عندما قدمت محاضرة «ملحمة وجوه (1997) غناء خليجي بديل» في مؤتمر الموسيقى العربية - 27 (نوفمبر 2018)، فرصدت مزاياها كالتالي: تعدد الجذور الثقافية، دمج أو تفكيك القوالب والأنماط والألوان، الموضوعات المركبة والمعاني المختلفة، الإنتاج المستقل والاعتماد الذاتي. وأن لها وجهاً آخر بأنه: خيار غير ملزم في تجربة كل مبدع، مغامرة محفوفة بالفشل المتوقع، انحصار أدائها في مناسبات أو أماكن محددة، عزوف المنتجين عنها لانعدام طرق تسويقها. واجهني موقفان من الحضور الكريم، أحدهما من أكاديمي عراقي، بأنه لم يفهم شيئاً، والأخرى أكاديمية مغربية، بأنها حاولت في استعادة أغنيات بديلة من نماذج المحاضرة، ولم تتمكن. وهذان الموقفان كفيلان إما بكشف مكابرة الاعتقاد بأن للفنون والآداب طريقاً واحداً، وإما بتأمل المنتج الثقافي بحسب رؤيته وأهدافه. وتتمثل هذا الاتجاه، بين تيارات الغناء العربي البديل المرصودة في تلك المحاضرة، المغنية والشاعرة والملحنة عايدة الأيوبي، التي عرفت منذ آخر عقد من القرن الماضي فأصدرت ثلاث مجموعات: الأولى «على بالي» (1991) بين كتابتها وتلحينها وأدائها واختيارها من التراث الثقافي مثل طقطوقة «إن شاء الله» من استعراض «معروف الإسكافي» للملحن داوود حسني (1870- 1937)، وأغنية «المية والهوا» (صالح جودت- أحمد صدقي) من فيلم «شاطئ الغرام» (1950) لليلى مراد، وأعادت تسجيل أغنية «عصفور» (نبيل هادي - مرسيل خليفة) وأغنية «نامي نامي يا صغيرة» لأميمة الخليل من مجموعة «عالحدود» (1979). وأما في الثانية «من زمان» (1993) فقد أدت أغنية «عالحدود». (1979) ذات المجموعة والشاعر والملحن، واختارت طقطوقة «يا ورد» (بديع خيري - سيد درويش) من مسرحية «اش» (1919). استطاعت الأيوبي اختراق تيارين: الأول، جيل الكاسيت عرّابه هاني شنودة وعمار الشريعي، والثاني جيل الأغنية الشبابية عرّابه حميد الشاعري. بدأت مسارها من حفلات الجامعات إلى المحطات الفضائية فاتخذت أغانيها مكانة مستحقة بين متنافسين أشداء فلم يصمد جيلها لأسباب كشفتها التجربة نفسها بينما توقفت لشؤون الزواج والأمومة تريثت متأملة ظهور الجيل الجديد من الأغنية البديلة وصادفت ثورة يناير 2011 فشاركت فرقة كايروكي بأكثر من أغنية «يا الميدان» (2011) ثم منفردة «بحبك يا بلدي» (2011) وأكملت معها «مكملين» (2013)، «اتجنن» (2014). أصدرت مجموعتها «أسماء الله الحسنى» (2012) تميزت بروح مختلفة في إطار الإنشاد الإسلامي، واستأنفت تجربتها بمنفردات: «مكتوبالك» (2014)، و»سبب وجودي» (2016)، و»انتي وبس عيد» (2017) لعيد الأم 21 مارس، وآخرها «افتح نفسك للحياة» (2018). ما تثيره هذه التجربة، إلى أين ستكون؟