إن الذي خاض تجارب الحياة وتعرّض لآلامها ومصاعبها وقاوم كثيراً وكثيراً متاعبها بإيمان وصبر وقوة. أفضل بكثير من الذي لازال يعيش هامشه. فلا يعرف طعم السعادة الحقيقية من لم يتذوق معنى الحرمان، ولا يعرف الإنسانية الصادقة من لم تذرف عيناه دموع الحزن.. والذي لا يضحك في لحظة من اللحظات تلك الضحكة الصافية المسافرة من الأعماق بلا حدود. بالتأكيد لم يسبق وتعرّض لمواقف مؤلمة طعنته في الصميم كالذي كان في مركب ما.. في بحر عميق.. وفجأة سقط بين تلك الأمواج العالية.. إنه امتحان صعبُ وعسير. فإما أن يقاوم الأمواج ليعرف معنى النجاة والحياة أو يستسلم لها ليغرق فيموت.. لكنه لابد أن يحاول ويحاول ليصل بَر الأمان والنجاة فيحظى بتصفيق ممن يقفون على الشاطئ لا يعرفون إلاً الانتظار وإلا الشفقة عليه.. إن من يقف على الشاطئ ينظر بشفقة فلا زال لا يعرف عن البحر وأهواله وأمواجه شيئاً سوى أنه ماء أزرق اللون.. يبغض الارتياح والسعادة. لم يجّرب بعد أن يصارع أمواج البحر ويتذوق ملوحته؛ وإنني أرى من كاد أن يغرق ونجا من الغرق هو أفضل بكثير من الذي قال وسيقول لن أنزل البحر لأنني أخشى الموت.. إنه لازال يخشى أن يبتعد عن الشاطئ ومخاطره ويجرب الخوض في تلك المياه الضحلة القريبة.. إنه يصد الوقوف.. ولا يتقدم خائفاً من أن تبتلعه الأمواج وتجره جرّا اندافاعياً قوياً.. فالأمواج في الحقيقية لا تبتلع إلاً من يخشاها ولم يتعلم كيف يقاومها بشجاعة. Your browser does not support the video tag.