إلى متى تبقى بلادنا في مرمى حملات الكراهية والأضاليل التي تقودها دويلة الشر ومرتزقتها من عرب وأجانب؟ لماذا ليس لدينا خطاب إعلامي مضاد في الداخل والخارج لفضح الأضاليل ومحاسبة مروجيها؟ كلما اشتدت على حكام قطر وطأة العزلة، أمعنوا في تأليف الأكاذيب التي سرعان ما تتضح حقيقتها، ومع ذلك يستمرون في تأليفها لأنه لا وسيلة لديهم غيرها، تماماً كما يفعل الأطفال والنسوة الجاهلات، فالكذب سلاح الضعيف الذي لا يملك حججاً وبراهين ساطعة لإدانة الخصم. لذا لم تعد تثير استغرابنا تلك الأكاذيب التي يخترعونها بين الحين والآخر بلا حياء ولا خجل من انكشافهم، ولم يكن الحديث المفبرك الذي نسبته صحيفة الشرق القطرية لوزيرة الدفاع الألمانية على هامش قمة الناتو آخر تلك الأكاذيب، حيث زعمت الصحيفة أن الوزيرة تتعاطف مع قطر كونها ضحية مقاطعة سعودية إقليمية، وأنها تعرضت لظلم من بعض جيرانها. وقد نفت السفارة الألمانية في الرياض الحديث المزعوم مؤكدة أن ذلك لا أساس له من الصحة، وقد مثل هذا النفي صفعة قوية لدويلة قطر، التي أدمنت الكذب والتدليس، حتى صار ذلك زادها اليومي الذي لا تستطيع العيش إلا به، لأنه صار عقيدة راسخة تلبس بها معظم مسؤوليها وإعلامييها، أملاً في تشويه بلادنا، لكسب تعاطف الرأي العام العربي والدولي، والظهور بمظهر من لا يبالي بالمقاطعة، حدّ اللعب بكل الأوراق للتخفيف من آثار عزلتها. ونظراً لقرب موسم الحج فقد بدأت الآلة الإعلامية القطرية وعدد من مسؤوليها بالادعاء أن بلادنا تسيس الحج، وتضيق على الحجاج القادمين من قطر. والحقيقة أن قطر هي التي تمنع حجاجها من أداء الفريضة خوفاً من معرفتهم حجم الأكاذيب التي عيشوهم بها، ولكي يصدوا الشعب القطري عن أداء الفريضة كتبت زوجة تميم تغريدة تحذر فيها القطريين من الذهاب إلى الحج لأنهم سيتعرضون لمضايقات بقولها: «مكة ليست مستقلة كالفاتيكان، هي تابعة للسعودية والسعودية اليوم اختارت أن تعادينا، وهي تمنعك من دخول أراضيها طوال العام لأنها تعتبرك خطرًا على أمنها»! إن واحدة ساذجة كتلك لا يمكنها أن تقول هذا من تلقاء نفسها، فهي تلقن ما تمليه عصابة الحمدين ومستشاريهم كالصهيوني عزمي بشارة والكويتب عبدالله العذبة. وفي السياق نفسه نقلت صحيفة الشرق القطرية عن مصدر -لم تسمه- قوله: «لا نريد أن نعرض حجيجنا لمضايقات واستفزازات كما حدث خلال أيام العمرة، كما أننا لا نضمن سلامتهم»! يُكذّب هذا الادعاء عدد كبير من القطريين الذين أدوا العمرة في شهر رمضان المنصرم بيسر وأمان أشادوا هم أنفسهم به، ولم يتعرضوا لشيء مما يزعمه حكامهم، فبلادنا حكومة وشعباً لم يحدث أن ضيقت على أيّ حاج، وقطر تعرف هذا لكنها دأبت على صنع الأكاذيب والتعمية على الحقائق إمعاناً في تشر الأضاليل للتغرير بشعبها، والجميع يعلم أنه على الرغم من الاختلاف السياسي بين بلادنا وإيران، ومحاولاتها دائماً نشر الرعب والإرهاب بين الحجاج، وما يقوم به بعض حجاجها من سلوكيات استفزازية، وممارسات خاطئة، إلا أن بلادنا لم تمنع أي حاج إيراني من أداء المناسك، بل توفر لهم ولغيرهم من مختلف الجنسيات كل السبل التى تمكنهم من أداء مناسكهم بيسر وطمأنينة. ما زلت أرى خطابنا الإعلامي