المملكة ليست دولة طارئة وليست إحدى جمهوريات الموز مع بالغ التقدير لها، بل هي دولة محورية لها وزنها السياسي وثقلها العالمي، وأخذت على عاتقها حماية القضايا العربية ومواجهة المشروعات التوسعية في المنطقة.. هناك بروباغندا تصب في خانة الضغوط والابتزاز تزامنت مع تقاطع مصالح لأطراف وجماعات ودول في المنطقة باستهداف المملكة. المتابع يلمس أن هناك إصراراً مدروساً لتشويه صورة المملكة وابتزازها وإضعافها وإشغالها بقضايا هامشية أو اختلاق أزمات واللعب على وتر تسييس المقدسات مثلاً مستغلين مناخ الشائعات والفبركات وما تمور به المنطقة من أحداث واضطرابات. أضف إلى ذلك أن هناك من يحاول تقويض هذا الكيان بطرق مختلفة، وبالتالي بات ترابنا الوطني مهدداً من عدة جهات عبر اختراق تركيبته المجتمعية وإثارة الفتنة فيه، بدليل ما نتابعه من تكريس لمفردات الطائفية والعنصرية والتصنيف والتعصب والإقصاء، ما يستدعي ضرورة مواجهة هذه التهديدات بتعميق مبدأ المواطنة. المملكة ليست دولة طارئة وليست إحدى جمهوريات الموز مع بالغ التقدير لها، بل هي دولة محورية لها وزنها السياسي وثقلها العالمي، وأخذت على عاتقها حماية القضايا العربية ومواجهة المشروعات التوسعية في المنطقة. لديها مخزون من الأدوات والإمكانات ولها نفوذ ومصالح كبيرة في كثير من الدول، ولعل أولها الولاياتالمتحدة. ولكن للأسف لم نستفد من ذلك كله فما الخلل؟ هل نحن معزولون عن العالم؟ هل نعاني من ضعف في التواصل الإنساني وتوضيح مواقفنا للآخر؟ هل نعيش في أبراج عاجية تجعلنا نرفض أي انتقاد وننظر بدونية إلى الصوت الآخر؟ قد يكون في هذا الكثير من الصحة، ولكننا بالمقابل نحن لا ندعي أننا مجتمع ملائكي، وأمامنا شوط طويل وملفات عدة بحاجة لمعالجات جذرية، كما أن هناك أخطاء لا ننكرها، ولكنها ليست بالصورة الدراماتيكية التي يحاول تصويرها الإعلام الغربي أو حتى الإيراني، فضلاً عن عزم القيادة السعودية التي آلت على نفسها ضرورة بناء دولة عصرية من خلال المضي في مشروعي الإصلاح والتنمية. ماذا فعلنا لمواجهة هذه الهجمات الممنهجة المسيسة من قبل عدة جهات التي تقاطعت ما بينها المصالح؟ ليس واضحاً أنه توجد لدينا استراتيجية إعلامية تتعاطى مع الأحداث والأزمات التي تتعرض لها بلادنا، ويبدو أن ثمة قصوراً في التنسيق ما بين الأجهزة الحكومية المعنية، وقد لمسنا انعكاس ذلك الإخفاق في التعاطي الإعلامي مع ملفات عدة راهنة، بدليل ما يُطرح في وسائل الإعلام الغربية أو حتى في مواجهة صدور قرارات حقوقية تجاه المملكة سواء في الأممالمتحدة أو مجلس حقوق الإنسان أو برلمان الاتحاد الأوروبي. ذكرت من قبل أن تلك المعارك التي نخوضها من تحديات داخلية ومخاطر خارجية بحاجة إلى خطاب إعلامي قادر على إقناع المتلقي. للأسف إعلامنا ينقصه الكثير وخطابنا تقليدي رتيب تجده مباشراً فلا يلقى رواجاً في الغرب ولا يرتقي للتحديات، ولا هو بقادر على مواجهة الماكينة الإعلامية المضادة. نحن لا نملك استراتيجية واضحة إن أردنا الحقيقة، وإنما اجتهادات ليست بالضرورة ناجعة بالرغم من أن لدينا المقومات والأدوات إلا أننا نفتقد توظيفها بفاعلية ولا نُحسن إدارتها. ورغم تعدد المؤسسات الإعلامية داخلياً أو حتى الممولة سعودياً خارجياً إلا أنك تلحظ أنها تعمل وفق أسلوب الجزر المنفصلة؛ أي لا توجد علاقة تربطها ببعضها البعض، مع أنه يُفترض في وقت الأزمات والحروب أنها تعمل ضمن منظومة واحدة. أما الجبهة الداخلية فلا يمكن تقويتها إلا بخطاب يعزز كينونة الوطن ويكرس الوحدة الوطنية ويواجه الخطابات المعادية بتعريتها وفضحها. وحين التعاطي مع الشأن الخارجي فإنه يستوجب منا أولاً أن نتخلص من أسلوب ردة الفعل سالكين النهج العقلاني محاولين أن نكون مبادرين، وبالتالي علينا أن نفهم قواعد اللعبة وننخرط فيها. هذا يعني تفعيل الدبلوماسية الشعبية أو البرلمانية ومؤسسات المجتمع المدني وإيجاد مراكز بحثية على مستوى عال تساهم في ترشيد القرار السياسي، وخلق لوبيات في الدول والمواقع المؤثرة، وتعيين كفاءات بشرية قادرة على التفاعل والإنتاجية وإنشاء غرفة عمليات من الوزارات والقطاعات المهمة تنسق فيما بينها، فترصد ما يجري وتوفر المعلومة الدقيقة وتقدم مرئياتها لصاحب القرار. طبيعي أن تكون المملكة مستهدفة ما يستوجب مواجهة تلك الحملات من خلال تعاطٍ مختلف وبأدوات فاعلة وأساليب جديدة تفند طروحاتها بشكل موضوعي لتقنع المتلقي الواعي. Your browser does not support the video tag.