السعودية ليست دولة طارئة، وليست إحدى جمهوريات الموز، بل هي دولة محورية، لها وزنها السياسي وثقلها العالمي، وأخذت على عاتقها حماية القضايا العربية، ومواجهة المشروعات التوسعية في المنطقة. في ظل الحملة المسيسة والممنهجة ضد المملكة، خرج بيان واضح وقاطع، ردت به الرياض على كل الأصوات الشاذة. البيان كتب بعناية وبلغة مباشرة وصريحة وحازمة، وتضمن عدة رسائل سياسية، وله دلالات فضلا عن مغزى التوقيت. هناك بروباغندا تصب في خانة الضغوط والابتزاز، تزامنت مع تقاطع مصالح لأطراف وجماعات ودول في المنطقة باستهداف المملكة. المتابع يلمس أن هناك إصرارا مدروسا لتشويه صورة المملكة وابتزازها وإضعافها وإشغالها بقضايا هامشية أو اختلاق أزمات. السعودية ليست دولة طارئة، وليست إحدى جمهوريات الموز، بل هي دولة محورية، لها وزنها السياسي وثقلها العالمي، وأخذت على عاتقها حماية القضايا العربية، ومواجهة المشروعات التوسعية في المنطقة. لديها مخزون من الأدوات والإمكانات ونفوذ ومصالح كبيرة في كثير من الدول إن أرادت الرد. بعد مواجهة المشروع الإيراني وتحجيمه في لبنان والعراق واليمن، وكشف أفعال نظام الحمدين، وإحباط طموحات المشروع الإخواني، لم نستغرب بطبيعة الحال حجم الاستهداف الإعلامي الرخيص، والخطاب المعادي ضد المملكة. تزامنت تلك الهجمات مع أدوار وحضور للدبلوماسية السعودية، والهدف - كما هو واضح - هو إشغال الداخل وإضعاف الدور السعودي. حملات متوالية وبألوان طيف واحدة على بلادنا في الإعلام التقليدي والإلكتروني، وممول من أطراف وجهات معروفة، سواء كانت دولا أو حركات مؤدلجة؛ لتشويه مكانة المملكة، ومحاولة تقويض المشروع الإصلاحي والتنموي، ولم يتوقفوا عند هذا الحد، بل نبشوا قضايا، وطرحوا غيرها، واستكتبوا أقلاما رخيصة ممن لهم مواقف تجاه السعودية؛ لقدرتهم على التحليل والربط والتبرير، وتوظيف كل ذلك في سبيل إقناع المتلقي بمقولاتهم مهما خالفت الحقائق. عرف عنهم مقتهم وحقدهم لوجود دور سعودي فاعل، بدليل مساهمتهم في صب مزيد من الزيت على النار، كتضخيم الخلافات السياسية مع دول عظمى، والزعم بقرب انهيار العلاقة. ليس سرا في أن هذه حملات تضليل ومسيسة، مصيرها الفشل بلا أدنى شك؛ لأن المتاجرة بأحداث واستغلالها وإقحامها في خلافات سياسية، واختلاق القصص، ونسج الفبركات أمر مرفوض، وأسلوب رخيص وعقيم. ما يفعلونه بحق يعكس حالة من الإفلاس السياسي؛ كونها محاولات يائسة للتأثير في استقرار المملكة، ومع ذلك لن تخضع المملكة للابتزاز، وهي التي تنطلق من عمق عربي وإسلامي وثقل دولي، فضلا عن وقوف الشعب السعودي مع قيادته سدا منيعا ضد الحملات الرخيصة، وأمام كل هذا الحراك المسموم، والعبث الإعلامي الذي يستهدف بلادنا. القاسم المشترك ما بين طروحاتهم هو ليس انتقادا موضوعيا، بل انحدر لمستوى وضيع من الشخصنة والشتم والتهكم والتعميم والاتهامات الخطيرة، كما حدث مع قضية اختفاء خاشجقي في تركيا. يتمسكون بأي قصة ويضخمونها؛ لأنهم لا يرغبون أو ربما لم يستوعبوا حقيقة ما يجري، وأن هناك إرادة لنفض الغبار ومعانقة المستقبل عبر ثورة فكرية واجتماعية واقتصادية، تنقل بلادنا إلى مرحلة جديدة. لا يعجب الممانعون وبعض العرب وغير العرب في أن تتقدم المملكة إلى الأمام، وأن تعيش بلادي ورشة عمل وحراك فاعل، رغم حدوث كل هذه التحولات بهدوء وانسجام وقبول شعبي غير مسبوق. المعارك التي نخوضها من تحديات داخلية ومخاطر خارجية بحاجة إلى خطاب إعلامي قادر على إقناع المتلقي. ليس واضحا أنه توجد لدينا استراتيجية إعلامية تتعاطى مع الأحداث والأزمات. مع الأسف، إعلامنا ينقصه كثير، وخطابنا تقليدي رتيب، تجده مباشرا، فلا يلقى رواجا في الغرب، ولا يرتقي للتحديات، وغير قادر على مواجهة الماكينة الإعلامية المضادة. نحن لا نملك استراتيجية واضحة إن أردنا الحقيقة، وإنما اجتهادات ليست بالضرورة ناجعة، رغم أن لدينا المقومات والأدوات إلا أننا نفتقد توظيفها بفاعلية. ورغم تعدد المؤسسات الإعلامية داخليا أو حتى الممولة سعوديا خارجيا، إلا أنها لم تقم بدورها في الأزمة الراهنة، فضلا عن عملها وفق أسلوب الجزر المنفصلة. مواجهة تلك الحملات تتطلب تعاطيا مختلفا وبأدوات فاعلة وأساليب جديدة تفند طروحاتها موضوعيا لتقنع المتلقي الواعي. بلدنا دولة مستقلة لها سيادة ولها خياراتها، وسترد بقوة إذ مُسَّ أمنها وسيادتها، والإرادتان السياسية والشعبية ستقفان أمام كل الدسائس، بل وفضحها للعالم؛ ليرى أساليب الاستغلال والأجندة الخفية لتلك الدول والأطراف والجهات المأزومة والمغالية في الانتهازية والنفعية وبيع الضمير. Your browser does not support the video tag.