لا سيما على القنوات الفضائية الحكومية ضعيفاً جداً، تجاه ما يكال لبلادنا من اتهامات وأكاذيب، كذلك فيما يخص الترويج للجهود التي تقوم بها بلادنا من خدمات للحجاج، من مشروعات عملاقة في المشاعر وفي الحرمين الشريفين. شاهدت في شهر رمضان الماضي فيلماً وثائقياً جميلاً جداً في قناة ام بي سي، لأحمد الشقيري، بعنوان: إحسان من الحرم - مكة.. استعرض فيه كثيراً من الخدمات في المسجد الحرام التي نحن المواطنون لا نعرف عنها شيئاً! وهنا يحق لنا أن نتساءل أين قنواتنا التلفزيونية من إعداد أفلام وثائقية من هذا النوع؟ فلو أعدّ فيلم كهذا في كل عام، وترجم إلى عدة لغات، وبُث في عدد من دول العالم قبيل موسم الحج أو بعده كمادة إعلانية، لاستطعنا إخراس كثير من الأبواق الحاقدة، وأطلعنا العالم كله على حجم الجهود الجبارة التي تقوم بها بلادنا خدمة لحجاج بيت الله الحرام. فهل تتولى وزارة الإعلام مثل هذا العمل؟ فلقد نجحت دويلة قطر على الرغم من إجماع العالم على إرهابها، في الترويج لنفسها في الإعلام الخارجي، في الوقت الذي عجزنا نحن عن نشر ما تؤديه بلادنا من أعمال جليلة خدمة للحجاج، وتصحيحاً لما يروجه دعاة الفتنة ضدها. تحاول قطر منذ العام الماضي استنساخ المواقف الإيرانية الداعية إلى تسييس الحج، مرة بادعاء مضايقة الحجاج، ومرة بالدعوة إلى إشراف دولي على مكة والمدينة، ومرة بالتساؤل عن أموال الحج وأين تذهب؟ ذلك التساؤل الخبيث الذي يرفعه ضد بلادنا كل ذوي النفوس المريضة المملوءة حقداً وكراهية، الذين يغمضون أعينهم عمّا تصرفه بلادنا منذ سنوات طويلة على مشروعات الحج التي لا يوجد بعضها حتى في الدول المتقدمة، لكن مرضى النفوس يزعمون أنها تدخل في خزينة الدولة، وقد اعتدنا على سماع هذا من كل موتور يكن لنا حقداً كما فعل أحد رجال الدين التوانسة منذ أسابيع. وإمعاناً من دويلة قطر في الكيد قدمت إحدى قنواتها برنامجاً استضافت فيه بوقين من الأبواق التي استمرأت الأضاليل تحت وهج الأموال القذرة التي تصرفها قطر على العملاء، فتساءل أحدهما قائلاً: أين تذهب أموال الحجاج؟ ثم أجاب لو افترضنا أن ما ينفقه الحجاج في عدة أيام يساوي ستة مليارات -ولم يحدد أهي بالريال أم بالدولار- لو انفقت على فقراء العالم الإسلامي لما بقي فقير اليوم! بل إن هناك من يزعم أن بلادنا مسؤولة عن ارتفاع الأسعار والتكلفة الباهظة بالنسبة لفقراء المسلمين، ويتناسون مسؤولية شركات السياحة وشركات الطيران وكل ما تعاقدت عليه حملات الحج في بلدانهم، ما يعني أنه إذا كانت هناك مبالغة في الأسعار فنحن لسنا مسؤولين عنها ليحملونا وزرها، كذاك الصحفي المأجور الذي قال إن بلادنا تتحمل وزر المسلم الفقير الذي لا يملك المال الذي يمكنه من تأدية فريضة الحج. متجاهلاً أن كثيراً من الحجاج الفقراء ومنهم مرضى ومسنون يأتون للحج فينالون أفضل تطبيب وعلاج وإعاشة، لكنها عين الحقد التي تحجب كل فضيلة. ختاماً؛ إلى متى تبقى بلادنا في مرمى حملات الكراهية والأضاليل التي تقودها دويلة الشر ومرتزقتها من عرب وأجانب؟ لماذا ليس لدينا خطاب إعلامي مضاد في الداخل والخارج لفضح الأضاليل ومحاسبة مروجيها؟ Your browser does not support the video tag.