لا عجب من الذين شاخت أرواحهم وتنافرت قبل الأوان، فإن الأيام سلبت منهم كل شيء وتركتهم منهكين يعيشون حياتهم كلها على أمل حدوث انفراجة في الأزمة الطاحنة التي تفتك بالبلاد، وأعطت للعالم درساً عظيماً عن «الشيطان الإيراني الأسود»، وبات الآلاف من الشعب اليمني الشقيق لا يغادرهم السراب بسبب منهاج سلوك وعقيدة ميليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران التي تلاحق الأبرياء حتى في المخيمات إلى أن اقتلعت نيران قصفهم الغوغائي خيام النازحين والهاربين من بطشهم واستعبادهم. في مديرية حرض بمحافظة حجة شمال غربي البلاد، خرج أهالي قريتي شليلة وبني الحداد الناجين من قصف ميليشيا الحوثي لمخيم النازحين، والذي أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من النساء والأطفال والشيوخ، فارين من رائحة الموت ليبقى منهم من يستطيع الهرب ويسقط من زالت قدرته. ووصفت ليز غراندي، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في اليمن، الحادث بأنه «أمر مروع» وهجوم لا يحمل أي معنى ولا يمكن تبريره إطلاقاً، وأكدت أن أي هجوم على موقع مدني عمل معدوم الضمير، وخرق واضح للقانون الإنساني الدولي، وطالبت المسؤولة الأممية أطراف النزاع ببذل كل ما بوسعهم لحماية المدنيين، لاسيما النازحين. وقبل نحو أسبوعين قصفت ميليشيا الحوثي مخيماً للنازحين في مدينة الخوخة بمحافظة الحديدة - والذي أنشأه الهلال الأحمر الإماراتي ويضم أكثر من 4 آلاف عائلة نازحة من مناطق القتال - ما أسفر عن إصابة عدد من الأطفال النازحين بالمخيم. ومن جانبها، طالبت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن، الأممالمتحدة وجميع المنظمات الدولية المهتمة بالنازحين بحماية المدنيين من انتهاكات الميليشيا وإدانة هجومها على مخيمات النازحين. وشددت الوحدة التنفيذية في بيان رسمي، على ضرورة ممارسة المجتمع الدولي ضغوطات على الحوثيين للتوقف عن قصف تجمعات النازحين، وقالت: «قصف مخيمات النازحين المدنيين العزل جريمة بشعة تجرمها القوانين الدولية والمبادئ الإنسانية والأخلاقية وتعد من جرائم الحرب وانتهاكاً صارخاً للقانون الدولي». ودانت الوحدة التنفيذية بشدة الجريمة التي تأتي ضمن مسلسل جرائم تتمثل في استهداف ميليشيا الحوثي المسلحة لتجمعات النازحين سواء في الحديدة أو الخانق بصنعاء، وأخيراً في محافظة حجة. وفي المقابل، ما زال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يباشر مهمته في توزيع المساعدات الطبية والغذائية للنازحين، فمن محافظة صعدة إلى محافظة الجوف، قدم المركز في منتصف يناير 276 سلة غذائية تزن 20 طناً و424 كلغ، يستفيد منها 1.656 فرداً، في إطار المشروعات الإنسانية المقدمة من المملكة العربية السعودية للمحافظات اليمنية كافة التي بلغت 231 مشروعاً. من جهته قال د. عبدربه مفتاح، وكيل محافظة مأرب: «ملف النازحين يمثل تحدياً كبيراً للسلطة المحلية وفي مقدمة اهتماماتها في ظل تزايد أعداد النازحين ومحدودية الخدمات العامة التي تعمل السلطة المحلية على تطويرها خاصة في قطاعات التعليم، الصحة، الإغاثة، الأمن والحماية، المياه والصرف الصحي، وأشار وكيل محافظة مأرب إلى أن التحديات ما زالت كبيرة وتتزايد مع استمرار النزوح من المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيا الانقلابية.