموارد البشرية والجمعية السعودية للمراجعين الداخليين، وتوفير السبل لمنسوبي المراجعة الداخلية لاجتياز الزمالات المهنية، مثل زمالة المراجعين الداخليين الدولية CIA والزمالات المهنية الأخرى وثيقة الصلة.