تشكلت صورة ذهنية عن إنسان اسمه المواطن الخليجي، اقترنت هذه الصورة من جهة بالنفط ومن جهة أخرى بالاستقرار السياسي والاجتماعي، صارت تتمثل في الذهن بالثوب أو الدشداشة وبقية الملابس المعروفة عند أهل الخليج والتي تميزهم عن بقية العرب، ويمكن أن نعيد تطوير إحساس أهل الخليج بتقاربهم وارتباطهم إلى كرة القدم، اقترح الأمير خالد الفيصل في أواخر الستينيات عندما كان المسؤول عن رعاية الشباب فكرة مسابقة في كرة القدم ونفذت في العام 1970 في دولة البحرين باسم كأس الخليج العربي ثم عقدت الجولة الثانية من البطولة في المملكة، وتتالت بعد ذلك دورات الخليج. بدأت هذه الدورة بأربعة منتخبات هي المملكة والبحرين وقطر والكويت. وفي السنوات التالية انضم إليها دول أخرى عمان والإمارات والعراق، بانضمام العراق شعر الخليجيون أن ما يميزهم كخلجيين ليس فقط الدشداشة ولكن كثيراً من التقاليد، كان العراق قبل انضمامه للخليج يصنف ضمن عرب الشمال أو الهلال الخصيب، بسبب الموقع الجغرافي ونظام الحكم وارتداء العراقيين في المشهد الرسمي الملابس الفرنجية، ولكن مع بداية دورة الخليج بدأ العراق يظهر وجهه الخليجي أكثر وأكثر حتى في الملابس، ساعد على ذلك امتلاك العراق مخزوناً نفطياً سرع في التنمية شابه به بقية دول الخليج، ناهيك عن اللهجة العراقية التي تشبه لهجات الخليج وخصوصاً الكويتية، كانت كل الظروف والأحداث تقرب العراق من مجلس التعاون الخليجي، اقترح عدد من الكتاب التحاق العراق بمجلس التعاون الخليجي الذي انطلق العام 1981. عندما اندلعت الحرب بين العراقوإيران وقفت دول الخليج إلى جانب العراق ومدته بالمال والسلاح والدعم السياسي والإعلامي، انتهت الحرب وعاد الجنود إلى منازلهم وبدأ الشعب العراقي يلملم أشتاته التي تبعثرت، لكن الآفة التي أصابت العراق في العام 1958 فيما عرف بانقلاب عبدالكريم قاسم ظهرت مع أول خلاف، فشل صدام حسين في الخروج من عقلية العسكر التي أوصلته للحكم رغم أنه لم يكن عسكرياً، حلت الرعونة مكان الحكمة فانقض بجيشه على الكويت دون أن يدرك أن الكويت جزء من الخليج لينسف كل جسور العراق مع الخليجيين. من يظن أن الاحتلال الأميركي هو سبب تغلغل إيران في العراق لم يفكر في جذور المشكلة، الغزو الأميركي للعراق هو ثمرة غزو صدام حسين للكويت، وغزو صدام حسين للكويت هو ثمرة انقلاب 1958 فكان من نتائجه أن فقد العراق تماسكه وفقد مناعته كدولة ذات سيادة. اليوم إلى أي حد يمكن تصنيف العراق دولة خليجية، تمزق العراق إلى ثلاثة كيانات ثقافية وصراع طائفي شبه مسلح، يسعى لاعبو هذا الصراع إلى دفع العراق بعيداً عن محيطه الخليجي على المستوى الثقافي وليس السياسي فقط. الارتداد الشعبي الدائر اليوم داخل المكون العراقي المتمثل في نقد الطائفية والتشهير بالتدخل الإيراني هل ينطوي على يقظة تعيد العراق إلى عراق السبعينات الخليجي؟ Your browser does not support the video tag.