في الآونة الأخيرة، بدأنا نلحظ عديدا من التغيرات السلوكية واللفظية الصادرة من أطفالنا، التي في الغالب تكون سلبية إلى حد كبير، ما يؤثر في الجو العام، ويساعد على تباعد الأشخاص، وحدوث بعض الفجوات في التواصل الاجتماعي بين الأفراد، خلافا للأدب والذوق العام في التعامل، الذي توارثناه جيلاً بعد جيل كاحترام الكبير، والمجاملات مع الأقران، والحرص على القيم والروابط الاجتماعية، وقد يجهل بعض الآباء سبب هذه التصرفات أو هذه الكلمات البذيئة الصادرة من طفله، على الرغم من أن طفله لا يغادر المنزل كثيراً، فلا بد من وجود مصدر خارجي يؤثر في تصرفات وأفعال هذا الطفل. وأحد أهم هذه المصادر هو ألعاب الفيديو أو الألعاب الرقمية، التي قامت منظمة الصحة العالمية أخيراً بتصنيفها على أنها مرض جديد يضاف إلى قاموس الطب العالمي، ويسمى الاضطراب الناجم عن اللعب بعد الإجماع على مخاطر إدمانها. فما الاضطراب الناجم عن اللعب؟ يُعرّف الاضطراب الناجم عن اللعب في مسوّدة المراجعة الحادية عشرة للتصنيف الدولي للأمراض بأنه نمط من سلوكيات اللعب («اللعب بالألعاب الرقمية» أو «اللعب بألعاب الفيديو»)، التي تتميز بضعف التحكم في ممارسة اللعب، وزيادة الأولوية التي تُعطى للعب على حساب الأنشطة الأخرى إلى حد يجعله يتصدر سائر الاهتمامات والأنشطة اليومية، ومواصلة ممارسة اللعب، أو زيادة ممارسته رغم ما يخلّفه من عواقب سلبية، وذلك حسب مصادر منظمة الصحة العالمية. وقد يسفر هذا الاضطراب الناجم عن اللعب، عن ضعف كبير في الأداء الشخصي أو الأسري أو الاجتماعي أو التعليمي أو المهني أو مجالات الأداء المهمة الأخرى، ومن المخاطر الناجمة عن ألعاب الفيديو أو الألعاب الرقمية الاحتكاك مع شخصيات افتراضية لا يعرفها الطفل، ما ينجم عنها استقبال المعلومات أو الألفاظ البذيئة، أو التصرفات والأفعال التي هي في الغالب تكون سيئة، ويقوم الطفل بتطبيقها على من حوله في الحياة الواقعية باعتبارها تصرفات طبيعية، فنجد التأثير الناتج عن هذا الاحتكاك مع الغرباء على ألفاظ وسلوكات الطفل. ومن المخاطر الناجمة أيضاً عدد الساعات المتواصلة التي يقضيها الطفل أمام ألعاب الفيديو، ما يؤدي إلى فقدان الشخص الاهتمام بكثير من الهوايات واستبدالها بقضاء الوقت في المنزل، ما يشكل انعزالاً كلياً عن العالم والمجتمع المحيط به، وفقدان الشعور بالحياة الحقيقية، وهذا الشعور يشابه أنواع الإدمانات الأخرى، كإدمان المخدرات والقمار.. وغيرهما، التي تجعل من المدمن يفضل المواد المدمن عليها على المجتمع المحيط به. ولا ننسى المخاطر الصحية، التي قد تسببها ألعاب الفيديو، فالإشعاع الصادر من شاشة العرض قد يؤثر في شبكية العين، والعمود الفقري قد يصاب بالانحناء نتيجة الجلوس وقتا طويلا أمام شاشة العرض، أما الأيدي فقد تصاب بالضرر نتيجة الاستخدام المفرط لها، وأهم المخاطر الصحية هي السمنة التي تعتبر المسبب الرئيس لعديد من الأمراض، منها القلب والسكري. ومن هنا يجب على الآباء والأمهات حماية الأطفال من أضرار هذه الألعاب، وذلك عن طريق اتباع بعض الخطوات لتصحيح المسار، ومن هذه الخطوات: تحديد أوقات معينة للعب، وذلك للحد من الإدمان الذي قد ينتج عن هذه الألعاب، وأيضا تحديد اللعبة المناسبة لعمر الطفل كما هو موضح على غلاف كل لعبة، ومعرفة الأشخاص الذين يتواصل معهم الطفل في هذا العالم الافتراضي، وفي الختام محاولة زيادة النشاطات الحركية للطفل، وذلك بعمل برنامج يومي يتم فيه الذهاب إلى النادي الرياضي، أو ممارسة إحدى الهوايات المفضلة لديه، فأطفالنا أمانة لدينا، ومن واجبنا حمايتهم من كل المخاطر التي قد تؤثر فيهم سلباً. قسم التثقيف الصحي للتواصل عن طريق البريد الإلكتروني: [email protected] Your browser does not support the video tag.