يأتي تمكين المرأة السعودية كأحد أهم ملامح رؤية المملكة 2030 والتي ما إن أعلن عنها حتى بدأت التحولات النوعية في مسيرتها تلامس شتى مجالات الحياة، لتتوالى بعد ذلك سبل تفعيل دورها اجتماعياً وقيادياً، وبكل ما يتناسب مع المرحلة الانتقالية والمفصلية في تاريخها. وبالنظر إلى وضع المرأة نجد أنها لعقود طويلة كانت أمام تحديات اجتماعية ونظامية على مستويات مختلفة، ومع ذلك استطاعت حقيقة إتقان كثير من المهارات العلمية والمهنية واكتساب الخبرات الحياتية، كما أثبتت قدرتها وجدارتها في كثير من المسؤوليات والمناصب التي نجحت في تحملها وإدارتها بكفاءة، متمكنة بذلك من إثبات هويتها الوطنية وتحقيق الاستقلال بكينونتها، ومن هنا لم يعد من الصعب أن يتم إسناد عدد من المناصب القيادية رفيعة المستوى ودعم وصولها إليها، وقبل أن يكون ذلك مطلباً وضرورة لإبراز جهودها الحقيقية أمام العالم جاءت الرؤية مؤكدة على دعمها ومؤمنة بدورها وتمكينها كأولوية وطنية مُلحة من خلال الإعلان عن عدة قرارات وخطط تستهدف تطوير قدراتها ومهاراتها لتكون جديرة بمنحها أدواراً أكبر بالمواقع القيادية التي تتهيأ اليوم لمزيد من التعيينات النسائية. ومنذ بداية انطلاقة برامج الرؤية تفرعت العديد من العناوين والفصول المليئة بالخطوات والمبادرات المتسارعة، وبكثير من الجدية والثقة ثبت حقاً أن لا مجال للتراخي عن تحقيق تلك الأهداف المهمة التي تضمن مشاركة أكبر وتمكيناً أكثر لشغل أعلى المناصب والدرجات الوظيفية في مواقع اتخاذ القرار، ومن هنا كان العنوان الأول والأبرز هو مطالبة الجهات الحكومية ترشيح الكفاءات النسائية المؤهلة لشغل مناصب في الإدارات والهيئات التابعة لها، كذلك تشجيعها للدخول إلى مجالات الأعمال والاستثمار، خاصةً مع استمرار المملكة في مسيرة الإصلاحات الاقتصادية، كما بدأت بشكل أكبر وفي مجالات أوسع بسلسلة من تعيينها بمناصب قيادية سياسية واقتصادية واجتماعية وتعليمية لسيدات كان طموحهن واجتهادهن كافياً لتحقيق ما وصلن إليه. عدة مناصب وتم للمرة الأولى في تاريخ المرأة السعودية تعيين سيدتين في مناصب رفيعة بوزارة الصحة والسفارة السعودية بواشنطن، كانت البداية بتعيين وزارة الخارجية لفاطمة باعشن كأول سيدة سعودية متحدثة باسم السفارة السعودية في واشنطن، ثم تعيين د. لبنى الأنصاري ضمن قيادات منظمة الصحة العالمية، كما عينت تماضر الرماح وكيلة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وكانت بهذا ثاني سيدة تتولى منصب وكيل وزارة في المملكة، وتكلفت بالإشراف العام على وكالة الرعاية الاجتماعية والأسرة، إضافةً إلى تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان وكيلة رئيس الهيئة العامة للرياضة للتخطيط والتطوير ورئيس الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية، ويوماً بعد الآخر تتوالى تعيينات كل امرأة سعودية تثبت تفوقها وتميزها واستحقاقها للمنصب، لتشمل تعييناتها أهم المجالات والقطاعات كقطاع المصارف كما شهدنا خلال العام الماضي تعيين سارة السحيمي رئيسة لمجلس إدارة شركة السوق المالية «تداول»، وتعيين رانية نشار رئيسة تنفيذية لمجموعة سامبا المالية، ولطيفة السبهان