في العام 2008 وللمرة الأولى في التاريخ تغلبت مبيعات الكتب الإلكترونية في أمازون على الكتب الورقية.. واليوم (في عام 2018) أصبحت الكتب الإلكترونية المسروقة أو الموجودة مجاناً على الإنترنت بصيغة PDF تفوق الكتب الورقية بنسبة 1200 % في أميركا (ولك أن تتخيل في المقابل ضخامة النسبة في السعودية حيث حقوق الطبع الملكية الفكرية أقل تشدداً بكثير).. والحقيقة أنه حتى نهاية القرن العشرين لم يظهر أي منافس للكتاب منذ اخترع جوتنبرغ الألماني الطباعة العام 1450.. كانت مطبعته الآلية بداية عصر جديد جعلت من الكتاب حقاً مشاعاً وملكاً ميسوراً بعد أن كان نادراً ومحصوراً على الأثرياء والحكماء. غير أن الأمور بدأت تتغير منذ ظهور الإنترنت (التي غيرت كل شيء في حياتنا) فأصبح هناك ما يعرف باسم الكتاب الإلكتروني التي يمكن شراؤها وتحميلها دون عناء كبير.. بدأ الجميع يشعر بالقلق من زوال الكتاب الورقي ولكنه ظل متماسكاً (على الأقل حتى كتابة هذا المقال) بفضل بساطته وسهولة حمله ووجوده - حتى مقارنة بأجهزة الآيباد. حين سألت نفسي عن أسباب بقاء الكتاب الورقي على قيد الحياة (حتى الآن) وجدت مايلي: أولاً: بسبب بساطته المتناهية التي لم تفلح أي تكنولوجيا في منافستها.. إذ يمكنك مثلاً حمل الكتاب في جيبك أو أخذه إلى سريرك أو حتى قراءته في رأس الجبل أو أعماق الصحراء.. وفي المقابل لا تستطيع فعل ذلك مع الإنترنت أو الكمبيوتر أو التلفاز! وثانياً: أن الكتاب زهيد الثمن بحيث يستطيع الجميع اقتناءه -مقارنة بأي جهاز إلكتروني- ومهما غلا يبقى رخيصاً مقارنة بما يحتويه من معلومات! وثالثاً: أن الكتاب أداة غير معقدة ولا تحتاج لمهارة خاصة (كبرامج الحاسب) ولا يتطلب أي نوع من الصيانة كالكمبيوتر.. ورابعاً: إنه أطول عمراً (لدرجة يمكن أن يبقى قروناً بعد وفاتك) وسهل الفهرسة بحيث تذهب للمعلومة مباشرة. كما يتميز -خامساً- بخصوصية عاطفية وعلاقة حميمية لا نشعر بها مع التقنيات الحديثة ناهيك عن أن محدودية الصور فيه تتيح للدماغ البشري حرية التخيل وأقلمة الموضوع بالطريقة التي يراها.. ولكن رغم كل هذه المميزات لا أستبعد هزيمة الكتاب الورقي خلال سبع سنوات من الآن (وتحديداً في العام 2025). فالتطورات المتلاحقة لتكنولوجيا المعلومات اقتربت كثيراً من مزايا الكتاب الورقي (أعلاه) وبدأت تظهر بالتدريج ضمن تقنية المعلومات الحالية.. أصبح بقاء الكتاب الورقي غامضاً ومحيراً تماماً مثل الصحف الورقية.. لن يندثر تماماً ولكنه سيظل نادراً وعزيزاً مثل الخيول الأصيلة التي لم يقتلها اختراع السيارات الحديثة. ربما لا يستطيع أحد الجزم بمستقبل الكتاب الورقي -أمام التطور السريع لتقنية المعلومات- ولكن المؤكّد بالنسبة لي أن البقاء سيكون للمحتوى الجيد سواء تم نشره بطريقة إلكترونية أو نشره بطريقة ورقية.. Your browser does not support the video tag.