اتفق عدد من الحقوقيات والمختصين في الجانب الشرعي والحقوقي على أن اعتماد المحاكم الشرعية الذي صدر مؤخراً والذي بموجبه يلزم بضرورة إشعار المرأة برسالة نصية (sms) بحالة طلاقها بعد حدوثه حفظاً لحقوقها، هو خطوة عظيمة كفيلة بإنصاف المرأة، لاسيما بعد أن عانت لسنوات طويلة من وقوع طلاقها دون علمها، إلاّ أنهن وجدن أن مثل هذه الخطوة يجب أن ترتبط أيضاً بضرورة إعلامها بزواج زوجها من امرأة أخرى برسالة نصية أيضاً، على اعتبار أن أساس عقد النكاح الصدق وعدم الغش والتدليس، وهنا يقع الضرر على المرأة في حال عدم معرفتها بزواج زوجها الثاني، والذي قد يمتد لأعوام طويلة دون علمها بهذا الزواج، مع إمكانية ارتباط أبنائها بأخوة من الزوجة الثانية، متسائلين عن مدى إمكانية تطبيق ذلك متزامناً مع قرار إخبارها بطلاقها، فالأصل في هذا القرار إثبات الحقوق والتأكيد عليها، وهو ما ينطبق على زواج الرجل من امرأة أخرى، والذي للزوجة الأولى الحرية في القبول أو الرفض، مؤكدين على أن مبدأ الزواج يقوم على العدل وليس على السرية، لذلك توجب ضرورة إخبار المرأة بزواج زوجها من قبل المحاكم الشرعية. صراحة وصدق ورأت د. سهيلة زين العابدين حماد - عضو في المجلس التنفيذي ولجنة الثقافة والنشر بالجمعية الوطنية لحقوق الإنسان - أن المرأة من حقها أن تعلم بزواج زوجها من امرأة أخرى، فالحياة الزوجية قائمة على الصراحة والصدق وهما الأصل في عقد أي نكاح، وزواج الرجل من امرأة ثانية على زوجته دون علمها إخلال بمبدأ الصدق والعدل والذي قام على أساسهما عقد النكاح، مضيفةً أن إعلام المرأة بالزواج الثاني يأتي حفظاً للحقوق، فلها حق أن تعلم بنية زوجها قبل زواجها وإخبارها من المحاكم الشرعية بذلك قبل زواجه، وفي هذا حفظ لحقوق الزوجة الأولى والثانية أيضاً؛ لأنها قد تنجب الأطفال الذين يصبحون أخوة لأبناء الزوجة الأولى، مبينةً أن إقرار المحاكم الشرعية بخطوة إخطار المرأة بطلاقها برسالة نصية قرار منصف وعظيم، ولكن يجب أيضاً أن يكون لها ذات الحق في حال رغبته في التعدد قبل أن يتم عقد قرانه، فليس من العدل أن يعقد الزوج قرانه من زوجة أخرى دون أن تعلم الزوجة الأولى، وكأن هناك إنصافاً للرجل وظلماً للمرأة - حسب قولها -، مشيرةً إلى أنه يجب إقرار موافقة الزوجة الأولى على زواج زوجها من امرأة أخرى، أو التأكد من أنها تعلم بهذا الزواج، فهذا حق شرعي كفله الشرع لها حتى لا تقع ضحية للغش والتدليس. آثار سلبية وأوضحت د. سهيلة زين العابدين أن من يخشى على الآثار السلبية على الأسرة والأبناء في حال معرفة الزوجة بزواج زوجها الثاني قبل أن يتم من خلال المحاكم الشرعية جانب الصواب، فمن باب أولى حفظ الأسرة من التعدد؛ لأنه المؤثر الكبير على استقرار الأسرة - حسب قولها -، وهذا الرأي غير منطقي، فالرجل الذي يجد أن امرأة واحدة لا تكفيه فإن هذه مشكلته الخاصة، ويجب هنا أن يكبح رغباته الشخصية أو عليه أن يختار إعلام زوجته الأولى، ولأن ذلك لن يحدث، على المحاكم الشرعية أن تقر قرار إعلام الزوجة بزواج زوجها قبل عقد قرانه؛ لأن هذا حق شرعي لها ولا يجوز غشها والتدليس عليها من منطلق حفظ قوام الأسرة، لاسيما أن للزواج السري آثاره السلبية أيضاً ليس فقط على الزوجة الثانية ولكن على أولادها أيضاً؛ لأن الكثير من الحالات من يحرمون من التعليم والحقوق بسبب السرية في الزواج، وفي هذا ظلم أيضاً حتى على الزوجة الثانية، وهنا نعود إلى أساس الشرع في التعدد وهي الآية التي ذكرت في سورة النساء والتي ترجح التعدد من امرأة مطلقة أو أرملة ومن بحاجة إلى الرعاية وليس لمجرد رغبة الرجل في فتاة صغيرة وجميلة حتى يمتع نفسه، مؤكدةً على أن التعدد مباح في حالات محددة، وفي كل الحالات يجب إعلام الزوجة الأولى حتى تختار بين إكمال الحياة وبين الرغبة في التفريق. حماية وأمان وقالت د. لانا بنت حسن بن سعيد - عضو