يعد مرض النقرس (Gout) من أشهر الأمراض الروماتيزمية الالتهابية التي تصيب بعض المفاصل نتيجة تراكم بلورات حمض اليوريك التي تنتج بتحلل مادة غذائية اسمها البيورين، مما يسبب ألما شديدا مع احمرار وتورم في المفاصل المصابة، وغالباً تختفي هذه الأعراض بشكلٍ طبيعي خلال 3-10 أيام، وعادة يكون في مفصل الإصبع الكبير للقدم، وقد يصيب الركبتين والمعصمين وأصابع اليدين والقدمين، وأيضاً قد يصيب المرفقين والكاحل وحول صيوان، ويصيب الذكور أكثر من الإناث ويكثر في الذكور بدءًا من مرحلة البلوغ إلى عمر الستين سنة، ويزيد في الإناث عند عمر أكبر من الخمسين إلى الثمانين أي بعد فترة انقطاع الطمث نظرًا لانخفاض هرمون الإستروجين الذي يكافح المرض. قد تحدث نوبات النقرس المؤلمة بشكل مفاجىء توقظ المصاب من النوم ويصعب عليه تحرك الإصبع المصاب ويشعر بحرارة في المفصل المصاب ولا يحتمل لمسه بأي شيء، وقد يلاحظ قشور واحمرار وحكة في مكان الإصابة. المبادرة لعلاج المرض أمر مهم لتجنب المضاعفات الأخرى وتقدم في حدة المرض مثل النقرس المتكرر والنقرس المتقدم وتكون حصوات الكلى. سبب المرض: السبب الرئيسي للنقرس غير معروف وله ارتباط وثيق بالجهاز المناعي والروماتيزم، ويحدث المرض بسبب تكون بلورات صغيرة في بعض المفاصل نتيجة تراكم حمض اليوريك الناتج من تحلل مركبات البيورين بسبب عدم قدرة الكلى على التخلص منه أو بسبب وجوده في أغذية معينة مع وجود عوامل مساعدة مثل بعض الأمراض كالسمنة وارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض أخرى سأذكرها لاحقاً. لماذا ذكرت أنه سببه الأساسي غير معروف؟ لأن مادة البيورين تتحلل إلى حمض اليوريك وتكون بلورات في بعض المفاصل وذلك ليس من كل الأغذية فهناك الأغذية مثل الخضروات فيها نسبة كبيرة من البيورين ومع هذا لم يثبت أنها تسبب النقرس، ولهذا أنصح مراجعي عيادتي المصابين بهذا المرض أن يسجلوا ملاحظاتهم على الأغذية التي تناولوها قبل حدوث حدة المرض لمعرفة الأغذية التي تهيجه وبناء عليه يتم تجنبها. من مسبباته الرئيسية أيضاً السمنة وارتفاع ضغط الدم والسكري والفشل الكلوي والصدفية وأمراض الأوعية الدموية، وقصور الغدة الدرقية وفقر الدم الانحلالي وبعض أنواع السرطانات والعلاج الكيماوي وتناول بعض الأدوية مثل بعض أدوية ضغط الدم (ثيازايد)، أو الإسبرين وأدوية تثبيط المناعة لمن عمل لهم عمليات جراحية وزراعة أعضاء، كل هذه قد ترفع من احتمالية الإصابة.. بالنسبة للأغذية لا يوجد أطعمة تسبب المرض ولكنها تزيد ارتفاع حمض اليوريك وهي الأغذية الغنية بمادة البيورين والذي يوضحها الجدول المرفق ومنها بعض الأسماك والمأكولات البحرية والمحاريات مثل السردين والتونة الرنجة والحدوق والربيان والأصداف البحرية والأحشاء الداخلية مثل القلب والطحال والكلى والمخ واللحوم الحمراء ولحوم الصيد كالغزلان والأرانب والحباري والدراج والحجل وبعض البقوليات وتناول المشروبات الكحولية والأغذية المخمرة، تناول كميات كبيرة من سكر الفركتوز الموجود في المشروبات الغازية وعصير الفواكه والعسل يزيد من تكون بلورات حمض اليوريك في المفاصل، كما أن تناول بعض الأدوية التي تزيد ارتفاع ذلك الحمض مثل مدرات البول، والأسبرين، والسيكلوسبورين. التعرض للرصاص من مسببات المرض ولهذا من يعيش في اماكن ملوثة بالرصاص مثل منتجات المصانع وعوادم السيارات يكون عرضة للمرض أكثر من غيره. للوراثة دور في نقل المرض من الوالدين للأبناء ولكنها لا تشكل نسبة عظمى، فتظل الأسباب التي ذكرت آنفاً هي الأسباب الرئيسية. التشخيص: لتشخيص المرض لابد من إجراء فحص سريري يتضمن تاريخ المريض وفحص الدم لمعرفة حمض اليوريك (Blood test). النسبة الطبيعية لحمض اليوريك في الدم هي (2.4 – 6 مللجرام/ ديسيليتر عند الرجال، و 3.4 – 7 ملليجرام / ديسيليتر عند النساء). عندما ترتفع النسبة الى 7 ملليجرام / ديسيليتر يبدأ تكون الحصوات في الكلى أوالببلورات في المفاصل (النقرس). أنصح المرضى بالتوجه لطبيب عام أو لمختص في أمراض الروماتيزم ويمكن المتابعة مع أخصائي تغذية علاجية لمتابعة التغذية المناسبة. العلاج: ارتفاع حمض اليوريك بسبب تراكم البيورين يسبب مرضين وليس مرضا واحداً، الأول تكون حصوات الكلى والثاني