أتيحت لي الفرصة عندما كنت طالباً في جامعة مانشستر ببريطانيا للتعرف على بعض صخور ومعادن القمر، التي كانت تحتفظ بها الجامعة هناك، والواقع أن الصخور القمرية قد حظيت بدراسات وأبحاث واسعة من عدد كبير من الباحثين من مختلف التخصصات العلمية، وخاصة من النواحي الكيميائية والجيولوجية. وقام عدد من العلماء بدراسة العينات القمرية التي جمعها رواد الفضاء من سطح القمر، وخاصة أثناء رحلة أبولو 11. ومن أهم مصادر الصخور القمرية العينات التي أتت بها بعثات أبولو الأميركية، وكذلك بعض العينات الخاصة برحلات الفضاء غير المأهولة من خلال مركبات الفضاء الروسية «السوفيتية سابقاً»، كما أن هناك بعض العينات التي وجدت على سطح الأرض على شكل نيازك قمرية، نتيجة اصطدام النيازك بسطح القمر. وقد تم جمع أكثر من 2400 عينة قمرية تزن أكثر من 380 كيلوغراماً، معظمها جمعت خلال رحلات أبولو 15، وأبولو 16، وأبولو17. وقد تمكن الجيولوجيون والباحثون من جمع 90 نيزكاً قمرياً على الأرض، بدءاً من العام 2006، ويبلغ وزنها أكثر من 30 كيلوغراماً. وتتميز الصخور القمرية بأن أعمارها أقدم من أعمار صخور قشرة الأرض، حيث تصل أعمارها إلى قرابة 4.6 بلايين عام، وهي الصخور التي جمعت من المرتفعات القمرية. وتمثل هذه الصخور عينات قديمة جداً من الفترة المبكرة لتكوين النظام الشمسي. أما العينات الأخرى فتصل أعمارها إلى قرابة 3.2 بلايين عام. وتتشابه الصخور القمرية بالنسبة لنظائر الأكسجين المشعة، لكن هذه الصخور تقل فيها كثيراً نسبة بعض العناصر الكيميائية مثل البوتاسيوم والصوديوم، وتفتقد تماماً إلى الماء. وهناك بعض المعادن الجديدة التي وجدت في بعض الصخور القمرية، ومنها معدن آرمالكولايت (armalcolite) والذي يأتي اسمه مشتقاً من أسماء رواد الفضاء الأميركيين الثلاثة في رحلة أبولو 11، وهم إرمسترونج، وألدرين، وكولينز. وفي مركز كينيدي للفضاء (Kennedy Space Center) يمكنك أن تلمس قطعة من القمر، وهي عبارة عن صخرة قمرية موجودة بالقرب من مكان وجود الزوار. ومن خلال تركيب الصخور القمرية يبدو أن القمر أقل تجانساً بكثير من صخور قشرة الأرض، كما أن كمية عنصر التيتانيوم في الصخور البازلتية القمرية ربما تكون أكثر تركيزاً في كمية التيتانيوم من الصخور البازلتية على سطح الأرض. بقيت كلمة أخيرة وهي عندما تتاح لك الفرصة لتلمس أقدم عينة من الصخور القمرية، فإنك تنظر من خلال نافذة شفافة لكيمياء القمر، ويعود بك الزمن لأكثر من 4.6 بلايين عام.. ببساطة منذ نشوء النظام الشمسي.. والله أعلم. Your browser does not support the video tag.