مجلس شؤون الأسرة ورئيسة لجنة المرأة وأستاذ مشارك بقسم الدراسات الاجتماعية في جامعة الملك سعود -: الدولة تحرص بكافة أجهزتها على تحقيق الأمان والحماية للأسرة وضمان استقرارها وتأدية دورها في المجتمع بشكل سليم ومتوازن، وعليه فإن أية أنظمة أو قرارات تصدر هي في الأساس لحماية هذا الكيان الذي يعد نواة المجتمع، وقرار إبلاغ الزوجة بطلاقها هو أحد القرارات التي كفل للمرأة حقاً شخصياً لها، وهي حالة خاصة بها وتعنيها بالمقام الأول، بل ويترتب عليها تغيرات وحقوق أخرى مهمة، أمّا بالنسبة لموضوع الزوجة الثانية وإبلاغ الزوجة الأولى بذلك فكما ذكرت فإن الهدف الأساسي هو المحافظة على استقرار الأسرة وحصول كل فرد من أفرادها على حقوقه، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما الآثار الاجتماعية والنفسية التي يترتب عليه هذا الإبلاغ؟ وما تبعيات الموضوع على أمن واستقرار الأسرة؟ شرط الإشهار وتحدثت بيان زهران - محامية - قائلةً: إنه من الناحية الشرعية يشترط لإتمام أي زواج الإيجاب والقبول وشهود وإشهار، والإشهار هنا يتوجب أن يعلم بهذا الزواج الجميع بمن فيهم الزوجة الأولى، فعلى الرغم من أنه لا يوجد هناك نص شرعي يثبت حق وجوب معرفة الزوجة الأولى بزواج زوجها من امرأة أخرى، إلاّ أن اشتراط الإشهار يدل على نفي السرية في الزواج، لاسيما أن طبيعة المجتمعات في السابق كانت تقوم على مبدأ التقارب، فالجميع يسكنون القرية الواحدة والجميع يعلم بأي زواج يتم، إلاّ أن هذا تغير في ظل ازدياد أعداد الناس وظهور الكثير من مسميات الزواج كالمسيار وغيرها حتى أصبح بند الإشهار لا يعرف على مستوى المدينة، مضيفةً أن عدم علم الزوجة بزواج زوجها من امرأة أخرى ليس إسناداً معتداً به في إقامة رفع قضية الطلاق على الزوج في حال رفضها للزواج الثاني، فالقاضي هنا لا يعتمد على اعتراضها بعدم معرفتها إلاّ بشرط أن تكون الزوجة قد اشترطت على زوجها في عقد النكاح أن لا يتزوج عليها من امرأة أخرى ووافق على ذلك، مبينةً أنه في مثل هذه الحالة يفسخ عقد النكاح بموجب الشرط، ولكن في الحالات الأخرى التي لا يتم الاشتراط فيها قبل الزواج لابد أن يتم ربط الزواج الثاني بحدوث الضرر في حال رغبة الزوجة الأولى بالطلاق، وهذا الضرر يتخذ عدة صور كضررها من غيابه الكثير عن بيت الزوجية، أو هجره لها، وكان بسبب زواجه من أخرى، مشيرةً إلى أن عدم العلم بالزواج الثاني لا يعتبر أساساً للطلاق، وليس هناك حكم شرعي بضرورة إخبار المرأة بزواج زوجها. ضوابط قانونية وأوضحت بيان زهران أن إقرار المحاكم الشرعية بإعلام المرأة برسالة نصية بطلاقها جاء من منطلق حفظ حقوقها الشرعية لا يقابله إعلامها بزواج زوجها بذات الطريقة؛ لأن الزواج الثاني له سجله المدني الجديد وله شهوده وحالاته التي لا ترتبط بالزوجة الأولى، فمن الناحية الشرعية والقانونية ليس هناك سبب لإخبارها بزواج الزوج بخلاف طلاقها، مضيفةً أن القاضي لا ينظر إلى رغبة المرأة بالطلاق لعدم علمها بزواج زوجها الثاني إلاّ إذا ما اقترن السبب بوقوع الضرر، والضرر هنا ليس فقط نفسي أو عاطفي إنما يؤثر على الحياة الأسرية، وهنا يصبح المنطق الشرعي موجب لرفع قضية للطلاق، داعيةً إلى ضرورة وضع ضوابط قانونية للزواج الثاني، فالكثير من الدول الإسلامية تضع ضوابط كثيرة له، ومن أهمها إعلام الزوجة الأولى وإخبارها، ذاكرةً أننا اليوم لدينا ضوابط فيما يتعلق بزواج الرجل من امرأة أجنبية، وهنا يُشترط أن تعلم الزوجة الأولى بزواجه من الأجنبية مع اشتراط موافقتها، كذلك من الضروري أيضاً تطبيق مثل هذه الضوابط على زواج الرجل من الزوجة الثانية حتى يتم العدل؛ لأن الشريعة الإسلامية ربطت تعدد الزواج بالعدل، وحتى يتحقق يجب أن تعلم الزوجة أنه سيكون هناك عدل في المبيت والإنفاق وهنا توجب معرفتها بالزواج الثاني. مطالب بإشعار المرأة بزواج زوجها الثاني