مديرة مالية للبنك العربي الوطني، وفي الجانب الاقتصادي أيضاً كانت هناك تعيينات مهمة تتم للمرة الأولى في تاريخ عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية كتعيين نشوى طاهر قنصلاً فخرياً لدى هولندا، باعتبارها من أهم رموز المملكة في المجال الاقتصادي والدبلوماسي، كما أصدر وزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي قراراً بتعيين سمر بنت مازن صالح ملحقاً تجارياً في الملحقية التجارية السعودية في العاصمة اليابانية طوكيو، لتكون أول امرأة تتولى منصب ملحق تجاري في تاريخ الوزارة، إضافةً إلى تعيين منى الزهراني كأول سعودية تتولى منصب نائب لأمين الغرفة التجارية بالطائف. تنمية شاملة ونظراً لوجود الحاجة الماسة لقيادات نسائية مُتخصصة في البلديات لتقديم خدمات متكاملة ومباشرة للسيدات تم تعيين إيمان الغامدي في منصب مساعد لرئيس بلدية الخبر، وتعيين نهلة صالح مظهر كأول رئيسة لبلدية نسائية، كما تم قبل أيام تعيين دليل الشمري كرئيسة لبلدية نسائية في منطقة الحدود الشمالية، ومن ضمن المناصب غير المسبوقة للمرأة منصب عمادة الكليات بالجامعات الحكومية، وبفضل من الله ثم قيادتنا استطاعت المرأة السعودية مع بواكير رؤية 2030 أن يتم تعيينها في هذا المنصب إذ كانت د .دلال نمنقاني أول عميدة لكلية الطب بجامعة الطائف، كما تم تعيين سيدة الأعمال هيا السنيدي عضواً في لجنة البرنامج الوطني للمعارض، ومن المؤكد حقيقة أن بشائر رؤية 2030 لن تتوقف عند هذا الحد من تقليد المرأة لهذه المناصب، إذ مايزال هناك المزيد من الفرص للوصول لمناصب قيادية أعلى من شأنها أن تعكس للعالم الصورة الحقيقية لحجم ثقة القيادة الرشيدة والتقدير الحقيقي للمرأة وإيمانها بدورها وأهمية إشراكها في عمليات التنمية الشاملة التي تعتمد المشاركة المتساوية بين المرأة والرجل، دون وجود لأي شكل من أشكال التمييز، إذ إن المعيار بينهما هو الكفاءة والقدرة على الاستمرار في التنمية والتطوير والإبداع، ولاشك أن تعطيل وتأخير استثمار هذه الخبرات دون مبررات واقعية هو تعطيل للتنمية بما لا يعكس حجم الجهود المبذولة من الدولة لإبراز مكانة وتميز المرأة السعودية وما تتمتع به من خبرات ومهارات عالية. قفزة واسعة وقالت أسماء الزهراني - عضو مجلس الشورى -: أخذ المغفور له - بإذن الله - الملك عبدالعزيز على عاتقه منذ توحدت البلاد على يديه أن يعود بنظام الحكم لما شرعه الله تعالى لرسوله المصطفى وخلفائه من بعده، أعني بذلك أن يكون الإسلام دستور حياة، شريعة وعقيدة لعمارة الأرض بالعلم والنهوض بالمجتمع المسلم ليصبح فاعلاً في الحضارة الحديثة لا متلقياً، وقد واجه - رحمه الله - تحديات كبيرة ليغير ما استقر عليه الناس في مجتمع الجزيرة العربية من مفاهيم مغلوطة، عطلت الوعي والنضج الفكري لمجتمعات المنطقة وعزلتهم عن العالم حولهم، وفي خضم هذه التحديات جاء تعليم المرأة، حيث واصل ملوك المملكة من بعده النهوض بالتعليم حتى حققت المملكة في عهد قصير قفزة واسعة قياساً بأنضج التجارب العالمية في النهوض بالتعليم، ونالت المرأة نصيبها وافياً إلى جانب الرجل في المنافسة على أعلى الجوائز العالمية في مختلف التخصصات