الجزيرة - نواف المتعب - يحيى القبعة توقَّع اقتصاديون تباطؤ نمو الطلب العالمي على النفط في عام2012م، إضافة إلى ارتفاع الأسعار إلى مستوى 150دولاراً، مشيرين إلى حالة عدم اليقين التي تسود الاقتصادات العالمية الكبرى، وأوضح كبير الاقتصاديين في شركة أن جي بي الأمريكية الدكتور أنس الحجي أن الوضع الاقتصادي في أوروبا وانخفاض الطلب في الفترات الأخيرة في الدول الصناعية يعني أن الطلب على النفط لن ينمو بشكل كبير. وقال في تعليقه حول بيان أوبك الذي أشار إلى أن أزمة الديون الأوروبية وارتفاع سعر النفط هما أكبر التهديدات للطلب العالمي: يعني ذلك أن الدول الصناعية لا تستطيع تحمُّل أسعار النفط المرتفعة، الأمر الذي يتطلب قيام أوبك بضخ كميات إضافية من النفط لتخفيض الأسعار. وأضاف الدكتور الحجي ل «الجزيرة»: إذا ما تأزمت الأمور في اليونان وغيرها فإن توقع أوبك نمو الطلب على النفط بمقدار 900 ألف برميل يومياً قد يكون متفائلاً، خاصة في ضوء البيانات الأخيرة التي تشير إلى تباطؤ نسبي في الاقتصاد الصيني. من جهته أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور عبد الوهاب السعدون أمين عام الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات أن حالة الاقتصاد العالمي تنعكس سلباً أو إيجاباً على مستوى الطلب على النفط في الأسواق العالمية ، وتكاد تجمع التوقعات لعام 2012م على حصول تباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي على الأقل في النصف الأول من العام . وتساءل السعدون عن مقدار التراجع في معدل نمو الاقتصاد العالمي، وانعكاساته على نمو الطلب على النفط ، مجيباً: من الصعب التنبؤ بمستويات الطلب المستقبلية في ظل الضبابية التي تلف نمو الاقتصادات الكبرى بسبب تباين الأداء، ما بين الآمال التي تنعشها البيانات الإيجابية التي ترجح استمرار النمو القوي للاقتصادات الناهضة بقيادة الصين يقابلها تفاؤل مشوب بالحذر بشأن استمرار نمو الاقتصاد الأمريكي ، وتنامي المخاوف من حصول انكماش اقتصادي في أوروبا بسبب تداعيات أزمة الديون السيادية وانعكاساتها على الاقتصادات الكبرى في العالم ، بما يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي عالمي بدت ملامحه جلية في تراجع مؤشرات الإنفاق الاستهلاكي في أوروبا والولايات المتحدة خلال الربع الأول من 2012م، الأمر الذي قد ينعكس على معدلات الطلب على المنتجات السلعية ومن بينها النفط. وأضاف الدكتور السعدون أن مستوى النمو في الاقتصاد العالمي سيتحدد في عام 2012م على مقدار الانكماش في الاقتصاد الأوروبي والتراجع في نمو الاقتصاد الصيني الذي من المتوقع أن ينمو بنحو 8 في المائة وهو مستوى يقل عن مستويات السنوات السابقة. والقراءة المتأنية لهذه المعطيات كانت وراء إبقاء أوبك لتوقعاتها بنمو الطلب على النفط في هذا الشهر بنسبة تزيد قليلاً على 1 في المائة من إجمالي الطلب العالمي. من ناحيته اعتبر نائب رئيس شركة أرامكو سابقاً عثمان الخويطر أن تغيُّر أسعار النفط الآنية هبوطاً وصعوداً أصبح من الأمور المألوفة لدى المجتمع الدولي منذ أن برز النفط كأهم سلعة يتم تداولها في الساحة الدولية. وفيما يتعلق بمستوى الأسعار الحالية، أكد أنها مُرضية بالنسبة للدول المصدرة، حسبما يتضح من تصريحات بعض المسئولين. مشيراً إلى أن القيمة الحقيقية لمادة ناضبة لا يمكن تعويضها ولها هذه الأهمية العالية على حياتنا الاقتصادية، فأي سعر لها يُعد أقل من قيمتها. وعن تلبية الطلب العالمي، أكد الخويطر أن المملكة تعلن على الدوام أنها على استعداد لتغطية أي نقص في الإمدادات النفطية، حسب مقدرتها الفعلية. غير أنه استدرك قائلاً: ربما يأتي اليوم الذي تشهد فيه السوق العالمية حدوث نقص حاد في مصادر الطاقة لا مجال لتعويضه لا من المملكة ولا من غيرها من المنتجين الآخرين، نتيجة للنضوب الطبيعي للحقول المنتجة. من جهته، أكد الخبير الاقتصادي حجاج بو خضور أن استمرار القلق العالمي والاضطرابات السياسية التي تشهدها بعض الدول المنتجة تؤثر سلباً على السوق النفطية، بالتالي تواصل الأسعار مسلسل الارتفاع عن المستويات الطبيعية. وأتوقع في ظل استمرار هذه الأحداث المتوترة وصول الأسعار إلى مستوى 150 دولاراً. وذكر بو خضور أن إيران، التي تُعد ثاني أكبر دولة منتجة في «أوبك» تحاول أن تحدث خللاً في التجارة النفطية من خلال تهديدها بإغلاق مضيق هرمز وكذلك الدخول في سوق الذهب وشرائه بكميات كثيرة، حتى ينخفض الدولار وبالتالي ترتفع أسعار النفط. وشدد على أن منظمة أوبك بقيادة المملكة ، قادرة على أن تفي بالطلب العالمي من خلال رفع الإنتاج بمعدلات موازية للطلب، وذلك لما تتمتع به من احتياطات نفطية كبيرة، مشيراً إلى أن هناك 50 مليون برميل يومياً كمخزون احتياطي من أجل الوفاء بسد الطلب في حالة نقص الإنتاج. واعتبر نائب رئيس مجلس شركة أرامكو سابقاً سداد الحسيني أن أسعار النفط ترتفع بوتيرة أسرع جراء التصريحات السياسية، التي ألقت بظلالها على السوق النفطية، مما دفع بالأسعار بالارتفاع . وعن مدى قدرة اقتصادات البلدان في العالم على شراء كميات من النفط مجدداً، أفاد الحسيني أنه في ظل أزمة الديون الأوروبية وارتفاع أسعار النفط فإن ذلك سيحد من شراء النفط ومن زيادة الطلب، مما سيحدث نوعاً من الانهيار الاقتصادي، وبالتالي انخفاض أسعار النفط. يُذكر أن أوبك نوّهت في تقريرها عن شهر فبراير 2012 إلى أن أزمة الديون الأوروبية وارتفاع سعر النفط هما أكبر التهديدات للطلب العالمي على النفط هذا العام وأنها لا تزال تضخ أكثر من المستوى المستهدف رغم انخفاض في الإنتاج الإيراني. وقالت المنظمة في تقريرها الشهري عن سوق النفط إن الطلب العالمي سيرتفع بواقع 900 ألف برميل يومياً هذا العام دون تغيير عن توقعها في الشهر السابق.