مثقلةٌ هيَ أسواق النفط التي تسير الهوينى نحو آفاق الاتزان أو القرب منها، فالعديد من العوامل تسير عكس اتجّاه الأسواق، وأضحت عبئاً ثقيلاً على أكتافها بدأت تتضّح ملامحها في مستويات أسعار خام برنت التي تراجعت (وقت إعداد التقرير) لمستويات ال 58 دولاراً، عقب حالة من الاستقرار النسبي عاشته الأسعار خلال الأسبوع الماضي بعد حالات تراجع للأسعار وعوامل ضغوط لم تساعد الأسواق للابتعاد كثيراً فوق مستويات ال 60 دولاراً. ويرى خبير في شؤون النفط أن ما عاشته أسواق النفط خلال الفترة الماضية (قبل اتفاق الخفض النفطي في السابع من ديسمبر الجاري) من تراجعات كبيرة في مستويات الأسعار النفطية كانت استشرافاً للعديد من المتغيرات بالأسواق النفطية خلال الربع الأول من العام القادم 2019م، مبيناً في الوقت ذاته أن أي حالات كساد أو تباطؤ في الاقتصاد العالمي قد يستلزم اتخاذ تدابير حماية وإنعاش من أهمها الجاهزية لتفعيل اتفاق خفض جديد لمعدلات الإنتاج النفطي إن دعت الحاجة إلى ذلك مستقبلاً. وقال ل" الرياض" المدير الشريك في Energy Outlook Advisors الدكتور أنس الحجي: إن مستويات الأسعار المتدنية الحاصلة في الوقت الحالي تسهم في حدوث عدّة متغيرات خلال الربع الأول من العام القادم 2019م أهمها أن انخفاض الطلب الفصلي على النفط سيكون أقل من المتوقع، وقد لا يحدث هنالك أي انخفاض على الإطلاق، وهذا يعني أن الارتفاع في الطلب العالمي على النفط قد يصل إلى مليون برميل يوميا مقارنة بالتوقعات السابقة، بالإضافة إلى عدم نمو إنتاج النفط الكندي مقارنة بما كان متوقعا بسبب قرار حكومة ألبرتا إجبار منتجي النفط على تخفيض الإنتاج بعد الانخفاض الحاد في أسعار النفط الكندي، كذلك فإن الانخفاض الكبير في أسعار النفط سيتسبب في توقف انخفاض الطلب على النفط في اقتصادات الدول الناشئة التي انخفضت أسعار عملاتها بشكل كبير مقابل الدولار، وفي بعض الحالات قد يؤدي إلى زيادة الطلب على النفط. وذكر الدكتور الحجي أن نمو إنتاج النفط الصخري في الولاياتالمتحدة سيكون أقل من المتوقع، ليس بسبب انخفاض أسعار النفط فقط، وإنما أيضا بسبب أسعار الغاز السالبة في بعض المنافذ، الأمر الذي نتج عنه انخفاض كبير في إنتاج الغاز المصاحب في غرب تكساس، والذي ينتج عنه انخفاض في إنتاج النفط والمكثفات. وأضاف الدكتور الحجي بقوله: كل ما سبق يعني أن الطلب على نفوط أوبك سيكون أعلى من المتوقع، وربما أعلى من توقعات منظمة الأوبك ذاتها، إلا أن هناك مخاوف بداخل الأسواق من تباطؤ الاقتصاد العالمي بشكل عام، وتباطؤ الاقتصاد الصيني على وجه الخصوص، وذلك بسبب الحروب التجارية من جهة وبعض السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية في الصين من جهة أخرى، لذلك فإن حصول أي كساد اقتصادي عالمي سوف يتطلب قيام دول منظمة الأوبك بعمل تخفيض آخر للإنتاج؛ وذلك لمنع أسعار النفط من الاستمرار بالانخفاض بشكلٍ أكبر. د. أنس الحجي