ممثلة وطنها، مبينةً أن هذه النظرة الثاقبة للقادة ساعدت في التمهيد لما نحن عليه من تحديث مستمر ومتسارع للنظم والهياكل الإدارية في أجهزة الدولة، وهي جزء من رؤية تنموية شمولية تستهدف مواكبة التحولات العالمية في الاقتصاد والسياسة والثقافة، وكان للمرأة دور مهم في تجسيد تلك الرؤية، إذ قدمت المواطنات السعوديات نماذج في الحرص على التميز في مختلف المجالات، ما شجع القيادة على وضع خطة لاستثمار الكفاءات النسائية المميزة لتساهم في إدارة عجلة التنمية وصناعة القرار. نقلة نوعية وأوضحت بيان زهران - محامية - أن المرأة السعودية في الأعوام الأخيرة تعيش نقلة نوعية من عدة جوانب مهنية سواء على مستوى مواقع اتخاذ القرار أو من حيث الفرص التعليمية المتعددة والمهنية بالمجالات والأصعدة كافة، مضيفةً أن من أهم العوامل التي تساعد المرأة على النجاح أن تبدأ بنفسها من خلال اكتساب المهارات التطويرية سواء على المستوى الشخصي أو المهني، فمتى ما تسلحت بالأخلاق الرفيعة والعلم والخبرات المهنية ستستمر طموحاتها وتحقيق نجاحها في السمو، مهما واجهت من عوائق وصعوبات؛ لأنها ستستطيع من خلال ذلك الوصول لأعلى مراتب النجاح، مؤكدةً على أن دور الأسرة المعنوي مهم جداً في دعم المرأة أيضاً. ورأت فاطمة الريمي - مصرفية في بنك الراجحي - أنه لا يمكن لمنصف أن ينكر ما وصلت إليه المرأة السعودية من مكانة وما حققته من إنجازات تخطت الحدود المحلية إلى العالمية في مجالات علمية شتى، وقطاعات خاصة من مؤسسات وشركات، حيث أصبحت تدير أعمالها الخاصة بكل سرية وأمان، بفضل التقدم التكنولوجي لمواكبة عصرنا الحاضر، حيث أصبح لها دور فعّال بالمجتمع مشاركة لأخيها الرجل، لتثبت للعالم أجمع أنها رائدة لنهضة هذا الوطن الغالي، وبفضل ما يوليه ملك الحزم وولي عهده في تحقيق تطلعات المرأة وتذليل المعوقات كافة التي تواجهها. نجاحات متعددة وتحدثت هيا المبارك - باحثة الدكتوراه في مجال الاتصال التسويقي - قائلةً: إن المرأة حققت في الآونة الأخيرة نجاحات متعددة بخطى واثقة، وذلك بتبوئها مراكز قيادية في العديد من الوزارات والهيئات الحكومية والقطاع الخاص والعمل الأكاديمي والمهني، كما أنها أصبحت شريكاً مهماً في العديد من الهيئات والجمعيات كالغرف التجارية، والأندية الأدبية، وغيرها من المجالات، وهناك العديد من النماذج التي يفخر بها الوطن من النساء السعوديات اللاتي يشغلن مناصب رفيعة ومهمة في مختلف المجالات والتخصصات، مضيفةً أن هناك تطوراً ملحوظاً في عملية تمكين المرأة من شغل المناصب القيادية، بدءًا من وصولها إلى مجلس الشورى ومشاركتها في القرار السياسي والاجتماعي، وكذلك مشاركتها في الانتخابات البلدية كمرشحة وناخبة وغيرها من المناصب القيادية الآخرى، مشيرةً إلى أن المرأة أثبتت نجاحها وتميزها في العديد من المناصب المهمة، وتحظى بدعم كبير من قبل حكومتنا الرشيدة، وذلك بتمكينها من شغل مراكز مهمة وقيادية، وهذا ما يؤكد أهمية تمكين المرأة في جميع المجالات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية باعتبارها عنصراً أساسياً وفاعلاً في المجتمع. أسماء الزهراني Your browser does not support the video tag.