يشهد العالم اليوم طفرة نوعية من المتغيرات على مستوى تكنولوجيات المعلومات والاتصالات الرقمية. إذ لا مجال في عالمنا هذا لرسم الحدود بين الدول بحيث أصبح الجميع في عالم معولم إلكترونياً وشبكة الاتصال تشمل الجميع باتصالات في ثوانٍ معدودة وكأن الجميع في غرفة صغيرة. فمع بداية التسعينات بدأت أولى هذه العمليات الاتصالاتية الرقمية واستغلال الإنترنت كشبكة معلوماتية عالمية إلى أن بلغت هذه التقنيات ذروة إبداعاتها لتخلق لنفسها عالماً جديداً شبيهاً بفضاء خيالي. إن هذه التطورات في الاقتصاد الرقمي أصبحت تشمل مؤخراً العديد من المجالات والقطاعات الحيوية في الاقتصاديات الوطنية للدول أو حتى على مستوى الاقتصاد العالمي لتكون العمود الفقري للاقتصاد العصري. فهذه المتغيرات سمحت للعلماء والباحثين بتطوير أساليب عملهم ومعاملاتهم اليومية بحيث شمل العالم الافتراضي قطاع الصحة فأحدث بالنتيجة آخر صيحة وهي العمليات الجراحية الإلكترونية التي تدار في قاعات عمليات تضم أطباء من مختلف دول العالم، وذلك عبر اتصالات بالأقمار الصناعية وبشبكة الإنترنت. أما قطاع التعليم فهو يعد من أبرز القطاعات التي استفادت بشكل كبير من العالم السيبراني خصوصاً في مجال البحوث العلمية وتطوير نمط التدريس عبر استعمال القاعات الافتراضية عن بعد. بالإضافة لذلك استعمال الشبكات الإلكترونية التي تضم جميع القواعد العلمية والمكتبات الرقمية. ومن أبرز ما شهده قطاع التعليم مؤخراً بعدما أن كان منعزلاً ضمن المنظومة العمومية ليتنقل بعد ذلك إلي منظومة الخصخصة حيث برز العديد والعديد من المدارس والمعاهد والجامعات الخاصة التي أغلبها تعزز مكانة التطبيقات الإلكترونية في مناهجها العلمية. فنذكر هنا الحدث البارز عالمياً خلال السنوات الأخيرة وهي بروز المدارس والمعاهد والجامعات الافتراضية التي تصنف ضمن مجال التعليم الرقمي الحديث. وقد تمثل هذا التطور العلمي في خلق فضاء رقمي جديد يشمل التدريس عن بعد خصوصاً في الدول الأوروبية ونذكر هنا بالتحديد فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة الأميركية ودول الخليج. فالمتصفح اليومي على شبكة الإنترنت أو الباحث عن وظيفة في مجال التعليم يجد اليوم العديد من عروض التدريس عن بعد. كذلك ظاهرة التحول الرهيب والسريع في أدوات عمل الأساتذة التي كانت تقتصر في السابق على الطباشير واللوحة التقليدية لتتحول بعد ذلك إلي اللوحة الكتابية بالأقلام ثم حديثاً بروز اللوحة الإلكترونية وأحدثها مؤخراً استعمال تقنيات الاتصال عن بعد عبر القاعات الافتراضية، وذلك باستعمال اللوحة الإلكترونية على شبكة الإنترنت في أقسام تعليمية تشمل الأساتذة والتلاميذ عبر الفيديوهات المباشرة عن بعد. أما قطاع التجارة فهو أيضاً كان من أكبر المستفيدين من تطور التقنيات المعلوماتية الحديثة بحيث تحولت المبادلات التجارية في العالم من التجارة التقليدية إلي التجارة الإلكترونية. فأبرز دليل على ذلك هو بروز العديد من مواقع البيع بالجملة بحيث المستورد أصبح اليوم ليس في حاجة للسفر قصد جلب منتجات بطريقة معقدة. إذ أصبحت عمليات المبادلات التجارية العصرية تدار مباشرة عبر الإنترنت وباتصالات عن بعد من أجل الشراء بالجملة والاستخلاص والشحن. أما بخصوص المتاجر الإلكترونية الخاصة بالأشخاص فهي أيضاً أصبحت تحظي بإقبال متزايد من قبل الباعة للمنتجات العالمية والحرفاء الافتراضيين. كذلك مجال التسويق الإلكتروني فهو أيضاً أصبح يستغل الإنترنت كمنصات دعاية إشهارية للترويج وعرض المنتجات قصد جلب أقصى عدد ممكن من الحرفاء المستهدفين. بالتالي أصبح التسويق الإلكتروني يحقق مردودية عالية ذات جودة فعالة وناجعة في بيع منتجات الشركات على الصعيد العالمي.