النقرس ولهذا نهتم كثيراً بمتابعة المرضى الذين يرتفع لديهم حمض اليوريك ونوصيهم بمتابعة العلاج الدواء والغذائي وتجنب مسببات تفاقم المرض بتجنب الأمراض المساعدة التي ذكرتها. لا يوجد علاج نهائي للمرض ولكن يمكن التحكم في مضاعفاته والتخفيف من حدة الألم بشكل سريع، والحد من مضاعفاته، لذا يجب على المريض الالتزام بتناول العلاج الذي يصفه الطبيب، وتجنب الأغذية والأدوية التي تثيره بالإضافة إلى أخذ قسط من الراحة، وعند صعوبة الوصول للطبيب يمكن استخدام بعض الوسائل التي تخفف من الألم مثل وضع ثلج على المفصل المصاب لتخفيف التورم. يهدف العلاج إلى التقليل من مستويات اليوريا في الدم إلى أقل من 0.36 مليمول/ لتر. من الأدوية التي تُوصف عادة لمرضى النقرس: مسكنات مضادة الالتهابات غير الاستيرويدية – مجموعة الكورتيكوستيرويد - الستيرويد سواء كانت على هيئة حبوب أو حقن. في الوقت الذي يجب اتباع إرشادات الطبيب ومختص التغذية العلاجية للتحكم في المرض ومنع مضاعفاته التي قد تصل إلى تسبيب الفشل الكلوي واعتلالات القلب ومضاعفاتها مثل ارتفاع ضغط الدم، وتكون بروزات تكلسية تحت الجلد وفي بعض الحالات قد تصل إلى حالات متقدمة مثل الوفاة بسبب الأمراض المصاحبة. من أهم وسائل الوقاية من المرض وتخفيف حدة اتباع بعض الوسائل وتجنب بعض الأمراض التي يمكن أن يكون لها سبب مباشر أو غير مباشر مثل تخفيف الوزن للأشخاص الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن حيث أن الضغط الزائد على المفاصل يرهقها كثيراً، ويزيد من فرصة الالتهابات وتكون بلورات حمض اليوريك، كما أننا ننصح بقوة بتجنب تناول الأغذية الغنية بمادة البيورين بشكل نهائي وحاسم وهذه المادة موجودة في السردين والكبد والمخ والكلاوي والطحال والمخ والبنكرياس والفطر (عيش الغراب)، وتقليل الأغذية الغنية بالبيورين مثل اللحوم الحمراء بالذات لحم العجل ولحوم حيوانات وطيور الصيد مثل الدراج والحباري والحجل والأرانب والغزلان وبعض الأسماك والمأكولات البحرية مثل (السردين والرنجة والتونة والحدوق والربيان) والأرانب والدواجن والبقوليات المجففة مثل الفول والفاصوليا، وتقليل المشروبات التي تزيد من تكون بلورات حمض اليوريك مثل العصائر والمشروبات الغازية والسكرية الغنية بالفركتوز، وشراب الذرة والعسل، والمربيات بكل أنواعها، والسكر، كما أنصح بتجنب الأغذية المصنعة والمعلبة. تقليل الدهون المشبعة مفيد لتخفيف آثار المرض، ولهذا يجب تجنب تناول مصادرها مثل الشحوم الحيوانية والدهون الموجودة في منتجات الحليب. تناول الأغذية الغنية بالألياف مفيدة جدًا وهي المتوفرة في بعض الخضرروات والفواكه، ومن الفواكه الفواكه المفيدة جداً في تقليل ترسيب حمض اليوريك في المفاصل الكرز والفواكه الحمضية والتوت البري والأناناس والخضراوات الطازجة بالذات الخضراوات الورقية مثل الملفوف والخس والجرجير والبقدونس والكزبرة والكراث، وأيضاً الجزر والفجل والطماطم والخيار والبطيخ. بعض أغذية تحتوي على بيورين ولكن لم يثبت بالدليل القاطع أنها تزيد النقرس مثل (الهليون، والمشروم، والزهرة والسبانخ) ولهذا ننصح المريض بمراقبة تلك الأغذية إن كانت تزيد المشكلة فعليه أن يتجنبها وإلا فلا داعي لتجنبها بلا دليل قاطع. تناول كمية بسيطة من المكسرات مفيد جداً وتعويض النقص في البروتين بتناول البيض بدون صفار ومنتجات الألبان (منزوعة الدهون) مثل الأجبان والزبادي والحليب والألبان وزبدة الفستق والحبوب الكاملة (البر) مثل القمح والشوفان. ممارسة اللياقة البدنية المناسبة والمنتظمة في غاية الأهمية بحيث لا تكون مرهقة للأقدام مع ضرورة لبس الأحذية المناسبة إذا كانت الإصابة في أصابع القدم. شرب كمية كبيرة من الماء بحيث يكون مجموع مايتناوله الشخص من السوائل بما فيه الماء الذي يجب أن يشكل النسبة العظمى من السوائل 8-16 كوبا (حوالي 2-4 لترات). أنصح بإضافة زيت الزيتون وزيت الكانولا والكتان للسلطات وأيضاً تناول مغلي البقدونس واليانسون والقرفة والنعناع والكمون والقهوة والشاي الأخضر، كما خل التفاح يفيد في تخفيف حدة المرض والتخلص من بلورات اليوريا ومركبات البيورين ويتم بإضافة ملعقتين كبيرتين من الخل الطبيعي للتر من الماء ويشرب منه وقت ارتفاع حدة المرض.