إن ثقافة التكريم والتقدير التي تُمارسها الأمم والشعوب المتحضرة تجاه رموزها وشخصياتها الوطنية التي ساهمت في تطور وازدهار بلدانها، تُعدّ لمسة ملهمة ولفتة حانية، بل هي رسالة وفاء وعرفان لكل الأجيال، لاسيما الشابة التي ستتعلم درساً مهماً لن تنساه، وهو أن "العطاء" الذي يُقدمه الرواد الأوائل لهذا الوطن العظيم، ستُقابله دائماً لمسة "وفاء" من قادة هذا الوطن. من مجرد فكرة لمعت في ذهن سامر حماد، المبتعث السعودي لنيل درجة الدكتوراه في أميركا، إلى تظاهرة رياضية ملهمة تُقام كل عام في المنطقة الشرقية. فقد ذُهل حينما شاهد حفلاً كبيراً على هامش كأس العالم لكرة القدم في أميركا في العام 1994، وقد دُعي له باعتباره سفيراً لكرة القدم في بلاده السعودية، وقد كان حفلاً خاصاً بتكريم أساطير كرة القدم في كل العالم، حيث شاهد التكريم العظيم لبيليه وماردونا وكرويف وباكنباور وغيرهم، فقرر مباشرة أن يُنشئ جائزة سعودية لتكريم رواد الرياضة السعودية. تلك هي قصة "جائزة عطاء ووفاء الوطنية" التي صمم المتخصص في مجال هندسة المياه والمحاضر بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن والمدير السابق للجامعة المفتوحة بالمنطقة الشرقية الدكتور سامر حماد، أن يُنفذها في وطنه السعودية. مر عقد ونصف على ذلك الحدث الجميل، ولم يتحقق إلا قبل عامين فقط، حيث تجسّد الحلم واقعاً، وأقيمت النسخة الأولى لهذه الجائزة الوطنية الفريدة، حيث كُرم جيل الستينات الذي أسس أغلب الألعاب والرياضات السعودية، ثم كُرم في العام الماضي جيل السبعينات الذي ثبّت قواعد الرياضة السعودية، وجاء الدور هذا العام على جيل الثمانينات الذي يُعد الجيل الذهبي للرياضة السعودية والذي حقق إنجازاتنا الرياضية الأولى. جائزة عطاء ووفاء، تحوّلت إلى كرنفال وطني كبير، يُقام في شرق الوطن، ولكن صداه يُغطي كل الوطن. ولعلّ أجمل ما في هذه التظاهرة الرياضية التي كثّفت الضوء والاهتمام على هذه الأيقونات السعودية الملهمة التي طالها النسيان والإهمال، هو الاهتمام الكبير بهذه الجائزة من قبل الإنسان الملهم، صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف أمير المنطقة الشرقية، وهو الخبير بالمجال الرياضي الذي يعرفه جيداً، إذ سبق له أن عمل نائباً للرئيس العام لرعاية الشباب في حقبة الثمانينات، وقد ظهر ذلك جلياً في اهتمامه بأدق التفاصيل لهذا الحدث الرياضي السنوي. إن جيل الرواد من كل المجالات والقطاعات، هم بناة الوطن وصنّاع تنميته، وقد تحملوا الكثير من المعاناة والتحديات، وقدموا الكثير من التضحيات والإسهامات، وآن لأسمائهم وإنجازاتهم أن تسكن صفحات المجد وسجلات الخلود، وآن لكل الأجيال الجديدة أن تعرف رموزها ومبدعيها. ما أجمل العطاء الذي يسطره أبناء وبنات هذا الوطن بمختلف الأجيال والمجالات، ولكن الأجمل هو الوفاء الذي يحمله قادة هذا الوطن. Your browser does not support the video tag.