مهنة التعليم تحتاج لخلق نفوس تحب المهنة أولاً ثم الآخرين وتعمل لأجل المتلقي وتكرّس كل ما في جعبتها لخدمة الأجيال. إن هذه أهم نزعة يجب أن تغرس في شخصية كل معلّم ومعلّمة وانتزاعها بداية السقوط نحو الدرك الأسفل للهاوية، نعم قد تنجح في عالم التنظير وتحقق أرقامًا يقف لها الجميع احترامًا لدلالة وجود عمل أوصل لهذه الأرقام، ولكنها أرقام لاتمس أي شيء في واقع الميدان، لأنها لم تزرع قِيم الإيثار وحب الآخر الذي يكمن في شخص المعلم والطالب التي هي بنية وأساس عملية التعليم، إنك حفزت المعلم تحفيز مهني أكثر من كونه معنوي، والتعليم ليس كسواه مهنة لا تعرف إلا لغة الأرقام والشهادات والأوسمة ومعايير قياس إنتاجية المعلم تختلف عن غيره من المهن، هي مهنة من أهم ركائزها ألا ينقطع حبل المودة والرغبة وكل معاني البذل في نفس المعلم التي هي وسيلة نقل المعارف والعلوم وتفجير الطاقات، المسؤول الذي يقيس كل شيء بلغة الأرقام ويتعامل مع التعليم بأدوات التعامل مع غيره من المهن ستجد لغته وأساليبه فجّة ومفتقدة لكل عناصر الشعور والقيمة النفسية. كم من معلم غزير المعارف، ضعيف الأداء، لا لسوء شخصيته ولكن لعدم شعوره بالانتماء، إنه في عداد لغة الأرقام والشهادات سبق أقرانه، بل إنه حاز على كل الإشادات لعظيم معرفته وانضباطه، ولكنه يفتقد أهم صفة وهي صفة الحماسة والعطاء في أروقة ودور التعليم، ما هكذا تور الإبل ولا هكذا يتم إنعاش قلب جسد التعليم المهترئ، الشعور والرغبة في العطاء مع عدم إهمال جانب التنمية المهنية هما وسيلتا النهوض بالتعليم وتحقيق القفزات المنشودة في عالمه، لذلك فالعناية بالشأن الشعوري والحسي كما تهتم جليًا بكل لغات الأرقام التي أظهرت عملًا ضخمًا في صفحات المنجزات بالأرقام، ولكن مايعنينا هو أهم بكثير وهو النجاح في واقع الميدان، والحقيقة المؤلمة أن حكمنا على كل العمل لن يتبين إلا بعد سنوات، فأخشى أن تكون الأرقام غشاوة قد تنقشع بعد سنوات عندما نبصر المخرجات وقد تهاوت وسقطت!. Your browser does not support the video tag.