اختار الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذكرى التاسعة والثلاثين لاقتحام السفارة الأميركية العام 1979 في طهران عقب قيام الثورة الإسلامية، وذلك في إشارة رمزية لموقفه الحازم في التعامل مع إيران، حيث ارتفعت أصوات المحتفلين في طهران بالحدث الذي حسم التحول في العلاقة بين البلدين نحو الأسوأ بعد أشهر قليلة على خلع الثورة الإيرانية لشاه إيران السابق محمد رضا بهلوي، وكان الصراع في زمن احتلال السفارة يحمل عنواناً وجودياً بالنسبة للإيرانيين واحتوائياً لأميركا؛ إذ كانت الجمهورية الإسلامية الفتية تبحث عن مكان لها تحت الشمس، بينما تتحاشى مصيراً مشابهاً لذاك الذي انتهى إليه رئيس الوزراء الإيراني المخلوع محمد مصدق في صيف العام 1953 عندما أطيح في انقلاب في أعقاب أزمة تأميم النفط التي امتدت منذ العام 1951 وحتى تاريخ الانقلاب، ورغم أن العقوبات كانت بريطانية في ذلك الوقت إلاّ أنها أدت إلى نوع من الضغط الشعبي وحالة تململ في صفوف التجار. تأتي العقوبات تنفيذاً لقرار الرئيس ترمب في شهر مايو/ أيار الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وهو القرار الذي أدى لانقسام واضح بينه وبين الدول الأوروبية الموقعة عليه، وحسب ما قال وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو: "هي أقوى عقوبات تفرض على إيران"، إن ما يرمي باتجاهه الرئيس ترمب في مبدأ إعادة فرض العقوبات ومحاولة "تصفير" مبيعات النفط الإيرانية، وبالتالي ضغط الاقتصاد والتسبب بالمزيد من الأزمات المالية ورفع منسوب البطالة، وذلك لصناعة حالة ضغط داخلية على الإدارة الإيرانية، وبدل "تغيير السلوك" الذي تتحدث عنه الإدارة الأميركية يمكن بذلك "تغيير النظام" وبالتالي ضرب عصفورين بحجر واحد. تشمل العقوبات الأميركية مختلف القطاعات الاقتصادية والمالية والصناعية وعلى رأسها قطاع النفط الذي يعتبر مصدر الدخل الأساسي للعملات الصعبة التي تحتاجها إيران وهي: مشتريات الحكومة الإيرانية من النقد الأميركي "الدولار"، تجارة إيران في الذهب والمعادن الثمينة الأخرى، معادن الغرافيت والألمنيوم والحديد والفحم، فضلاً عن برامج كمبيوتر تستخدم في الصناعة، التحويلات المالية بالريال الإيراني، نشاطات تتعلق بأي إجراءات مالية لجمع تمويلات تتعلق بالدين السيادي الإيراني، قطاع السيارات في إيران، مشغلو الموانئ الإيرانية والطاقة وقطاعات النقل البحري وبناء السفن، التحويلات المالية المتعلقة بالنفط الإيراني، التحويلات والتعاملات المالية لمؤسسات أجنبية مع البنك المركزي الإيراني. يقول ترمب: "نحض الدول أن تقلل أو تنهي استيرادها للنفط الإيراني، لعل النظام الإيراني يغير من سلوكه الخطير والمثير لعدم الاستقرار ويعاود الاندماج بالاقتصاد العالمي"، وأضاف: "العقوبات على إيران هي الأشد على الإطلاق، لن يكونوا بخير، يمكنني أن أخبركم بذلك".