يتداول مصطلح «الأغنية البديلة» في عالم الغناء العربي، في القاهرة، منذ إصدار بيان على شكل كتاب «الأغنية البديلة» (1988) لعبدالله كمال مشتركاً مع إبراهيم عيسى، مستمداً من ذات المحاولة لوصف الصحافي تيري تولكين أغنيات الروك في عقد الثمانينيات ب «الروك البديل» (1979)، وذلك لوصف جيل كامل، بدأ بالظهور في سبعينيات القرن العشرين، تمثله مجموعة كبيرة، من الحناجر والشعراء والملحنين والمنتجين، قادها ملحنان، هاني شنودة وحميد الشاعري: تلحين الأغاني، واكتشاف الأًصوات وتأسيس الفرق، الناشطة من بين الجيل نفسه، مواصلة عقداً كاملاً من إنتاجها. ولكن لم يكن لهذا المصطلح أية شرعية، فاختفى حتى استعيد بمعنى آخر، لجيل ومنتج مختلفين، في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، فقد استعيض عنه بمصطلح «الأغنية الشبابية» الذي راج حاملاً في معناه مجمع الأضداد، بين الوصمة أي القدح، وبين التمايز أي الشعار. ولا يعبر ذلك إلا عن التصور الخاطئ، أن التيارات والحركات الثقافية ذات خط مستقيم أحادي، ما يستدعي الدفاع عن أصالة أو تقليد، هي تعبير عن الإخفاق في استيعاب حركة التاريخ، ومتغيرات الحياة. وما يمكن أن يقال في الربع الأخير من القرن العشرين، أن جيلاً عربياً، نشط في المجال الثقافي، في إنتاج الآداب والفنون، له ما له من مزايا وعليه ما عليه من رزايا. ومن أمثلته في البحرين، تجربة سلمان زيمان، ومحمد يوسف وأمينة أحمد، وخالد الشيخ، وهدى عبدالله، وفرقة أجراس، وفي العراق، فؤاد سالم وفرقة العاشقين، وفي لبنان، غازي بكداشي وبول مطر ومرسيل خليفة وزياد رحباني وسامي حواط وأحمد كعبور، وفي فلسطين فرقة العاشقين وصابرين، وفي مصر، تجربة عدلي فخري وعزة بلبع وفاروق الشرنوبي، وفي تونس نبيهة كراولي، وفي المغرب رجاء بلمليح. ومن هذا الجيل، ومتابعيه، تمثل في بعضهم، فاعلين في التجارب، شعراء ونقاد، وصحافيين وأكاديميين، مروّجين في كتابات مستعجلة، أو مجيّرين لتجارب فرسانهم، مصطلح «الأغنية السياسية» أو «الأغنية المتلزمة»، ومثاله كتاب «موت مدير مسرح: ذاكرة الأغنية السياسية» (2005) لعبيدو باشا. بينما تحلّل من نفس الجيل أسماء أخرى، باتت رموزه، من الجدار الإيديولوجي، وظل مخلصاً لمقومات جيله، من الناحية الثقافية، وكشفت التجربة بعد ظهور جيلين لاحقين، أن المسألة لم تعد سوى صراع أجيال، واختلاف جمالي، وهذا ما بدا في مراجعة نقدية عبر كتاب «الأغنية المصرية الجديدة: مساحات مضيئة» (2004) لطارق هاشم. * جزء من محاضرة قدمت في مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية (27)، بالقاهرة، نوفمبر 2018.