اختلفت آراء علماء وأعضاء في هيئة كبار العلماء في حكم الزواج على الزوجة الأولى بدون علمها واشتراطها على زوجها عدم التعدد. ففي حين يوضح الدكتور أحمد سير المباركي أن عدم إخبار الزوجة والأولاد ليس من المصلحة، يشدد الدكتور صالح الفوزان على ضرورة الالتزام لو اشترطت الزوجة على زوجها عدم التعدد، أما الدكتور فيؤكد أن هذا الزواج ليس مشروعا، فيما يشير الدكتور يعقوب الباحسين إلى أن من حق المرأة اشتراط عدم الزواج عليها. فالمباركي يقول «لا يلزم الإنسان أن يخبر زوجته أنه سيتزوج أو تزوج، ولكن الواجب أن يكون الزواج معلنا بحضور الولي والشهود، فإذا تمت أركان الزواج وشروطه صح الزواج». عقل راجح ويستدرك عضو هيئة كبار العلماء قائلا «لكن ينبغي للإنسان أن يكون ذا عقل راجح وسياسة حكيمة في أموره الزوجية والعائلية، فليس من المصلحة دائما عدم إخبار الزوجة والأولاد بالزواج؛ لأنه قد يترتب على ذلك مفاسد في المستقبل من ناحية الأنساب والميراث وأيضا علاقة الأولاد بعضهم ببعض، فإنهم إذا لم يكونوا على صلة بإخوانهم فربما يحصل ما يحصل بعد وفاة الوالد». ويخلص المباركي إلى القول «الكتمان عن الزوجة يجوز، ولكن لا ينبغي أن يطول لأن فيه مفاسد، وإلا هو لا دخل له في أركان العقد ولا في شروطه؛ لأن هناك شهودا وأناسا علموا عن هذا الزواج، فلا يضر كتمانه عن الزوجة والحالة هذه». يجوز الاشتراط أما الفوزان، فيرى أنه «يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها عند الزواج ألا يتزوج عليها»، مشيرا إلى أنه «إذا خالف الزوج الشرط وتزوج عليها، فلها الخياران؛ البقاء معه أو الفسخ، لقوله صلى الله عليه وسلم: (المسلمون على شروطهم)، وهذا شرط لها فيه مصلحة». شرط مخالف ومن جهته، يؤكد الباحسين أحقية اشتراط المرأة على زوجها ألا يتزوج عليها، مستدركا «لكن هذا الشرط مخالف للأحكام الشرعية؛ لأن الشرع أجاز الزواج بأكثر من واحدة». المخفون معذورون وهنا يرى الحكمي أن من أخفوا زواجهم الثاني معذورون «قد يكون له عذر إن لم يرد أن تعلم زوجته الأولى بزواجه الجديد، ولم يرغب في إفشاء الزواج». لكن الحكمي يرى أن «هذا الأمر يفتح بابا للتجاوزات»، مشيرا إلى أن الإسلام حث على إعلان النكاح وجعل ذلك الفرق بينهما. ويخلص إلى القول «لا أرى مثل هذا الزواج، فهو ليس مشروعا». لا يلزم الاستئذان المدرس في المسجد الحرام الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله العجلان بين أنه لا يلزم استئذان الرجل زوجته الأولى عند الزواج من الثانية، مرجعا ذلك إلى أنه «لو لزم ذلك لما تزوج رجل بامرأة أخرى إلا القليل»، معلقا ذلك على شرط «أن يثق الرجل من نفسه في القدرة على العدل بين زوجاته». ويضيف «إن رفضت الأولى بالزواج من الثانية، أو رفضت الثانية بالزواج من الثالثة، أو رفضت الثالثة الزواج بالرابعة فلا ينظر إلى رفضها». لا شيء على الزوج من جانبه، يرى الداعية الإسلامي المعروف الشيخ محمد صالح المنجد أنه لا شيء على الزوج إذا تزوج على الأولى بدون علمها، ولكن عليه العدل بينهما. وقال: سئل الشيخ ابن عثيمين عن رجل توفي وترك زوجة وأولادا، وبعد وفاته علمت الزوجة والأسرة بأنه كان متزوجا بامرأة أخرى منذ عدة سنوات، دون علم الزوجة الأولى والأولاد؛ فهل يأثم المتوفى على إخفاء خبر زواجه على أهله؟ فأجاب رحمه الله تعالى: «لا يأثم المتوفى على إخفاء تزوجه بالمرأة، لكن يجب إعلان النكاح لأمر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك. فإذا كان النكاح معلنا كما لو كان نكاحا في قرية أخرى، وأعلن في القرية فإنه يكفي، وإن أخفى ذلك على أهله وعلى زوجته الأولى». الزواج السري أما عضو الإفتاء في منطقة القصيم الشيخ الدكتور خالد بن عبدالله المصلح، فقال: ما يسمى بالزواج السري ليس سرا، وإنما إخفاء خبر النكاح عن بعض من قد يتضرر بذلك لأي سبب هذا لا يؤثر على صحة النكاح، فهو صحيح، وإذا الطرفان اتفقا على ذلك فهو من الأمور التي تندرج تحت ما يكون من الصلح أو الشرط الذي يكون بين الزوجين، لكن هذا النوع من الزواج لا يكون الرضا به من الطرفين إلا لتحقيق غرض لكل واحد منهما، وإلا فإنه في الحالة الاعتيادية حتى لو كان طرف يرغب في هذا وطرف آخر يرفض ستنتهي الأمور إلى عدم الاتفاق، لكن يجب التوافق بين الطرفين لتحقيق مصلحة لكل منهما، فما يتصل بحكم هذا النكاح فهو صحيح وليس فيه حرج، لكن يبقى أن كل ما يترتب على القسمة يكون فيه العدل، فيقسم لها كما يقسم لغيرها من الزوجات.