بدأ العمل المصرفي بالمملكة في العام 1928م بإنشاء نظام (النقد الحجازي النجدي) والذي اقتصر على سك عملة (الريال العربي الفضي)، والذي كان العملة المتداولة حتى قررت الدولة العام 1935م استبداله (بالريال الفضي السعودي) الذي يحمل الاسم الجديد للدولة (المملكة العربية السعودية). لم يوجد في ذلك الوقت نظام أو جهاز مركزي ينظم العمليات المصرفية التي كانت تتم من خلال مؤسسات غير متخصصة، فكانت العمليات المالية بسيطة وغير معقدة إلا أن تطور الحاجة لتنظيم شؤون الحج المالية وإدارة عائدات النفط ساهم في إعلان عصر المصرفية السعودية الحديثة، حيث أنشئت مؤسسة النقد العربي السعودي بتاريخ 20 أبريل 1952 بمرسوم ملكي في عهد المغفور له الملك المؤسس. سمحت مؤسسة النقد للبنوك الأجنبية بفتح فروع لها في البلاد لممارسة النشاط المصرفي في مكة والمدينة وجدة ثم انتشرت في مدن أخرى وتطورت لاحقاً لتصبح بنوكاً سعودية أكثر تخصصاً معتمدة على العمل اليدوي والدفتري في إنجاز جميع العمليات المصرفية والتي لم تخرج عن بيع العملة والإيداع والسحب والتحويل والتمويل. وكانت عملية تنفيذ وتدقيق العمليات المالية للبنوك تنفذ بطريقة بسيطة حيث يجلس ممرر العمليات خلف الموظف المعتمد الذي يقوم بتجهيز المعاملة وتمريرها بشكل يدوي لمن خلفه ليقوم بمراجعتها واعتمادها. لم تستخدم أي تقنية في البنوك باستثناء الآلة الكاتبة والبرقية التي دخلت المجال في الستينات الميلادية حيث حظي مستخدمو هذه التقنية والماهرون بها بمكانة عالية في الأوساط المصرفية والاجتماعية. دفع صدور النظام النقدي الرابع والتنظيمات المتتالية بالبنوك السعودية لكي تكون أكثر تخصصاً وملاءمة مع التحديات الاقتصادية والمخاطر الاستراتيجية وأكثر تجاوباً مع المتطلبات التنظيمية المحلية والدولية، وكذلك أكثر تفاعلاً مع احتياجات المستهلك فنشأت المنتجات والخدمات المختلفة والتي ساهمت مع ظهور التقنية الحديثة ليصبح القطاع المصرفي نموذجاً مثالياً من جميع الجوانب الفنية والتنظيمية والبشرية، حيث استخدمت التقنية بفعالية وتطورت إلى استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي في عمليات كثيرة كإدارة المخاطر ومراقبة العمليات المالية الاعتيادية والمشبوهة، وتنفيذ وتسوية ومراجعة ومطابقة العمليات الضخمة بدقة عالية مما رفع معدل الكفاءة والفعالية وسمح بزيادة الإنتاج وتقليل التكلفة بشكل متسارع جداً. منح هذا التطور الفني والمهني والإجرائي القطاع المصرفي السعودي لأن يساهم بشكل فعال في النمو الاقتصادي الكبير للمملكة حيث تضاعف الناتج المحلي 6 مرات خلال العقود الأربعة الماضية من 500 مليار ريال إلى 3 تريليونات ريال، فأصبح هذا القطاع رأس حربة الاقتصاد بمساهمته الحيوية في حماية الاقتصاد والمجتمع من جميع الأزمات العالمية، وآخرها أزمة الرهن العقاري 2008، مما دفع وكالة التصنيف الائتماني «فيتش» لتصنيفه رابع أقوى نظام مصرفي في العالم.