مجرد سماع كلمة «السرطان» لها تأثير مرعب في مجتمعنا، وهذه الكلمة قد تسبب مخاوف وردة فعل قوية، وقد يكون المرض مرتبطاً بذكرى سيئة، لكن في معظم الأحيان يكون الخوف بسبب ارتباط هذه الكلمة ذهنياً بنتائج هذا المرض وتهديده لحياة الإنسان، لدرجة أن كثيراً من الناس يتجنب استخدام كلمة السرطان ويستبدلها «بالخبيث». رحلة هذا المرض تأثيرها ليس فقط على الجسد، بل لها آثار نفسية وضغوطات على المصاب وأهله، فخبر الإصابة بهذا المرض الخبيث ليس بالخبر السهل تقبله حتى عندما يكون عند المريض شك، وقد يشعر المريض حينها أنه فقد السيطرة على جسده وحياته. عند المعرفة بالتشخيص فإن المريض يمر بمراحل تلقي وتقبل الخبر، هناك فروق شخصية عند المرور بمراحل تقبل المرض، وهي غير محددة بترتيب ولا بفترة زمنية معينة، فكل شخص له ردة فعل مختلفة حسب شخصيته، حالته النفسية ووجود أو انعدام الدعم الأسري، والمرور بهذه المراحل يعتبر طبيعياً حتى يتمكن المريض من تجاوز العقبات النفسية وتقبل المرض، والمراحل هي: الصدمة والنكران، فالصدمة عند سماع الخبر وعدم تصديقه هو النكران وهذه المرحلة مؤقتة ولكنها تخفف عن المريض ألم الخبر. تليها مرحلة الغضب وفي هذه المرحلة يكون التعامل مع المريض صعباً نوعاً ما، فهو يبدأ باستيعاب الواقع ويفرغ ألمه على شكل غضب على المقربين له، وأحياناً على الطبيب المشخص لحالته، يلي ذلك مرحلة الجدال، وهنا يحاول المريض استرداد السيطرة على الأمور وإيجاد بدائل أو البحث عن إجابات منطقية، مثلاً التفكير في أخذ رأي طبيب آخر أو البحث عن علاج بديل. ثم تأتي مرحلة الاكتئاب، حيث يصيب الشخص حزن شديد ويبدأ في الانعزال، وقد يهمل الشخص حياته اليومية مثل العمل، المهام، الأنشطة، وهذه المرحلة قد تؤثر على المريض في مرحلة العلاج، فقد يفقد المريض شهيته للأكل أو يعاني من اضطراب في النوم أو إهمال للأدوية أو المواعيد. وأخيراً مرحلة التقبل، وهنا يتقبل المريض الواقع ويتعايش معه لاستمرار الحياة، وهناك مخاوف أخرى قد يواجها المريض مثل الخوف من العلاج، الألم، التغيرات الجسدية، أو الخوف من الموت، وهناك من يخاف من معرفة الناس بمرضه ويفضل إبقاء الخبر سراً، والبعض قد يخاف من أن يكون مرضاً وراثياً ويصيب أحداً من أهله، ومعظم هذه المخاوف تعتبر ردة فعل طبيعية لحد ما، لكن عندما تستمر هذه المخاوف ويبالغ فيها ويصبح الشخص غير قادر على التحكم بها، هنا تسوء الأعراض وتصبح اضطراباً نفسياً. ويعد الاكتئاب من الاضطرابات النفسية المصاحبة لمرض السرطان، وهو من اضطرابات المزاج، الشعور بالحزن المستمر، فقدان الشعور بالمتعة، اضطراب في النوم والأكل، أرق، صعوبة في التركيز، الشعور باليأس، وأحياناً التفكير في الموت، كذلك القلق وهو شعور مستمر بالقلق أو الخوف، التوتر المبالغ فيه، صعوبة في التحكم بالقلق، الانفعال السريع، أرق، اضطراب في النوم، وأيضاً اضطراب ما بعد الصدمة بسبب التعرض لهذا الحدث الشديد، ويبدأ في استرجاع صور من الماضي (flashbacks)، تجنب الأشياء أو الأماكن التي تذكره بالحدث، اعتقادات وأفكار سلبية مبالغ فيها، أحلام مزعجة، ففي حالة ظهور أي من هذه الأعراض واستمرارها وتأثيرها على حياة الشخص اليومية ومرحلة العلاج، فهنا لا بد من تدخل الطبيب النفسي أو المعالج النفسي، ويكون العلاج عن طريق الأدوية في بعض الحالات، والجلسات النفسية التي تتبع خطة علاجية. إن قبول المرض والتأقلم معه ليست بمرحلة سهلة، لكنها مرحلة مؤقتة، ونتذكر أنه ليس علينا أن نتألم وعلينا أن نواجه مخاوفنا لوحدنا، فوجود من نحب حولنا يقدم لنا الدعم النفسي والمعنوي الذي يساعدنا في محاربة هذاالمرض. * قسم الصحة النفسية الحالة النفسية لمرضى السرطان Your browser does not support the video tag.