لقد كنت بدأت في كتابة مقال عن مرونة الطلب على البترول. لكن فوجئت على إيميلي بتقرير حديث مفصّل عن روسيا صادر بتاريخ 28 يوليو 2015 (قبل ثلاثة أسابيع) من إدارة معلومات الطاقة الأميركية EIA وهي طبعا – كما يعرف بعضكم – تختلف في اختصاصاتها عن هيئة المساحة الجيولوجية الأميركية USGS ولكن كلتيهما تعتبران مصدران مهمان من أغزر المصادر على الاطلاق عن الطاقة والبترول فرأيت أن اؤجّل مقال مرونة الطلب على البترول وأكتب الآن عن روسيا لأنها أصبحت الآن اللاعب شبيه النّد بالنّد (باستثناء أميركا) للمملكة في أسواق البترول. يقول التقرير (وهو في هذه المعلومة موثوق فيه) ان روسيا هي أكبر دولة منتجة للبترول الخام (يشمل المكثفات) في العالم وأنها ثاني أكبر دولة (بعد المملكة) مصدرة للبترول وأنها تعتمد بنسبة 50% من إيرادات ميزانيتها الفدرالية على إيراداتها من مبيعات الغاز والبترول. لكن ترتيب روسيا في انتاج البترول يتراجع الى الثالث (بعد أميركا والمملكة) إذا أضفنا انتاج السوائل البترولية الى انتاج الخام والمكثفات فيصبح الترتيب وفقا لعام 2014 كالتالي: أميركا 13.97 مليون برميل في اليوم، المملكة 11.63 مليون برميل في اليوم، روسيا 10.90 ملايين برميل في اليوم. يلاحظ ان الذي يميز الاقتصاد الروسي عن اقتصاد دول أوبك أنها ليست فقط منتجة رئيسية للبترول بل أيضا هي ثاني دولة في العالم منتجة للغاز وهي أيضا منتجة رئيسية للفحم. كذلك روسيا هي ثالث أكبر دولة في العالم في انتاج الطاقة النووية ويوجد الآن لديها تسعة مفاعلات نووية في طور البناء يجعلها الدولة الثانية بعد الصين التي لديها مفاعلات قيد الانشاء. تتكون مصادر استهلاك الطاقة في روسيا وفقا لعام 2012 كالتالي: 51% الغاز الطبيعي، 22% البترول، 18% الفحم، 9% المتجددة والأخرى. لقد أدّت المقاطعة وانخفاض أسعار البترول الى خفض الاستثمارات الأجنبية في البترول الروسي لا سيما بترول القطب الشمالي والبترول الصخري. بلغ احتياطي البترول الروسي 80 مليار برميل عام 2015 وتستهلك روسيا محليا حوالي 3.5 ملايين برميل يوميا والباقي تصدره خاما أو منتجات. معظم انتاج روسيا يأتي الآن من حقول هرمة (aging fields) في غرب سيبيريا ومنطقة الأورال وهي تعاني من الانخفاض القسري يدفع روسيا لاستخدام التكنولوجيا المتقدمة والمحفزات وكذلك لتطوير حقولها الشرقية ومنطقة القطب لتعويض هذا الانخفاض وليس لزيادة معدل الانتاج. نترك التقرير الآن ونعلق قليلا على دور روسيا في أسواق البترول وعلاقتها بأوبك: لا شك ان روسيا لها وزن ثقيل في أسواق البترول فهي وحدها تنتج حوالي 30% من اجمالي انتاج الاثنتي عشرة دولة في أوبك وهو أكثر من مجموع انتاج ست دول في المنظمة (قطر، الجزائر، ليبيا، فنزويلا، اكوادور، نيجيريا) وبلغت صادرات روسيا (وفقا للتقرير) عام 2014 حوالي 7.3 ملايين برميل في اليوم أي أكبر دولة مصدرة للبترول في العالم بعد المملكة. لقد أثيرت – بغرض جس النبض – اشاعات في مناسبات متعددة بأن روسيا قد تنضم الى أوبك ولكن روسيا اكتفت بحضور اجتماعاتها كمستمع وواضح انه ليس في صالح روسيا الانضمام الى أوبك لأن انضمامها اليها سيحوّل روسيا من لاعب مستقل الى لاعب تحت إمرة كباتن فريق المنظّمة (أو ما يسمى الحمائم: المملكة، الامارات، الكويت) وهذا سيحد من دور روسيا كراكب بالمجان لا يتقيّد بالالتزامات المفروضة على دول اوبك أوضحها للعيان التقيد بنظام الحصص. موضوع زاوية الأحد القادم – ان شاء الله – بعنوان: «تأثير مرونة الطلب على ميزانيات الدول المصدرة للبترول».