ليس جديدا ان تكون المملكة مستهدفة ولكن المثير في تقاطع المصالح ما بين أطراف وجهات لها مخططات ممنهجة ما يدعونا لمواجهتها من خلال رؤية سياسية شاملة تستبق الاحداث منذ أشهر والسعودية تتعرض لحملات شرسة (وقانون جاستا لن يكون آخرها) وليس مهماً ان نعرف من يقف وراءها او من يدعمها ولم تعد المسالة في كوننا مستهدفين وليست هذه المشكلة بقدر ما ان التساؤل المهم: هل نحن قادرون على المواجهة وهل اعددنا العدة للقيام بذلك؟ سؤال جوهري لا املك اجابته ولكنه قابل للنقاش والتمحيص. على ان المعطيات والمؤشرات تدفعنا لقراءة شفافة إزاء ما يحدث فما نطرحه هو قراءة ضمن قراءات تستحق التأمل. تبين بما لا يدع مجالا للشك ان هناك بروباغندا تصب في خانة الضغوط والابتزاز تزامنت مع تقاطع مصالح لأطراف وجماعات ودول باستهداف المملكة. المتابع يلمس ان هناك إصرارا مدروسا لتشويه صورة المملكة وابتزازها وإضعافها واشغالها بقضايا هامشية او اختلاق أزمات واللعب على وتر ثوابت الدولة وشرعيتها مستغلين مناخ الشائعات والفبركات وما تمور به المنطقة من احداث واضطرابات. أضف الى ذلك ان هناك من يحاول تقويض هذا الكيان بطرق مختلفة، وبالتالي بات ترابنا الوطني مهددا من عدة جهات عبر اختراق تركيبته المجتمعية وإثارة الفتنة فيه، بدليل ما نتابعه من تكريس لمفردات الطائفية والعنصرية والتصنيف والتعصب والإقصاء، ما يستدعي ضرورة مواجهة هذه التهديدات بتعميق مبدأ المواطنة. السعودية ليست دولة طارئة وليست احدى جمهوريات الموز بل هي دولة محورية لها وزنها السياسي وثقلها العالمي واخذت على عاتقها حماية القضايا العربية ومواجهة المشروعات التوسعية في المنطقة. كما ان لديها مخزونا من الأدوات والإمكانات ولها نفوذ ومصالح كبيرة في كثير من الدول ولعل أولها الولاياتالمتحدة. ولكن لماذا لم نستفد من ذلك كله ويا تُرى ما الخلل؟ هل نحن معزولون عن العالم؟ هل نعاني من ضعف في التواصل الانساني وتوضيح مواقفنا للآخر؟ هل نعيش في ابراج عاجية تجعلنا نرفض اي انتقاد وننظر بدونية الى الصوت الاخر؟ قد يكون في هذا الكثير من الصحة ولكننا بالمقابل نحن لا ندعي باننا مجتمع ملائكي وامامنا شوط طويل وملفات عدة بحاجة لمعالجات جذرية، كما ان هناك أخطاء لا ننكرها ولكنها ليست بالصورة الدراماتيكية التي يحاول تصويرها الاعلام الغربي او حتى الايراني، فضلا عن عزم القيادة السعودية التي آلت على نفسها ضرورة بناء دولة عصرية من خلال المضي في مشروعي الاصلاح والتنمية. غير اننا امام هجمة مسيسة من قبل عدة جهات تقاطعت ما بينها المصلحة والقلق والجشع فماذا فعلنا لمواجهة هذه الهجمة او تلك؟ ليس سرا انه لا توجد لدينا استراتيجية اعلامية تتعاطى مع الاحداث والازمات التي تتعرض لها بلادنا، وثمة قصور في التنسيق ما بين الاجهزة الحكومية المعنية وقد لمسنا انعكاس ذلك في التعاطي الاعلامي مع الملف اليمني بدليل ما يُطرح في وسائل الاعلام الغربية او حتى في مواجهة صدور قرارات حقوقية تجاه المملكة سواء في الاممالمتحدة او مجلس حقوق الانسان او برلمان الاتحاد الاوروبي. ذكرت من قبل ان تلك المعارك التي نخوضها من تحديات داخلية ومخاطر خارجية بحاجة الى خطاب اعلامي قادر على اقناع المتلقي. للأسف اعلامنا ينقصه الكثير وخطابنا تقليدي تجده مباشرا فلا يلقى رواجا في الغرب ولا يرتقي للتحديات ولا هو بقادر على مواجهة الماكينة الاعلامية المضادة. نحن لا نملك استراتيجية واضحة ان أردنا الحقيقة وانما اجتهادات ليست بالضرورة ناجعة بالرغم من ان لدينا المقومات والادوات الا اننا نفتقد توظيفها بفاعلية ولا نُحسن ادارتها. ورغم تعدد المؤسسات الاعلامية داخليا او حتى الممولة سعوديا خارجيا الا أنك تلحظ انها تعمل وفق اسلوب الجزر المنفصلة اي لا توجد علاقة تربطها ببعضها البعض مع انه يُفترض في وقت الازمات والحروب انها تعمل ضمن منظومة واحدة. اما الجبهة الداخلية فلا يمكن تقويتها الا بخطاب يعزز كينونة الوطن ويكرس الوحدة الوطنية ويواجه الخطابات المعادية بتعريتها وفضحها. وحين التعاطي مع الشأن الخارجي فانه يستوجب منا اولاً ان نتخلص من أسلوب ردة الفعل سالكين النهج العقلاني محاولين ان نكون مبادرين وبالتالي علينا ان نفهم قواعد اللعبة وننخرط فيها. هذا يعني بوضوح الحضور السياسي عن طريق تفعيل الدبلوماسية الشعبية او البرلمانية ومؤسسات المجتمع المدني وإيجاد مركز بحثية على مستوى عال تتنبأ بما هو قادم وتقدم المشورة وتساهم في ترشيد القرار السياسي وخلق لوبيات في الدول والمواقع المؤثرة وتعيين كفاءات بشرية قادرة على التفاعل والإنتاجية وإنشاء غرفة عمليات من الوزارات المهمة كالخارجية والداخلية والاستخبارات والاعلام تنسق فيما بينها فترصد ما يجري وتوفر المعلومة الدقيقة وتقدم مرئياتها لصاحب القرار. صفوة القول: ليس جديدا ان تكون المملكة مستهدفة ولكن المثير في تقاطع المصالح ما بين أطراف وجهات لها مخططات ممنهجة ما يدعونا لمواجهتها من خلال رؤية سياسية شاملة تستبق الاحداث وتحبط المخططات بأدوات وأساليب جديدة وهي مهمة غير يسيرة ولكنها ليست مستحيلة. [email protected]