رجل الأمن السعودي يعلم عن سر ويحمله كنجمة خفية على كتفيه، رتبة ترشقها نفحة مباركة من مكة، ففي كل العالم هناك أمن لكن رجال أمن الحج مختلفون وملهمون مسؤوليتهم حفظ الروحانية، سلامة الخشوع من التبعثر، اكتافهم وسائد لمن أغشاه الإعياء. في الصور الملتقطة شيء ساحر يستدعي الإعجاب والنظر إليه طويلاً، ويأتي السؤال ما الذي جعلهم كذلك بهذا الحنو والرحمة، فكأنما يعاملون كل حاج وكأنه الوحيد القادم إلى مكة. قدموا أحذيتهم لمن كان حذاؤه مهترئاً، ربطوا جأشهم جيداً حين حاول أحد أن يحله استفزازاً، حملوا الأطفال بأيديهم وعلى ظهورهم حملوا العجائز والشيوخ. شجعان المملكة قد قدموا بطولات في كل ساحة ومعركة من القضاء على الإرهاب إلى حفظ سلامة الحج وصولاً إلى الذود عن حمى الجار والوطن واستتباب الأمن في كل يوم وفي كل بقعة سعودية. تتعامل وتدير المملكة سنوياً واحداً من أكبر التجمعات البشرية في العالم والمستمرة على مدار أيام، الأمر لا يتعلق بإدارة الحشود التي لها طرقها ومهارتها فحسب، بل أيضاً ما يخص الصحة العامة والاستعدادات الطبية، وكذلك تنظيم المرور والتعامل مع وفود من كل الأرض بثقافات ولغات وعادات مختلفة وكذلك الاحترازات الأمنية من أعداء لهم مصالح خسيسة لإفساد هذا الجهد العظيم والشعيرة العظيمة. خصص خادم الحرمين الشريفين مقعداً في مجلس وزرائه لوزير معني فقط بشؤون الحج والعمرة يحمل في حقيبته الوزارية لهفة ملايين المسلمين وتوقهم للحج إلى بيت الله الحرام، يحضر خادم الحرمين في كل عام لأجل مهمة واحدة وهي الإشراف شخصياً على راحة الحجيج، كل التفاصيل مقدسة في هذه المهمة من أعلى الهرم إلى قواعده. عبر الطريق الذي لا يعبره إلا المسلمون وصولاً إلى مكة كل العاملين في الحج يدركون جيداً أنهم لا يعملون عملاً روتينياً بل هم يحتفون بضيوف الله الذين يعلمون جيداً أنه اختارهم لتلك المهمة فأخلصوا على أن ولاءهم له ثم لمليكهم والوطن. قال سمو أمير مكة معلقاً على موقف مشرف من أحد رجال الأمن: «أهنئ هذا الرجل وأهنئ أسرته والمجتمع الذي نشأ فيه هذا الرجل». ونحن كسعوديين نهنئ أنفسنا بحظوتنا لهذه المفخرة والتباهي بها. وكل عام وأنتم بخير.. Your browser does not support the video tag.