كنت قبل أيام في محل للمواد الكهربائية بهدف شراء بعض المستلزمات للمنزل، فدخل أحد الزبائن وطلب توصيلة كهرباء، فعرض عليه البائع واحدة جيدة الصنع ومضمونة لمدة عامين، إلا أن الزبون رفضها وطلب أرخص ما هو موجود بقطع النظر عن جودة السلعة وكفاءتها. فحدثته ناصحاً عن أهمية تجنب المنتجات الرديئة لشدة خطورتها وتأثيرها على السلامة، فكان جوابه قاصماً لي ولكل الجهود والحملات التوعوية التجارية: "يا رجل مشي حالك". هذه الثقافة السلبية والمنتشرة لدى شريحة من المستهلكين ولّدت في أسواقنا خيارات لا تمت لأدبيات ونظريات التجارة بأي صلة أو رباط، حيث بات السؤال الأكثر استخداماً لدى بعض البائعين: أصلي أو تجاري؟ من جانبها تبذل المؤسسات المعنية جهوداً دؤوبة لا تقف عند محطة التوعية فحسب، بل تتعداها إلى دعم المواطن والمقيم في معالجة العيوب المصنعية للسلع التي أنفقوا الأموال لاقتنائها كالسيارات والأجهزة الإلكترونية ونحوها. ومن أبرز المبادرات برنامج سلامة المنتجات والذي تتضافر فيه طاقات وزارة التجارة وهيئة المواصفات بهدف رفع نسبة المنتجات المطابقة للمواصفات في المملكة إلى 80 % بحلول العام 2020م، والذي بلا ريب سيكون صمام أمان من تدفق السلع المعيبة عبر رفع جودة المنتجات وسلامتها. وقد استوقف فضولنا مؤخراً الإعلان الذي نشرته وزارة التجارة على حسابها في تويتر والمتمثل في ثلاثة منتجات "دب وسيارة وقدر ضغط الطهي"، حيث وضع الإعلان في تغريداته الأولى مفردات براقة وعبارات رنانة جاذبة لوصف جودة ومظهر تلك المنتجات الثلاثة. ثم تبعته النسخة الثانية من الإعلان والذي قامت فيه الوزارة بحذف بعض المفردات من ذلك النص لتكشف عن العيوب الجوهرية في تلك المنتجات. والمتأمل في هذا الإعلان سيتجلى لديه عمق معانيه، والذي يعكس واقع الأسواق التجارية، حيث يحرص المسوقون لبعض السلع على إبراز منتجاتهم بطريقة إبداعية على أنها الحلول الأمثل والأفضل لتلبية احتياجات البشر، وذلك تحت غطاء الجودة بشعار "خذ الأيزو واعمل اللي عايزو"، إلا أن تلك الاستراتيجيات تتوارى خلفها سلع تهدد السلامة العامة للأفراد والمنشآت وتتسبب في الحرائق والحوادث على الطرق والمصانع وغيرها. وقد أعلنت الوزارة التي تقوم بجهود مضنية عبر مركز استدعاء أن نسبة الاستجابة من المستهلكين لحملات استدعاء السلع المعيبة لا تتجاوز 20 % وهي نسبة تحتاج إلى وقفة. كما أن جندي الصف الأول لمحاربة البضائع والسلع الرديئة ومن يروج لها، وكذلك إنجاح الحملات الحكومية هو المستهلك بسلوكه وثقافة التعاملات التجارية الناضجة لديه. لذا ختاماً كان ردي لصاحب التوصيلة "يارجل.. مشي حالك، ولكن لا تفقد بأرخص السلع حياتك".